منى سالم باخشوين

إعادة نظر!

السبت - 03 سبتمبر 2016

Sat - 03 Sep 2016

عندما نفكر فيما درسناه كطلاب في مدارسنا، نجد أننا لم نكن نقترب من أية مناهج أو طرق تتيح لنا أن نتعلم ونجيد طرح الأسئلة التي تقودنا إلى التفكير والنقد والتحليل الدقيق الواعي الهادف. ونجد كذلك أن ما درسناه كان يأخذ بنا إلى طرق الحفظ النمطي والأجوبة الجاهزة ببغائية لا تعي ولا تفكر إلا قليلا وقليلا جدا.



مثل هذا النمط في التدريس والتلقين والمنهج ينتج عنه جيل يسهل انقياده واقتياده والتلاعب به.



اعتقدنا أن العالم بحاجة إلى أن نستعرض تفوقنا الديني، فملأنا العالم بالضجيج ولم نسمع إلا أنفسنا وأصم العالم أذنيه لأنه لا يريد حتما أن يسمع الضجيج ولو كان صوتنا أقل ارتفاعا لكن أكثر ثقة وهدوءا ومراعاة لعقليات الآخرين وظروفهم وخلفياتهم الدينية والحضارية والعرقية حتى، لاستطعنا أن نكون أكثر تأثيرا، وأن نمنع أن يستغل عقلنا لغايات سياسية تخريبية أو حتى غير تخريبية، ولخطونا خطوات واثقة رزينة لتحقيق حضارة تبنى على حريات سليمة واضحة تحترم عقلية الإنسان ليس فقط لكونه مسلما أو ينتمي لأية ديانة، ولكن لكونه إنسانا ولأن الإنسان بداخله الخير بغض النظر عن كونه يشبهني أو لا يشبهني.



ضجيجنا أعطى فرصة ليعبث بنا كل من لديه أطماع ليفعل. ونحن نعيش الآن هذا الجو من التخبط الفكري وربما الديني، ولا نعرف إلى أين سيصل بنا.



ما الحل إذن؟ عندما نطرح وضعا ما في مقال، فنحن عادة لا نطرح حلولا وإنما نلفت الأنظار للوضع وكونه سلبيا أو إيجابيا. ولكن قد يكون من الممكن أن أتساءل معك عما إذا كان هناك فرص لتعديل التشويه الذي حصل في مناهج تعطي هذا النتاج الذي لم نعد نريده ولا نرضى به.



إذا أردنا أن نفعل فلن يكون تعديلا، وإنما هو بناء من جديد. وهذا البناء لن يفيد أجيالا قد تم تحديد تفكيرها وتوجيهه ومحاصرته، وإنما يفيد أن نفعل ذلك مع جيل جديد لم يبدأ الدراسة بعد.



نعده ليشعر بحرية التفكير والاختيار والسؤال والتصرف ونوجهه ونظل حوله ومعه ولكن دون أن نفرض عليه الرأي، وإنما نطرح أمامه الصواب والخطأ ونجعله يختار الصواب لأنه يحب ذلك وليس لأن ذلك فرض عليه.

نترك له المجال ليبدع وليعبر عن نفسه وما يدور في عقله، وعندما يفعل، علينا أن نحترم ما يقوله ويفعله ونعطيه من تجاربنا وتجارب الرواد ولا نفرض عليه أيا من ذلك. ونفرق بين أن يكون في ذلك همجيا عبثيا ولكن حرا مسؤولا عن حريته مسلحا بعلم يعتمد على التجربة والتحليل والنقد.



سيشعر بالانتماء وسيشعر بأهمية ما يريد تقديمه لهذا المجتمع الذي احترمه طفلا وأخذ بيده برفق وحرية واعية. ولن يسهل بعد ذلك أن يكون تابعا يمكن السيطرة عليه بأية أفكار سلبية أو مشوهة.



لماذا لا نجرب من الآن وننتظر النتيجة قريبا؟



[email protected]