المرأة.. من التعطيل إلى العطاء
تاريخيا وعلى مدى قرون سحيقة، يشير الكثير من الباحثين والمهتمين بدراسة المرأة في المجتمعات الحديثة إلى ارتباط تأثير العامل الاقتصادي بوضع المرأة في الأسرة والمجتمع.
وهو مرتبط في الأصل بوضع المرأة
تاريخيا وعلى مدى قرون سحيقة، يشير الكثير من الباحثين والمهتمين بدراسة المرأة في المجتمعات الحديثة إلى ارتباط تأثير العامل الاقتصادي بوضع المرأة في الأسرة والمجتمع.
وهو مرتبط في الأصل بوضع المرأة
الثلاثاء - 18 مارس 2014
Tue - 18 Mar 2014
تاريخيا وعلى مدى قرون سحيقة، يشير الكثير من الباحثين والمهتمين بدراسة المرأة في المجتمعات الحديثة إلى ارتباط تأثير العامل الاقتصادي بوضع المرأة في الأسرة والمجتمع.
وهو مرتبط في الأصل بوضع المرأة والرجل على حد سواء، فمن يعمل كثيراً يحصد كثيراً وبالتالي يصبح اقتصاديا واجتماعيا أرفع مكانة مقارنة بغيره.
كما أن المتكاسل عن العمل غالباً ما يكون أقل حظاً من غيره في كل شيء في الحياة.
وهذه سنة كونية مُرتبطة برحلة الإنسان التاريخية على وجه الأرض.
غير أن الأمر مُختلف إلى حد ما مع وضع المرأة وذلك بسبب أن ما حدث تاريخياً هو أن المرأة في مرحلة ما اضطرت إلى الاستسلام حيث أسلمت نفسها وأولادها للرجل لأسباب بيئية وأمنية.
ولكنها أطالت من فترة استسلامها إلى أن اعتادت الأمر وآمنت أن هذا هو مكانها الأساس، وأنها بدون حماية الرجل عاجزة ولن تقوى على الحياة ولا على حماية عائلتها.
وبالتالي استمر وضع المرأة متدهوراً عصوراً كثيرة، فمن الاضطهاد النفسي والجسدي إلى مساواتها بالأنعام والدواب والمتاع، مثل باقي ممتلكات الرجل.
يقول ابن رشد يصف وضع المرأة في بعض المدن الإسلامية في عصره «وإنما زالت كفاية النساء في هذه المدن لأنهن اتخذن آلة للنسل دون غيره، أو للقيام بخدمة أزواجهن» ولا شك أن الإنتاج والعمل من أهم الأدوار التي يقوم بها الإنسان تجاه مجتمعه وعشيرته وعائلته ولكن حين يتوقف الإنسان عن الإنتاج يُصبح مصيره يؤول لمن يتولى مسؤولية رعايته.
يقول إنجلز في كتابه أصل العائلة «إن عبودية المرأة قد ولدت يوم كفّت هذه الأخيرة عن إنتاج مفيد ومنتج بالنسبة للمجتمع برمته».
ويكشف تحليل الكسندرا التاريخي أن وضع المرأة مُرتبط بوضعها الاقتصادي، فمتى ما قدمت عملاً مُنتجاً مُفيداً للمجتمع استحقت الاحترام، والعكس صحيح.
وهو ما ينطبق تماماً في واقعنا الحالي، فالمرأة العاملة أوفر حظا وتتمتع بصلاحيات أكبر في إدارة حياتها وتمتلك حرية شخصية أكثر من المرأة الخاضعة لرجل يعولها.
والفكرة ببساطة يُمكن أن تُصاغ بارتباط العمل والإنتاج الحضاري في وضع المرأة الاجتماعي والسياسي والثقافي.
إن ارتباط المرأة بالأسرة ليس ارتباطاً اعتيادياً.
فالمرأة هي من بدأت في رسم ملامح شكل الأسرة منذ العصور النيوليتية القديمة.
وهي أيضاً من ترأست كيان الأسرة لقرون طويلة قبل أن تقرر أن تُسلم الرجل القيادة.
ومما لا شك فيه أن الحفاظ على مفهوم الأسرة كوحدة المُجتمع الرئيسة هي من أهم الأولويات التي يجب أن تتبنى رعايتها المؤسسات بمختلف تخصصاتها وعلى رأسها المؤسسات السياسية والثقافية والدينية.
كما أن الظروف البيئية والاجتماعية في عصرنا تحثنا على معاودة صياغة المفهوم من جديد.
فالتصورات التي ما زالت ترسمها أنماط التفكير في وقتنا الحالي عن الأسرة بداية من الساعات الطويلة التي يقضيها الرجل في العمل، والتعطيل شبه التام لدور المرأة في البناء الحضاري، أصبحت تتلاشى تدريجياً ليس بفعل عقول مدبرة ولكن بفعل الظروف الحالية التي تمر بها بلادنا في خوض السباق التمدني والحضاري.
فنحن في مجتمعاتنا كالعادة يجرفنا الواقع بتياراته في اتجاهات مجهولة.
ولم نتعود على أن نقود الواقع ولا على حمله بعقولنا وأيدينا وجهودنا إلى مشارف المستقبل الذي خططنا للوصول إليه مسبقاً.
وعلى هذا فإن وضع الأسرة على وجه الخصوص هو مرهون بما يتطلبه الواقع وليس بما خططنا له في المستقبل.
وفي دوامة السباق مع الواقع يبدو أننا سنفقد المعنى والمغزى من وجود الأسرة كأصغر خلية في المجتمع.
نحتاج إلى سعة الأفق وطرح الأفكار غير الاعتيادية حين نتناول شأن مُستقبل المرأة.
ففكرة العمل والإنتاج الحضاري ليست مُرتبطة بساعات عمل طويلة أو مكاتب أعمال محدودة المساحة.
إن العطاء له أشكال كثيرة ومُتعددة.
كما أن ممارسة الإنسان للعمل الذي يُحب تحرره من سلطة الغير.
تعدد أشكال العمل والمشاريع من الصغيرة الفردية إلى الكبرى منها وسهولة التواصل بين البائع والمُشتري أصبحت من أهم العوامل التي بدأت الفتيات استغلالها عن طريق مشاريعهن التي تحمل آمالاً عريضة وإبداعاً لا محدودا.