الفرق بين السياسة الإسلامية والإسلام السياسي
منذ أن وجدت الخلائق نشب الصراع من أجل البقاء، وكان دائماً البقاء للأقوى، وليس مستغربا ذلك على سائر الخلائق عدا الإنسان، فكل هذه الكائنات مصيرها الفناء، وأقدارها تنتهي بانتهاء الدنيا
منذ أن وجدت الخلائق نشب الصراع من أجل البقاء، وكان دائماً البقاء للأقوى، وليس مستغربا ذلك على سائر الخلائق عدا الإنسان، فكل هذه الكائنات مصيرها الفناء، وأقدارها تنتهي بانتهاء الدنيا
الجمعة - 21 مارس 2014
Fri - 21 Mar 2014
منذ أن وجدت الخلائق نشب الصراع من أجل البقاء، وكان دائماً البقاء للأقوى، وليس مستغربا ذلك على سائر الخلائق عدا الإنسان، فكل هذه الكائنات مصيرها الفناء، وأقدارها تنتهي بانتهاء الدنيا.
وتميز الإنسان عن هذه المخلوقات بأن مددت أقداره إلى ما بعد هذه الدنيا، وجعلت له حياة أخرى، ولكن لم يتميز بها عن غيره إلا وقد اشترط عليه شرطا ألا وهو أن يكون له مبدأ.
وقد سخرت له السبل كالعقل والتشريعات السماوية لكي تساعده على إقامة مبدئه وتنفيذ قوانين هذا المبدأ.
ولكن سرعان ما استكثر البعض من سلالة هذا الإنسان المدة التي سيقضونها في سبيل الوصول إلى الحياة الأخرى، واكتفوا بأن يعيشوا حياة سائر الخلائق، وأن تكون حياتهم واحدة فقط! ولكن المبدأ الأساسي كان يؤرقهم ولا يخدم مصالحهم في هذه الحياة، فهو لها ولما بعدها وهم كما ذكرت متشبثون بها فحسب، فاستحلوا كل السبل التي من شأنها أن تخدم مصالحهم في إجهاض هذا المبدأ وتبديد أي جهود قائمة على إقامته.
وكانوا في كل زمن يجيئون بصبغة مختلفة تتواكب مع متطلبات عصرهم والظروف المحيطة بهم، إلى أن رأيناهم في زمننا هذا يتخذون صبغة الدين ويلبسون عباءته كي يخيلوا للناس أن ما نفعله أمرا يهم دينكم و دنياكم وأن يكسبوا تعاطف كثيرين ممن لم يفقهوا عن الله عز وجل حين دعاهم إليه.
وهنا قاموا بعكس المفردات التي شرعها ربنا لنا على لسان رسوله الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم حين أقام السياسة الإسلامية العادلة، والتي نظرت إلى الناس سواء وإلى العدل أساساً فأقامته، وإلى الظلم منكراً فأزاحته، وعبدت الطريق لنا وذللت السبل فيسر علينا كثير من العناء للوصول إلى هدفنا ومبتغانا وهو الحياة التالية.
وفي عكسهم لهذه المفردات أصبح المعنى الاصطلاحي مختلفاً جدا على أنه لم يختلف كثيراً في اللغة.
فأصبح الإسلام السياسي - الذي صنعوه - هو الذي يحتل الصدارة في كل واقعة تحدث، ونقل الصورة مشوهة عنه فنفر منه كثير رغم أن الإسلام الحقيقي سابقاً دخل إلى شرق آسيا بلا سيف ولا رمح وإنما بسماحة تعاليمه وأخلاق معتنقيه.
وهنا نجد أن هؤلاء كثيرون ومختلفون في جنسياتهم و أفكارهم وطبيعة مبتغاهم.
وأصنفهم كإدارة تتبعها أقسام لكل قسم مهمة معينة يقوم بها على أكمل وجه وإن اختلفت مبادئهم وطموحاتهم.
فنجد على رأس الهرم من تحدثنا عنهم أولاً وهم أصحاب المصالح الدنيوية والذين تعبوا من فكرة انتظار ما وعد الله به وحاربوا كل ما شرعه الله لعباده، وقد أعجبوا بفكرة تشويه سمعة الإسلام لأنها من أنجح الطرق وأسرعها وأكثرها فعالية في تحقيق مآربهم.
يلونهم بعض أصحاب المراكز المهمة في العالم والتي تهتز خوفاً لمجرد سماعها عن عدالة الإسلام المناقضة لتعاملاتهم.
أيضاً هناك فئة قد غرر بها وتمت إعادة تهيئة عقولها وزيفت لها وعود الإسلام وقدمت بثمن مخالف لما هو في الواقع، وقيل لهم أن قتلكم للناس- و قد أسموهم كفاراً! - سواء بتفجيركم لأنفسكم أو بأي وسيلة أخرى هو فوز لكم و نعيم أبدي - ما أخبث هذه الطريقة التي لم تخف فكرة المبدأ الأساسي عن هؤلاء المغرر بهم ولكن عكست مضمونه فقط - فصار مشيهم في الأرض قتل وركضهم حرب ووقوفهم ينذر عن خطر قادم.
كل هذه الأقسام على خطورتها إلا أنها لا تضاهي النوع التالي خطراً وهو الأسوأ بينهم من وجهة نظري وقد أسميته بـ (النوع الجامع)، فهو يأخذ تعليماته المباشرة وغير المباشرة من النوع الأول، وهدفه خدمة مصالحه كالنوع الثاني، وقد غرر به كالنوع الثالث ولكن يختلف عنه في أهدافه المادية، وخطورتهم تكمن في وجودهم داخلنا في كل مجتمع يظهرون على أنهم هم من لا تعنيهم الدنيا في شيء وأنهم يطمحون لصلاح العامة وأن الدين الإسلامي يأمر بكذا وكذا وهو في الحقيقة بريء منهم كبراءة الذئب من دم ابن يعقوب.
كل دين سماوي سابق حورب في وقته كما يحارب الإسلام من هؤلاء الآن، وإيماني بأن هذا الدين العظيم هو آخر الأديان من الله عز وجل يجعلني أؤمن بانتصاره ولو تأخر هذا الانتصار، ولو أن الله لم يجعل هذا الدين هو الأخير وشرع ديناً بعده لوجدنا من تحدثنا عنهم قد نصبوا شباكهم وغيروا أساليبهم فقط لتحقيق نفس الهدف.