علي المطوع

ترمب في نسخته الثانية!

الأحد - 10 نوفمبر 2024

Sun - 10 Nov 2024

من اللعبة نفسها التي أسقطته، ومن المجمع الانتخابي الذي أفشله؛ عاد الرئيس ترمب سيدا للبيت الأبيض لأربعة أعوام قادمة، في مشهد انتخابي ليس بالغريب على أمريكا التي ما زالت تسود العالم وتستأسد عليه.

كما يعلم الجميع، ترمب قصة مختلفة عن الآخرين، فمن خلفية البيع والشراء وراثة وممارسة، وصل إلى سدة الحكم متكئا على أفكار شعبوية، حشدت وراءه الناس ليزفوه مرتين؛ رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية.

ملفات كثيرة بانتظار هذا الرئيس، وإن كان هناك ملفان خارجيان يعدان أكثر الملفات سخونة بالنسبة لعهدته الثانية، الأول الحرب الروسية الأوكرانية، والثاني الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وما تمخض عنه من نتائج وتطورات خطيرة انعكست على الشرق الأوسط بنسختيه القديم والقادم المنتظر!

ترمب يتترس أمام الأمريكي المواطن والعالم بأسره، خلف المصالح الأمريكية ولا غير، مبتعدا عن الأيدولوجيات التي عادة ما تحاصر وتحصر أي رئيس أمريكي، وتجعله أسيرا لخطاب أيدلوجي شرس، قد يحد من حركته ويشل قدرته على المرور والمناورة في الأوقات الصعبة التي تتطلب قرارا أمريكيا خالصا ينتظره العالم ويناظره الآخرون انسجاما وتوافقا، حسب ما تقتضيه السطوة الأمريكية أولا ثم المصالح الداخلية لكل دولة كما يقال ويعلن.

وفي حالة ترمب المختلفة والمخالفة، فإن الجميع يتذكر موقفه من بعض الاتفاقات وإعلانه بطلانها، وموقفه الخاص من القضية الفلسطينية ورمزيتها الإسلامية الأولى وهي القدس، عندما قرر نقل السفارة الأمريكية إليها، في مشهد لم يتجرأ أحد من أسلافه على القيام به، هيبة ومهابة من هذا العمل وتداعياته الخطيرة التي يرى العالم بعض شواهدها اليوم، كل ذلك سيجعل العالم يتسمر واقفا على أصابعه في انتظار قرارات مصيرية جديدة، تأخذ أمريكا في اتجاه حاد وخطير، قد يترتب عليه حسابات مختلفة عن السابق والمعهود في طريقة التعاطي مع القضايا الشائكة، وخاصة القضية الفلسطينية المتأزمة اليوم أكثر من أي وقت مضى.

الأوربيون سيعيدهم ترمب إلى سابق ما أكده ودعا إليه، وهو يبتزهم علانية كون أمريكا هي المسؤولة عن حمايتهم، وهذا يتطلب منهم الدفع مقابل هذه الحماية التي نشرت السلام والأمن والرخاء في القارة العجوز، المهددة حاليا بتوغل روسي إذا ما حسم الأمر لصالحها في أوكرانيا، وإن كان هذا الأمر صعبا وغير موكد في ظل ظروف الحرب الحالية وضراوتها ومدى استعداد أمريكا لمواصلة دعم أوكرانيا للوقوف في وجه روسيا البوتينية العريقة والعتيقة.

البعض يرى في ترمب حالة شعبوية خالصة، والبعض الآخر يراه الصوت والصدى الحقيقي للمواطن الأمريكي، مجسدا بوصوله وصولاته الماضية والمنتظرة انعكاسا حقيقيا للديمقراطية الأمريكية، في حين أن بعض المحللين (الميتافيزيقيين) لا يرون في الجميع سوى إرادة الدولة العميقة، التي تعيد صياغة المشهد وفق ما يراد له ولشخوصه من أدوار دورية مؤقتة، تتغير بتغير الظرف وما يناسبه من وجوه جديدة تعيد ترتيب المشهد، الذي وإن اختلف في شكله، إلا أن المضمون يظل يخدم فكرة أصيلة مفادها؛ أن أمريكا يجب أن تبقى سلطة عظمى متسلطة لا ينازعها في حضورها أحد حتى حين.

alaseery2@