اختلاف البدايات..!
الأربعاء - 08 يناير 2025
Wed - 08 Jan 2025
إن القارئ لرواية النهايات للكاتب عبدالرحمن المنيف إذا كان ممن يدعون معرفة الكاتب في سرده وغموض أفكاره أحيانا مع قدرته على وضعك داخل دوامة الحدث إلى أن تعتقد أنك أحد أبطال الرواية، يدرك أن الرواية كانت تتحدث عن بدايات من عدة أنواع، منها الشخصي ومنها العام، فعلى سبيل المثال البداية الشخصية في الرواية هي.. إدراك أن الإصرار على انتهاج طريق محدد ثبت فيه عدم الجدوة هو نهاية حتمية، وأن البداية تكون بتغيير المنهاج الذي كنت تحارب من أجله، حتى تسمح لطريق جديد بالظهور.. وعلى المستوى العام هناك خيار واحد لا ثاني له عندما يتعلق الأمر بمجموعة ألا وهو أن نترك الأنا جانبا ولننجو معا.
لعل أحداث الرواية جعلتني أمعن النظر في تحديد الأمر بطرح سؤال أزلي على منوال "الدجاج قبل البيضة أم البيضة قبل الدجاجة".. هل النهايات تصنع البدايات أم البدايات تصنع النهايات..؟ وهل نسير نحن نحو بداية بعد تجربة نهاية في مكان آخر.. أم أننا نبدأ لنختبر النهايات ثم نقرر نستمر أم نبدأ من جديد بداية أخرى..؟
لعل الإجابة عن سؤال من هذا النوع الفلسفي مقترنة بمزاجيتنا عند طرحه، فإن كنّا في مزاج جيد سنرى البدايات كثر عند كل نهاية أما العكس فبالعكس.
متى نشعر أننا في مستهل بداية جديدة وأننا إن لم نسارع لفهم تلك البداية بين إن كانت قرارا حقيقيا أم إجبارا خفيا سنتركه بمجرد ظهور بداية جديدة..! هذ الحوار مع النفس يذكرني بفلم قديم من الثمانينات يحكي قصة طائرة تقع في وسط الصحراء، في منطقة لا يمكن لقائد الطائرة أن يبعث من خلالها نداءات استغاثة، ويصبح الحل عند من نجى من الركاب إما الموت أو تكوين حياة جديدة في ذلك المكان، حتى هذا القرار لم يتم الموافقة عليه بالإجماع، فهناك أكثر من عشرة أشخاص مختلفين في التفكير وفي القناعات، لذا من الصعب جمعهم على قرار واحد.. فأصبح الأمر بين مقتنع ومُجبر على التنفيذ، من لا يرغب في ذلك عليه البحث عن حل آخر، هذا ما قرره كابتن الطائرة أن فقد مضى باحثا عن مخرج في وسط الصحراء، على أنه إن نجا..! عاد لمجموعته وأخرجهم من مأزقهم، وإن مات يكفيه شرف المحاولة.
بدأت مجموعة الناجين في تشكيل دويلتهم، في البداية كان الأمر سلسا، فلكل واحد منهم مهام يقوم بها، ما بين بناء مكان يحتمون به، إلى البحث عن كائنات تصلح للأكل، أو الزراعة أو توفير ماء صالح للشرب وغيره.. ولأن المدة طالت في بقائهم داخل تلك الدويلة، وبدأ العمل يصبح روتينيا والوقت طويل جدا.. كان لا بد من اختيار رئيس ووزير لإدارة تلك المجموعة ووضع قانون يحكم حركتهم ويتحقق النظام به.. بالفعل تم اختيار القائد ولم تكن انتخابات اختياره عادلة بل شابها بعض الفساد الذي أدركته المجموعة بعد أن عمّ الفساد أرجاء المكان، وصدر قرار إبعاده الذي انتهى بحدوث غدر من جانبه تجاه الرئيس الجديد، لأحداث الفلم بقية.
أما الكابتن الفدائي فقد وصل لغايته، وعاد في طائرة مروحية ليجمع شمل المجموعة بأهلهم، وهنا شعر الجميع بالبداية الجديدة، فقد ترك كل فرد في المجموعة ما كان يصنعه من إنجاز خلفه، وتناسى التعب والجهد الذي بنى من خلاله هذه الدويلة ليعود إلى حياته القديمة، قد تكون في هذه العودة بداية جديدة بالفعل أو استمرار لحياة من المؤكد أنها اختلفت عليه واختلف عنها.
eman_bajunaid@
لعل أحداث الرواية جعلتني أمعن النظر في تحديد الأمر بطرح سؤال أزلي على منوال "الدجاج قبل البيضة أم البيضة قبل الدجاجة".. هل النهايات تصنع البدايات أم البدايات تصنع النهايات..؟ وهل نسير نحن نحو بداية بعد تجربة نهاية في مكان آخر.. أم أننا نبدأ لنختبر النهايات ثم نقرر نستمر أم نبدأ من جديد بداية أخرى..؟
لعل الإجابة عن سؤال من هذا النوع الفلسفي مقترنة بمزاجيتنا عند طرحه، فإن كنّا في مزاج جيد سنرى البدايات كثر عند كل نهاية أما العكس فبالعكس.
متى نشعر أننا في مستهل بداية جديدة وأننا إن لم نسارع لفهم تلك البداية بين إن كانت قرارا حقيقيا أم إجبارا خفيا سنتركه بمجرد ظهور بداية جديدة..! هذ الحوار مع النفس يذكرني بفلم قديم من الثمانينات يحكي قصة طائرة تقع في وسط الصحراء، في منطقة لا يمكن لقائد الطائرة أن يبعث من خلالها نداءات استغاثة، ويصبح الحل عند من نجى من الركاب إما الموت أو تكوين حياة جديدة في ذلك المكان، حتى هذا القرار لم يتم الموافقة عليه بالإجماع، فهناك أكثر من عشرة أشخاص مختلفين في التفكير وفي القناعات، لذا من الصعب جمعهم على قرار واحد.. فأصبح الأمر بين مقتنع ومُجبر على التنفيذ، من لا يرغب في ذلك عليه البحث عن حل آخر، هذا ما قرره كابتن الطائرة أن فقد مضى باحثا عن مخرج في وسط الصحراء، على أنه إن نجا..! عاد لمجموعته وأخرجهم من مأزقهم، وإن مات يكفيه شرف المحاولة.
بدأت مجموعة الناجين في تشكيل دويلتهم، في البداية كان الأمر سلسا، فلكل واحد منهم مهام يقوم بها، ما بين بناء مكان يحتمون به، إلى البحث عن كائنات تصلح للأكل، أو الزراعة أو توفير ماء صالح للشرب وغيره.. ولأن المدة طالت في بقائهم داخل تلك الدويلة، وبدأ العمل يصبح روتينيا والوقت طويل جدا.. كان لا بد من اختيار رئيس ووزير لإدارة تلك المجموعة ووضع قانون يحكم حركتهم ويتحقق النظام به.. بالفعل تم اختيار القائد ولم تكن انتخابات اختياره عادلة بل شابها بعض الفساد الذي أدركته المجموعة بعد أن عمّ الفساد أرجاء المكان، وصدر قرار إبعاده الذي انتهى بحدوث غدر من جانبه تجاه الرئيس الجديد، لأحداث الفلم بقية.
أما الكابتن الفدائي فقد وصل لغايته، وعاد في طائرة مروحية ليجمع شمل المجموعة بأهلهم، وهنا شعر الجميع بالبداية الجديدة، فقد ترك كل فرد في المجموعة ما كان يصنعه من إنجاز خلفه، وتناسى التعب والجهد الذي بنى من خلاله هذه الدويلة ليعود إلى حياته القديمة، قد تكون في هذه العودة بداية جديدة بالفعل أو استمرار لحياة من المؤكد أنها اختلفت عليه واختلف عنها.
eman_bajunaid@