عمر العمري

برامج الدبلومات في الجامعات.. إلى أين المصير؟!

الأحد - 10 نوفمبر 2024

Sun - 10 Nov 2024

أعلن عدد من الجامعات مؤخرا عن برامج الدبلومات المتوسطة للفصل القادم بتخصصات براقة في الحاسب الآلي أو إدارة الأعمال والتسويق، أو المحاسبة المالية والتأمين أو العلاقات العامة.. وغيرها، وقد وصل الأمر إلى الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي، والغريب أن بعض هذه التخصصات لا يوجد منه حتى الآن درجة بكالوريوس في بعض هذه الجامعات، لتبدأ الجامعة بالتسويق والإعلان عن هذه الدبلومات في مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها وبشكل مخيف، وأنها فرصة العمر وطريقك الميسر نحو الالتحاق بالوظيفة مع إرفاق رابط التسجيل لسهولة الإجراءات وبخطوات ميسرة، وأنها متاحة لجميع الطلاب بعد المرحلة الثانوية وقد تكون حضوريا أو "عن بعد" لزيادة رغبتهم في الالتحاق بها، وحثهم على إكمال التسجيل لينتقل الطالب إلى الإجراء الأخير من هذا التسجيل الذي مر سريعا، وهو صفحة السداد، وهنا تكون الصدمة الكبيرة (أي أن هذه البرامج بمقابل مالي)، ليأتي السؤال الأول: من أين سيدفع هذا الطالب الذي للتو تخرج من المرحلة الثانوية؟ أم أنها زيادة أعباء على هذه الأسرة المسكينة، السؤال الثاني: هل هذه البرامج منتهية بالتوظيف حين يطرح مع هذه البرامج برشورات تعريفية ذات تصميم جميل وبألوان براقة لعدد من المجالات الوظيفية التي يمكن أن يتقدم عليها الطالب في القطاع الخاص، أم أنها تبيع الوهم على الطلاب؟ السؤال الثالث: ماذا ستقدم هذه البرامج التي تقام لمدة فصلين دراسيين أو أكثر بهذا العدد الفقير من المقررات النظرية وفي هذه المدة القصيرة وماذا سيتقن الطالب منها؟ والسؤال الرابع: ماذا سيقدمون هؤلاء الطلاب لسوق العمل أمام هذا العدد الهائل من طالبي العمل والحاملين لشهادات جامعية عليا للتخصصات نفسها أو شهادات احترافية؟ والسؤال الأهم: هل هذه البرامج لها تجسير وامتداد لإكمال مرحلة البكالوريوس مباشرة بعد الانتهاء بهذه السهولة نفسها في إجراءات التسجيل التي تمت سابقا في الدبلوم، أم أنها نهاية الحياة وتضييع للأوقات (وانقطع الحبل في منتصف البئر)؟

أعتقد أن هذه البرامج لا تدعم برنامج تنمية القدرات البشرية وهي إحدى برامج رؤية المملكة 2030، لأنها ستفرخ شهادات ضعيفة لا تمكنهم من الحصول على وظيفة في سوق العمل مقابل آخرين لديهم درجة البكالوريوس أو شهادات احترافية للتخصص نفسه، وأعتقد الآن أنه ليس للجامعات عذر ألا تدرك الأبعاد الاستراتيجية لهذه الرؤية الطموحة، وأن تفهمها فهما عميقا، وهي من لديها الأدوات البحثية والهرم الإداري الرشيق والدعم المادي وهذا الكم الهائل من المختصين والخبراء من أعضاء هيئة التدريس، في كيفية إعداد الكوادر البشرية وتعزيز تنافسيتهم واستهداف تنمية قدراتهم ومهارتهم، لصناعة كوادر وطنية مستعدة لسوق العمل الحالي والمستقبلي بقدرات طموحة وتنافسية محليا وعالميا، هل هذه البرامج الدبلومات المتوسطة بوضعها الحالي تسير بالمطلوب منها نفسه؟ وهل هي تدعم فرصة التعلم مدى الحياة وهل لها امتداد لإكمال درجة البكالوريوس أو الدراسات العليا بالسهولة نفسها لإجراءات التقديم عليها؟

على الجامعات حقيقة إعادة النظر في هذه البرامج واستغلال فرصة ما نعيشه في هذا العهد الزاهر من قفزات اقتصادية نوعية، حتى أصبحنا اليوم محط أنظار العالم ونقطة جذب كبيرة للاستثمارات العالمية، وتهاتف الشركات الكبرى للدخول إلى السوق السعودي وإنشاء مقررات إقليمية لها، وهذا يعطي دلالات واضحة على المستويات الاقتصادية التي نعيشها الآن، وبلا شك انعكاس ذلك على معدل التوظيف لدينا وبالتالي تراجع معدل البطالة إلى مستويات تاريخية، حيث بلغ 7.1%، مقتربا من مستهدف رؤية السعودية 2030 والبالغ 7%، لكن في الوقت نفسه السوق يحتاج إلى قدرات نوعية ومهارات متقدمة لمواكبة هذا التطور ونوعية الفرص الوظيفية.

أقترح كأول الحلول لهذ الموضوع جعل هذه البرامج مجانية لمن لم يحالفهم حظ القبول في الجامعة، لحث الجامعات على تطوير برامجها بما يواكب سوق العمل وفق جودة عالية ومعايير تنافسية، وتكون فرص حقيقية للطلاب لتطوير مهاراتهم، والتحاق المتميزين منهم والراغبين بعد ذلك بنظام التجسير وبقبول مباشر لإكمال دراستهم الجامعية.. (هكذا يكون الإعلان عنها).