علي وعلى أعدائي.. أساس السلوك الانتحاري
الأربعاء - 31 أغسطس 2016
Wed - 31 Aug 2016
عندما هدم شمشون المعبد على رأسه ورأس 3 آلاف شخص قال قولته الشهيرة: «علي وعلى أعدائي». كان شمشون يتمتع بقوة جسدية هائلة ما كانت لتذهب لولا خيانة زوجته دليلة. قد تكون هذه القصة _ إن صحت_ بوصفها أقدم القصص المتداولة، مؤسسة لسلوك الانتحاريين متجاهلة لما قبلها من تاريخ إنساني بدائي، قام على العنف قبل أن يرسل الله الأنبياء لتهذيب السلوك والارتقاء به من الوحشية إلى الآدمية.
ولأن التغافل هو شيمة البشر، فقد زخر التاريخ السياسي بعد ذلك بأحداث مشابهة. فأثناء الحملات الصليبية قامت سفينة تحمل فرسانا أطلق عليهم «فرسان المعبد» بالاصطدام بسفينة للعرب المسلمين فقتل 140 فارسا مسيحيا مع أضعاف هذا العدد من المسلمين.
هناك أمثلة أخرى منها الحرب الفرنسية _ الإسبانية (1785)، وسنوات الحرب الأهلية في إسبانيا (1936-1939). وجاء نموذج أعنف من ذلك خلال الحرب العالمية الثانية، عندما قام طيارون انتحاريون يابانيون بتفجير طائراتهم بتوجيهها إلى الأساطيل الأمريكية وكانت تعرف بعمليات الكاميكازي اليابانية. كما استعمل هذا الأسلوب من قبل الانفصاليين في سريلانكا الذين كانوا يعرفون بنمور التاميل. وفي فيتنام كانت مواجهة فلاحي فيتنام للمحتلين الفرنسيين التي توجت بمعركة قلعة (رين بيان نو) عام 1954. وكذلك العمليات الانتحارية الجماعية التي كانت تحد من وصول المؤن والأسلحة إلى القوات الإنجليزية في الهند بحيث كانت تعترض مجموعة انتحارية مسار القطار.
يدون التاريخ الحديث ازدياد عنف هذا الأسلوب الدموي، وقدرته على تجاوز الحدود المكانية، ورجوعه تاريخيا إلى عهد البدائية وتوحش الإنسان. تم نشر الرعب بوسائل مختلفة، وإرهاب الآمنين ابتداء بالأحزمة الناسفة إلى السيارات المفخخة، ثم استخدام الطائرات المدنية قنابل طائرة كما حدث في هجمات 11 سبتمبر 2001.
منذ ثمانينات القرن الماضي، سجل شن 4814 هجوما انتحاريا بين عامي 1981 – 2015 في أكثر من 40 دولة، منها أفغانستان والعراق والأراضي الفلسطينية ولبنان وباكستان وسريلانكا، وتجاوزت أعداد ضحاياها 45 ألف شخص. كما كان الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، عاملا بارزا في الرفع من وتيرة الهجمات الانتحارية بشكل حاد، خاصة بعد ظهور الجماعات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم داعش. لم يكتف التنظيم بإحكامه السيطرة على مناطق في العراق وسوريا، وتمدده إلى تنفيذ هجماته الإرهابية في السعودية واليمن وليبيا وغيرها، بل قام بتجنيد وكلاء انتحاريين في الغرب وعلى مستوى العالم.
هذا الأسلوب الذي يدعي البطولة عند أعضاء الجماعات الإرهابية هو سلوك عبثي، غارق في الإجرامية، فالذي يأخذ حياة الأبرياء دون ذنب جنوه لمجرد أنه يؤمن بأوهامه ما هو إلا مجرم. وهذه الحالات الانتحارية شديدة التفاوت يكاد لا يجمع بينها إلا عامل واحد هو الإيمان بفكرة مشوشة، هي قتل النفس والغير ظلما وعدوانا. اليوم وفي كل البلدان التي ابتليت بالجماعات الإرهابية نعيش انكشافا باهرا لهذه الظاهرة، وهذا ما يوقف المنفذين أمام أزمة في المعنى والتعريف، فخلطهم بين أي الطرق هي التي تؤدي إلى الجنة، جعلهم يختارون أو يجبرون على اختيار العنف والظلم.
والحال أن الجماعات الإرهابية بعد استنفادها هذه الطريقة المتوحشة المتمثلة في الوسيلة الانتحارية، تستعرض اليوم إفلاسها، وبات يتعدى تعابيرها الأيديولوجية، مرتكزات دعوتها وتدبيج التبريرات والذرائع العميقة التي تدان بها.
[email protected]
ولأن التغافل هو شيمة البشر، فقد زخر التاريخ السياسي بعد ذلك بأحداث مشابهة. فأثناء الحملات الصليبية قامت سفينة تحمل فرسانا أطلق عليهم «فرسان المعبد» بالاصطدام بسفينة للعرب المسلمين فقتل 140 فارسا مسيحيا مع أضعاف هذا العدد من المسلمين.
هناك أمثلة أخرى منها الحرب الفرنسية _ الإسبانية (1785)، وسنوات الحرب الأهلية في إسبانيا (1936-1939). وجاء نموذج أعنف من ذلك خلال الحرب العالمية الثانية، عندما قام طيارون انتحاريون يابانيون بتفجير طائراتهم بتوجيهها إلى الأساطيل الأمريكية وكانت تعرف بعمليات الكاميكازي اليابانية. كما استعمل هذا الأسلوب من قبل الانفصاليين في سريلانكا الذين كانوا يعرفون بنمور التاميل. وفي فيتنام كانت مواجهة فلاحي فيتنام للمحتلين الفرنسيين التي توجت بمعركة قلعة (رين بيان نو) عام 1954. وكذلك العمليات الانتحارية الجماعية التي كانت تحد من وصول المؤن والأسلحة إلى القوات الإنجليزية في الهند بحيث كانت تعترض مجموعة انتحارية مسار القطار.
يدون التاريخ الحديث ازدياد عنف هذا الأسلوب الدموي، وقدرته على تجاوز الحدود المكانية، ورجوعه تاريخيا إلى عهد البدائية وتوحش الإنسان. تم نشر الرعب بوسائل مختلفة، وإرهاب الآمنين ابتداء بالأحزمة الناسفة إلى السيارات المفخخة، ثم استخدام الطائرات المدنية قنابل طائرة كما حدث في هجمات 11 سبتمبر 2001.
منذ ثمانينات القرن الماضي، سجل شن 4814 هجوما انتحاريا بين عامي 1981 – 2015 في أكثر من 40 دولة، منها أفغانستان والعراق والأراضي الفلسطينية ولبنان وباكستان وسريلانكا، وتجاوزت أعداد ضحاياها 45 ألف شخص. كما كان الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، عاملا بارزا في الرفع من وتيرة الهجمات الانتحارية بشكل حاد، خاصة بعد ظهور الجماعات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم داعش. لم يكتف التنظيم بإحكامه السيطرة على مناطق في العراق وسوريا، وتمدده إلى تنفيذ هجماته الإرهابية في السعودية واليمن وليبيا وغيرها، بل قام بتجنيد وكلاء انتحاريين في الغرب وعلى مستوى العالم.
هذا الأسلوب الذي يدعي البطولة عند أعضاء الجماعات الإرهابية هو سلوك عبثي، غارق في الإجرامية، فالذي يأخذ حياة الأبرياء دون ذنب جنوه لمجرد أنه يؤمن بأوهامه ما هو إلا مجرم. وهذه الحالات الانتحارية شديدة التفاوت يكاد لا يجمع بينها إلا عامل واحد هو الإيمان بفكرة مشوشة، هي قتل النفس والغير ظلما وعدوانا. اليوم وفي كل البلدان التي ابتليت بالجماعات الإرهابية نعيش انكشافا باهرا لهذه الظاهرة، وهذا ما يوقف المنفذين أمام أزمة في المعنى والتعريف، فخلطهم بين أي الطرق هي التي تؤدي إلى الجنة، جعلهم يختارون أو يجبرون على اختيار العنف والظلم.
والحال أن الجماعات الإرهابية بعد استنفادها هذه الطريقة المتوحشة المتمثلة في الوسيلة الانتحارية، تستعرض اليوم إفلاسها، وبات يتعدى تعابيرها الأيديولوجية، مرتكزات دعوتها وتدبيج التبريرات والذرائع العميقة التي تدان بها.
[email protected]