فروة محمد بن سلمان ومفاتيح المنطقة
السبت - 25 يناير 2025
Sat - 25 Jan 2025
شعور بالعظمة أن يختارك الكبار، ويسعون لك ولكسب ودك، هذا يعني أنك تملك ما لا يملكه غيرك، ربما ثقلك أو حكمتك، أو عوامل نجاحك ومصداقيتك، سمها ما شئت. وهذا الشعور لطالما عاشته عاصمة القرار، الرياض الحبيبة.
أكتب هذا اليوم ولعل البعض يلحق بنا. وأقول إن المملكة التي لم ولن تعجب فئة من البشر، حتى بعض المقربين منها، وبمباركة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز؛ دار بين ولي عهدها الأمير محمد بن سلمان، ورئيس الولايات المتحدة الأمريكية الجديد دونالد ترامب، الذي يرتعد منه خوفا أرباب الشعارات الرنانة، المهزوزون والمرجفون في المنطقة، اتصال هاتفي هو الأول لترامب بعد أن تبوأ منصب الرئيس للمرة الثانية.
وهذا الاتصال يمكن أن يجده البعض اعتياديا، أو من باب المجاملة، هذا غير صحيح، إنما له مضامين عميقة، على رأسها تأكيد محورية المملكة العربية السعودية، وأهميتها كبوابة للمنطقة وللعالم، وكونها صاحبة قرار يُنظر لها باحترام كبير، في دوائر صنع القرار العالمية. وهي في الحقيقة ليست بحاجة لتأكيد من أحد، لا أمريكا ولا غيرها. ومن ثم لا صانع القرار في الرياض يملك الوقت لتلقي المجاملات. ولا ترامب يجيدها.
فالسعودية أسست ثقلها واحترامها، قيادة وشعبا، قبل أكثر من ثمانين عام، في العالم أجمع، ما الدليل؟ الدليل أن الرئيس الأمريكي روزفلت جاء بقدميه للملك المؤسس، وعاد بقناعة كبرى أن هذه الدولة كيان سياسي رصين لا يمكن الاستغناء عنه.
وذلك اللقاء خلق ارتباطا تاريخيا مع واشنطن، وضع لبنته الجد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن، بعد أن فرض في وقته - رحمه الله - النمط السياسي السعودي، الذي أخذ في اعتباره فتح ملفات العالم العربي مع روزفلت، كملف حقوق العرب في فلسطين والأراضي المحتلة. وقتها اقتنع الرئيس الأمريكي بعدة أمور، ما هي؟ أولا حنكة الملك المؤسس. ثانيا: الخط السياسي السعودي الثابت، وتلك عوامل دفعت واشنطن للعمل مع هذه الدولة كصديق وحليف استراتيجي. ومضى هذا المفهوم منذ ذلك اللقاء، حتى اليوم.
وبناء على تلك الثقة تنوعت العلاقة السعودية - الأمريكية، وركزت مع الوقت على الاستثمار، وهذا طبيعي، بل إنه محمود، فالتقارير تشير لأن تصل الاستثمارات التجارية بين الرياض وواشنطن خلال الأربع سنوات القادمة، لقرابة ستة مئة مليار دولار، وهذا رقم فلكي لا يمكن التزلف لأحد به. فلغة الأرقام لا تعرف النفاق، والنفاق يكره الأرقام.
ماذا يعني ذلك؟ يعني أن الفرص الاستثمارية والتجارية المتبادلة مع أمريكا غير مسبوقة، وذلك يعود للثقة السعودية في الرئيس المنتخب، والعكس.
فالمملكة لم تتغافل عن الشراكات الاقتصادية والتجارية التي وضعت أساساتها في فترة الرئيس ترامب الأولى، لا سيما تلك الواعدة، التي تنعكس على التقنية المؤدية لخلق فرص وظيفية للسعوديين، وتعود بنهاية المطاف على رفعتها في سجلات دول مجموعة العشرين.
وثمة ما يؤكد أن الولايات المتحدة الأمريكية تنظر بعين التقدير للرغبة السعودية النابعة من اطمئنان اقتصادي تجاه واشنطن، لتخصيص خمس مئة مليار دولار، مكرسة للاستثمار في صندوق سوفت بنك، الذي تملك المملكة حصصا فيه لتطوير الذكاء الاصطناعي، والطاقة النووية، والفضاء، والصناعات العسكرية.
أتصور أن السعوديين لن يتوقفوا عند هذا الحد، كيف؟ أقصد أن الرياض لن تتوقف عند الاستثمارات فحسب، بل ستعمل على إقناع واشنطن في حلحلة بعض ملفات المنطقة. يقابل ذلك إيقان أمريكي بأنه لا يمكن تحقيق استقرار هذا الجزء من العالم، دون الأخذ بالنصائح السعودية. وهذا يدركه الرئيس الأمريكي الجديد وسابقيه، حتى أن الدولة العميقة في أمريكا تثق بأنه لا يمكن ممارسة القوة أو الاستذكاء على الرياض، لأنها ليست مغفلة، ويستحيل أن تبذل جهدا فقط لكسب رضى واشنطن أو أي عاصمة أخرى مؤثرة.
إن تحقيق الأمن والسلم في منطقة الشرق الأوسط عصيٌ على الجميع، سواء كان رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية أو زعيما في الغرب بالمجمل، دون اللجوء للمملكة، وهذا في أصله النظر بعين كبرى للسعودية بأنها أهم قوى الاعتدال في المنطقة، حتى لو اختلفت معها في أي أجندة وقتية.
لقد حاول البعض في أمريكا وبأجزاء من العالم العربي، بموجب أحقاد تاريخية، التكريس لفكرة أن الرياض عاصمة غير مؤثرة وهشة، وأنها محطة عبور لا يمكن أن يقام لها وزن في السياسة العالمية. واصطدمت أجنداتهم بجدار التاريخ والحقيقة والواقع.
تناسوا أن المملكة لم تكن يوما منبطحة لأي قوة أو مشروع أو معسكر، بل إنها فرضت نفسها على الخارج بأخلاقياتها، وبالاقتصاد والسياسة، وهذا ما يتيقن منه الحبيب ترامب وغيره. ناهيك عن أن القناعة الغربية لا تستطيع تجاوز العنصر الثابت، بأن التعامل مع السعودية يفترض قانون الأخذ والعطاء، وليس الأخذ فقط، وهذا من باب الندية المبنية على ثقل هذا الكيان الكبير بقيادته وشعبه.
إن العالم بأسره نظر باستغراب كبير لتلك المكالمة الهاتفية، بين ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في مخيمه الشتوي، والرئيس ترامب، بعد أن ولج الأشقر للمكتب البيضاوي، كالنظر بتعجب، للقرارات التي وقعها منذ اللحظات الأولى من حكم أمريكا.
أستطيع التأكيد بأن خطوة ترامب تلك تعود لأهمية بلادي، وحنكة ولي العهد الذي ترعرع في كنف ومدرسة والده سلمان بن عبد العزيز. لذا يحق لنا أن نراه شيخا كبيرا، وباني مستقبل الدولة والأجيال القادمة ومهندس العلاقات مع الكبار، وصاحب الفروة.. الذي يملك مفاتيح المنطقة.
أكتب هذا اليوم ولعل البعض يلحق بنا. وأقول إن المملكة التي لم ولن تعجب فئة من البشر، حتى بعض المقربين منها، وبمباركة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز؛ دار بين ولي عهدها الأمير محمد بن سلمان، ورئيس الولايات المتحدة الأمريكية الجديد دونالد ترامب، الذي يرتعد منه خوفا أرباب الشعارات الرنانة، المهزوزون والمرجفون في المنطقة، اتصال هاتفي هو الأول لترامب بعد أن تبوأ منصب الرئيس للمرة الثانية.
وهذا الاتصال يمكن أن يجده البعض اعتياديا، أو من باب المجاملة، هذا غير صحيح، إنما له مضامين عميقة، على رأسها تأكيد محورية المملكة العربية السعودية، وأهميتها كبوابة للمنطقة وللعالم، وكونها صاحبة قرار يُنظر لها باحترام كبير، في دوائر صنع القرار العالمية. وهي في الحقيقة ليست بحاجة لتأكيد من أحد، لا أمريكا ولا غيرها. ومن ثم لا صانع القرار في الرياض يملك الوقت لتلقي المجاملات. ولا ترامب يجيدها.
فالسعودية أسست ثقلها واحترامها، قيادة وشعبا، قبل أكثر من ثمانين عام، في العالم أجمع، ما الدليل؟ الدليل أن الرئيس الأمريكي روزفلت جاء بقدميه للملك المؤسس، وعاد بقناعة كبرى أن هذه الدولة كيان سياسي رصين لا يمكن الاستغناء عنه.
وذلك اللقاء خلق ارتباطا تاريخيا مع واشنطن، وضع لبنته الجد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن، بعد أن فرض في وقته - رحمه الله - النمط السياسي السعودي، الذي أخذ في اعتباره فتح ملفات العالم العربي مع روزفلت، كملف حقوق العرب في فلسطين والأراضي المحتلة. وقتها اقتنع الرئيس الأمريكي بعدة أمور، ما هي؟ أولا حنكة الملك المؤسس. ثانيا: الخط السياسي السعودي الثابت، وتلك عوامل دفعت واشنطن للعمل مع هذه الدولة كصديق وحليف استراتيجي. ومضى هذا المفهوم منذ ذلك اللقاء، حتى اليوم.
وبناء على تلك الثقة تنوعت العلاقة السعودية - الأمريكية، وركزت مع الوقت على الاستثمار، وهذا طبيعي، بل إنه محمود، فالتقارير تشير لأن تصل الاستثمارات التجارية بين الرياض وواشنطن خلال الأربع سنوات القادمة، لقرابة ستة مئة مليار دولار، وهذا رقم فلكي لا يمكن التزلف لأحد به. فلغة الأرقام لا تعرف النفاق، والنفاق يكره الأرقام.
ماذا يعني ذلك؟ يعني أن الفرص الاستثمارية والتجارية المتبادلة مع أمريكا غير مسبوقة، وذلك يعود للثقة السعودية في الرئيس المنتخب، والعكس.
فالمملكة لم تتغافل عن الشراكات الاقتصادية والتجارية التي وضعت أساساتها في فترة الرئيس ترامب الأولى، لا سيما تلك الواعدة، التي تنعكس على التقنية المؤدية لخلق فرص وظيفية للسعوديين، وتعود بنهاية المطاف على رفعتها في سجلات دول مجموعة العشرين.
وثمة ما يؤكد أن الولايات المتحدة الأمريكية تنظر بعين التقدير للرغبة السعودية النابعة من اطمئنان اقتصادي تجاه واشنطن، لتخصيص خمس مئة مليار دولار، مكرسة للاستثمار في صندوق سوفت بنك، الذي تملك المملكة حصصا فيه لتطوير الذكاء الاصطناعي، والطاقة النووية، والفضاء، والصناعات العسكرية.
أتصور أن السعوديين لن يتوقفوا عند هذا الحد، كيف؟ أقصد أن الرياض لن تتوقف عند الاستثمارات فحسب، بل ستعمل على إقناع واشنطن في حلحلة بعض ملفات المنطقة. يقابل ذلك إيقان أمريكي بأنه لا يمكن تحقيق استقرار هذا الجزء من العالم، دون الأخذ بالنصائح السعودية. وهذا يدركه الرئيس الأمريكي الجديد وسابقيه، حتى أن الدولة العميقة في أمريكا تثق بأنه لا يمكن ممارسة القوة أو الاستذكاء على الرياض، لأنها ليست مغفلة، ويستحيل أن تبذل جهدا فقط لكسب رضى واشنطن أو أي عاصمة أخرى مؤثرة.
إن تحقيق الأمن والسلم في منطقة الشرق الأوسط عصيٌ على الجميع، سواء كان رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية أو زعيما في الغرب بالمجمل، دون اللجوء للمملكة، وهذا في أصله النظر بعين كبرى للسعودية بأنها أهم قوى الاعتدال في المنطقة، حتى لو اختلفت معها في أي أجندة وقتية.
لقد حاول البعض في أمريكا وبأجزاء من العالم العربي، بموجب أحقاد تاريخية، التكريس لفكرة أن الرياض عاصمة غير مؤثرة وهشة، وأنها محطة عبور لا يمكن أن يقام لها وزن في السياسة العالمية. واصطدمت أجنداتهم بجدار التاريخ والحقيقة والواقع.
تناسوا أن المملكة لم تكن يوما منبطحة لأي قوة أو مشروع أو معسكر، بل إنها فرضت نفسها على الخارج بأخلاقياتها، وبالاقتصاد والسياسة، وهذا ما يتيقن منه الحبيب ترامب وغيره. ناهيك عن أن القناعة الغربية لا تستطيع تجاوز العنصر الثابت، بأن التعامل مع السعودية يفترض قانون الأخذ والعطاء، وليس الأخذ فقط، وهذا من باب الندية المبنية على ثقل هذا الكيان الكبير بقيادته وشعبه.
إن العالم بأسره نظر باستغراب كبير لتلك المكالمة الهاتفية، بين ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في مخيمه الشتوي، والرئيس ترامب، بعد أن ولج الأشقر للمكتب البيضاوي، كالنظر بتعجب، للقرارات التي وقعها منذ اللحظات الأولى من حكم أمريكا.
أستطيع التأكيد بأن خطوة ترامب تلك تعود لأهمية بلادي، وحنكة ولي العهد الذي ترعرع في كنف ومدرسة والده سلمان بن عبد العزيز. لذا يحق لنا أن نراه شيخا كبيرا، وباني مستقبل الدولة والأجيال القادمة ومهندس العلاقات مع الكبار، وصاحب الفروة.. الذي يملك مفاتيح المنطقة.