آلة الزمن العربية
إذا كان من الممكن علمياً السفر للمستقبل، فإنه لا دليل حتى الآن على إمكانية العودة للماضي
إذا كان من الممكن علمياً السفر للمستقبل، فإنه لا دليل حتى الآن على إمكانية العودة للماضي
الأحد - 16 مارس 2014
Sun - 16 Mar 2014
إذا كان من الممكن علمياً السفر للمستقبل، فإنه لا دليل حتى الآن على إمكانية العودة للماضي.
وفي العالم العربي يحاول البعض تعديل هذا الطرح العلمي وإثبات إمكانية السفر إلى أزمنة وعصور سابقة.
محاولات العودة للماضي خوفاً من المستقبل هي منطق اللامنطق.
في مصر مثلاً، هناك فصيل يريد أن يعود بها إلى الوراء زمنياً رافعاً راية الدولة العباسية السوداء، وهناك من أراد أن يرجع بها إلى الخلف جغرافيا لتقتدي بالسودان.
وقد شغل موضوع التنقل عبر الزمن عقول الأدباء والمفكرين، والإنجليزي «هربرت جورج ويلز» من أهم من تناولوا الأمر في روايته الخالدة (آلة الزمن) التي صدرت أواخر القرن التاسع عشر.
أما في وطننا العربي، فنحن الأمة التي تبدأ الآلاف من قصائدها بالبكاء على الأطلال.
كتب الفرنسي «موليير» مسرحية «مريض الوهم»، وتحدث النمساوي «فرويد» عن «النستولوجيا»، وكلاهما، مرض الوهم أو الحنين للماضي، وجهان لعملة واحدة، تجعل الشخص لا يشتري من الماضي إلا جيده، بينما ينسى أنه ملطخ برديء الأفعال! فأنت إن عدت لعصر النهضة مثلاً لن تشغلك فقط عظمة «دافنشي» أو روعة «رامبرانت» أو جمال «مايكل أنجلو»، لكن سيؤرقك للغاية عدم وجود «دورة مياه» لائقة تقضي فيها حاجتك!! والواهم فقط هو من يحاول تصوير الماضي على أنه جنة ليعيش أسير أسطورة «الزمن الجميل»، تماماً مثلما حدث القرن الماضي مع المؤلف الأمريكي «لويد لويس» الذي ترك حياته ومستقبله وعائلته ودنياه وتفرغ لكتابة أبحاث متتالية عن الرئيس الأمريكي الراحل «أبراهام لينكولن»، الذي توفي في القرن التاسع عشر، فكتبت زوجة «لويد»، الصحفية «كاترين دورثي»، مقالاً قالت فيه إنها فقدت زوجها في الحرب الأهلية الأمريكية!!العودة للماضي لن تلحقنا بركب «الحضارة»، لكنها فقط ستلحقنا بصف «الحضانة»، لنعود أطفالاً مرة أخرى فيتم تربيتنا وتثقيفنا من جديد، علنا نتعلم ما غاب عنا، ونفلح في تحقيق أحلامنا..الأصل ألا نخاف من المجهول، وأن نواجه المستقبل بشجاعة، وألا نتمحور حول الماضي أو نتقولب في قوالب راجت منذ مئات السنين.