الحقيبة التي ورثها الحفيد عن الجد المؤسس
الأحد - 10 نوفمبر 2024
Sun - 10 Nov 2024
هذا اليوم تحديدا كان لدي الكثير من الخيارات التي يمكن أن أضع لها عنوانا بارزا وملفتا. على غير العادة طبعا.
ففي فكرة بناء مقال معين – وهذا قلته كثيرا - العناوين مرهقة، تشبه كثيرا عودة سجين إلى زنزانته.
ويذهب ضحيتها الكاتب، ويصاب بكثير من الشتات الذهني.
هذا قدر من يشتم رائحة الحبر يوميا، وجاء من أروقة الصحافة، فهو إما مسكينا أو درويشا، وفي رواية كئيب منفصل عن الواقع.
حتما لا يشبه الانفصال الذي ينعت به البعض الأخ الرئيس بشار الأسد، لعدم دخول عاصمة الأمويين – المنخرطة في مشروع المقاومة المزعوم - على خط النار بين حزب الله في لبنان، وحركة حماس في غزة، ضد إسرائيل، حتى ولو بكلمة.
منطقيا ذلك حكمة وذكاء، كيف؟ من حق الرجل ألا يناصر من ساند الثورة بوجه حكمه عام 2011.
فحركة حماس التي كان يقيم رموزها بدمشق، وكانت تعاملهم معاملة رؤساء دول؛ اختارت مناصرة الشعب ضد نظام الأسد، وهذا حق لها، يقابله حق أبي حافظ بعدم التدخل في شؤونهم.
أتصور أن ثمة هناك ما هو أكثر عمقا من ذلك، ما هو؟ هو أن حركة حماس التي ابتدعت الحرب مع إسرائيل ولحق بها حزب الله، ذات منهجية إخوانية، فمعروف تاريخيا حالة العداء بين الجماعة والدولة السورية، لذا كانت دمشق بعيدة عن الحرب الطاحنة منذ أكتوبر ما قبل الماضي بين أطراف جميعها اكتوت بالنار.
وكل ما سبق ليس قضيتي، إنما فكرتي هذا اليوم تتمحور حول الوجود السعودي في خفايا الملفات العربية.
وهو التواجد الذي ينبذه عديد من المبرمجين، وأسرى المشاريع الكاذبة والمتناقضة، التي لا تخدم مصالحهم بل مصالح الغير.
وقصدت بالمبرمجين، مخلفات القوميين والعروبيين، فهاتان الطغمتان وجدتا مساحتمها الكبرى إبان حقبة جمال عبدالناصر التاريخية، التي أثبتت فشلها منذ يومها الأول.
والناصرية كما هو معروف عنها، زرعت في العالم العربي - من خلال الشعارات الرنانة - فكرة مواجهة الملكية، وروجت لورقة الوحدة؛ إلا أنها سرعان ما فشلت واصطدمت بالحقيقة.
أعود لموضوعي اليوم، الذي يشخص التواجد السعودي واعتداله في التعاطي مع قضايا الأمة منذ توحيدها على يد المؤسس الملك عبدالعزيز.
وهذا يمكن استنباطه من تقليب صفحات الماضي، التي ستقود لاكتشاف أن ما يسمى في السياسة "قوة ناعمة" ليست ابتكارا حديثا، إنما قد أسسها الأجداد، وسار عليها الأبناء والأحفاد.
فعلى سبيل الاستدلال، كان المؤسس حريصا على القضية الفلسطينية، وخاض أخذا وردا مع الرئيس الأمريكي روزفلت، بحكم العلاقة التي تربطهما بعد لقائهما الشهير، مناصرة للحق الفلسطيني. واستخدم مكامن قوته لذلك.
وجاء ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وأعاد الفكرة نفسها التي كرس لها جده قبل أكثر من سبعين عاما.
قال بالمعنى الواضح خلال كلمة له مؤخرا "لا علاقة مع إسرائيل دون فلسطين مستقلة".
وذلك ليس من باب السعي لخلق حالة من المواجهة أو الندية مع دولة ما سواء إسرائيل أو غيرها، بل تأكيد على عدة أمور، ما هي؟
أولا: ثبات الخط السياسي السعودي.
ثانيا: رفض توظيف ملفات العالم العربي لتحقيق مكاسب سياسية.
ثالثا: عدم البحث في قضايا العالم العربي لا سيما الملحة منها، عن أي شكل من أشكال النفوذ.
رابعا: احترام الأطر والأخلاقيات السعودية التي رسمها المؤسس منذ الأزل.
قد يقول قائل أنت سعودي، ومهمتك وواجبك التلميع في الصورة العامة لبلادك. وهذا حق للجميع أن يبدي رؤيته وتصوراته.
وردي على صاحب تلك المفاهيم، هذا غير صحيح، ليس لأني متعالٍ على بلادي، بل لأنها ليست بحاجة لذلك، وهي صاحبة حزمة من المفاهيم الثابتة، التي يفرضها وزنها الكبير.
ما الدليل؟ تبنيها تأسيس تحالف عالمي، لتنفيذ "حل الدولتين"، الذي من شأنه إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس.
والتحالف الذي التأم حول طاولته في الرياض الأسبوع الماضي، أكثر من 90 دولة ومنظمة حقوقية، ليس فكرة اعتباطية، إنما هو محاولة للضغط على المجتمع الدولي، للقبول بقيام دولة فلسطين، باعتبارها المخرج الذي ينهي الصراع، ويمنع الهمجية الإسرائيلية.
هل توقف الأمر عند هذا الحد؟ لا، فقد دعت المملكة لعقد قمة إسلامية لبحث العدوان على غزة ولبنان.
هل اكتفت الرياض بهذا الجهد؟ أيضا لا، كيف؟ حين أوعزت قبل أسابيع بتسيير جسر جوي، لتقديم مساعدات طبية وإغاثية للشعب اللبناني، لمواجهة ظروفه الحرجة.
وهنا يجب القول إن السعودية لم تنظر لمطلق الشرارة الأولى في الحرب الطاحنة التي تشهدها لبنان.
بل إنها قالت علنا ودون خشية، على لسان وزير خارجيتها الأمير فيصل بن فرحان؛ إن المملكة ستجيش الرأي العام الدولي ضد ممارسات إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني.
وهذا التصريح الشجاع له كلفته، في أروقة السياسة العالمية، وقد تحملت المملكة ذلك من منطلق مسؤوليتها أمام شعبها أولا، ومن ثم أمام الرأي العام العربي.
إن السياسة السعودية علمتنا رفض استغلال ثقوب الخرائط، وجراح الشعوب، والتفكير بالمنة في العطاء، والشماتة في الكسر والانهزام. لأن ذلك نابع من نخوة دولة، وشهامة شعب.
تلك بعض من العناوين العريضة التي يحتويها المنهج في الحقيبة التي ورثها الحفيد.. عن الجد المؤسس.
ففي فكرة بناء مقال معين – وهذا قلته كثيرا - العناوين مرهقة، تشبه كثيرا عودة سجين إلى زنزانته.
ويذهب ضحيتها الكاتب، ويصاب بكثير من الشتات الذهني.
هذا قدر من يشتم رائحة الحبر يوميا، وجاء من أروقة الصحافة، فهو إما مسكينا أو درويشا، وفي رواية كئيب منفصل عن الواقع.
حتما لا يشبه الانفصال الذي ينعت به البعض الأخ الرئيس بشار الأسد، لعدم دخول عاصمة الأمويين – المنخرطة في مشروع المقاومة المزعوم - على خط النار بين حزب الله في لبنان، وحركة حماس في غزة، ضد إسرائيل، حتى ولو بكلمة.
منطقيا ذلك حكمة وذكاء، كيف؟ من حق الرجل ألا يناصر من ساند الثورة بوجه حكمه عام 2011.
فحركة حماس التي كان يقيم رموزها بدمشق، وكانت تعاملهم معاملة رؤساء دول؛ اختارت مناصرة الشعب ضد نظام الأسد، وهذا حق لها، يقابله حق أبي حافظ بعدم التدخل في شؤونهم.
أتصور أن ثمة هناك ما هو أكثر عمقا من ذلك، ما هو؟ هو أن حركة حماس التي ابتدعت الحرب مع إسرائيل ولحق بها حزب الله، ذات منهجية إخوانية، فمعروف تاريخيا حالة العداء بين الجماعة والدولة السورية، لذا كانت دمشق بعيدة عن الحرب الطاحنة منذ أكتوبر ما قبل الماضي بين أطراف جميعها اكتوت بالنار.
وكل ما سبق ليس قضيتي، إنما فكرتي هذا اليوم تتمحور حول الوجود السعودي في خفايا الملفات العربية.
وهو التواجد الذي ينبذه عديد من المبرمجين، وأسرى المشاريع الكاذبة والمتناقضة، التي لا تخدم مصالحهم بل مصالح الغير.
وقصدت بالمبرمجين، مخلفات القوميين والعروبيين، فهاتان الطغمتان وجدتا مساحتمها الكبرى إبان حقبة جمال عبدالناصر التاريخية، التي أثبتت فشلها منذ يومها الأول.
والناصرية كما هو معروف عنها، زرعت في العالم العربي - من خلال الشعارات الرنانة - فكرة مواجهة الملكية، وروجت لورقة الوحدة؛ إلا أنها سرعان ما فشلت واصطدمت بالحقيقة.
أعود لموضوعي اليوم، الذي يشخص التواجد السعودي واعتداله في التعاطي مع قضايا الأمة منذ توحيدها على يد المؤسس الملك عبدالعزيز.
وهذا يمكن استنباطه من تقليب صفحات الماضي، التي ستقود لاكتشاف أن ما يسمى في السياسة "قوة ناعمة" ليست ابتكارا حديثا، إنما قد أسسها الأجداد، وسار عليها الأبناء والأحفاد.
فعلى سبيل الاستدلال، كان المؤسس حريصا على القضية الفلسطينية، وخاض أخذا وردا مع الرئيس الأمريكي روزفلت، بحكم العلاقة التي تربطهما بعد لقائهما الشهير، مناصرة للحق الفلسطيني. واستخدم مكامن قوته لذلك.
وجاء ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وأعاد الفكرة نفسها التي كرس لها جده قبل أكثر من سبعين عاما.
قال بالمعنى الواضح خلال كلمة له مؤخرا "لا علاقة مع إسرائيل دون فلسطين مستقلة".
وذلك ليس من باب السعي لخلق حالة من المواجهة أو الندية مع دولة ما سواء إسرائيل أو غيرها، بل تأكيد على عدة أمور، ما هي؟
أولا: ثبات الخط السياسي السعودي.
ثانيا: رفض توظيف ملفات العالم العربي لتحقيق مكاسب سياسية.
ثالثا: عدم البحث في قضايا العالم العربي لا سيما الملحة منها، عن أي شكل من أشكال النفوذ.
رابعا: احترام الأطر والأخلاقيات السعودية التي رسمها المؤسس منذ الأزل.
قد يقول قائل أنت سعودي، ومهمتك وواجبك التلميع في الصورة العامة لبلادك. وهذا حق للجميع أن يبدي رؤيته وتصوراته.
وردي على صاحب تلك المفاهيم، هذا غير صحيح، ليس لأني متعالٍ على بلادي، بل لأنها ليست بحاجة لذلك، وهي صاحبة حزمة من المفاهيم الثابتة، التي يفرضها وزنها الكبير.
ما الدليل؟ تبنيها تأسيس تحالف عالمي، لتنفيذ "حل الدولتين"، الذي من شأنه إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس.
والتحالف الذي التأم حول طاولته في الرياض الأسبوع الماضي، أكثر من 90 دولة ومنظمة حقوقية، ليس فكرة اعتباطية، إنما هو محاولة للضغط على المجتمع الدولي، للقبول بقيام دولة فلسطين، باعتبارها المخرج الذي ينهي الصراع، ويمنع الهمجية الإسرائيلية.
هل توقف الأمر عند هذا الحد؟ لا، فقد دعت المملكة لعقد قمة إسلامية لبحث العدوان على غزة ولبنان.
هل اكتفت الرياض بهذا الجهد؟ أيضا لا، كيف؟ حين أوعزت قبل أسابيع بتسيير جسر جوي، لتقديم مساعدات طبية وإغاثية للشعب اللبناني، لمواجهة ظروفه الحرجة.
وهنا يجب القول إن السعودية لم تنظر لمطلق الشرارة الأولى في الحرب الطاحنة التي تشهدها لبنان.
بل إنها قالت علنا ودون خشية، على لسان وزير خارجيتها الأمير فيصل بن فرحان؛ إن المملكة ستجيش الرأي العام الدولي ضد ممارسات إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني.
وهذا التصريح الشجاع له كلفته، في أروقة السياسة العالمية، وقد تحملت المملكة ذلك من منطلق مسؤوليتها أمام شعبها أولا، ومن ثم أمام الرأي العام العربي.
إن السياسة السعودية علمتنا رفض استغلال ثقوب الخرائط، وجراح الشعوب، والتفكير بالمنة في العطاء، والشماتة في الكسر والانهزام. لأن ذلك نابع من نخوة دولة، وشهامة شعب.
تلك بعض من العناوين العريضة التي يحتويها المنهج في الحقيبة التي ورثها الحفيد.. عن الجد المؤسس.