أحمد صالح حلبي

ما ذنب المساهمين يا وزارة التجارة؟

الاثنين - 13 مايو 2024

Mon - 13 May 2024

نشرت وسائل الإعلام أوائل مايو الحالي خبر قيام هيئة الرقابة ومكافحة الفساد «نزاهة»، خلال شهر أبريل 2024م بـ (1790) جولة رقابية، والتحقيق مع (268) مشتبها به، وبينت أن من بين المشتبه بهم موظفين من وزارات (الداخلية، الدفاع، الحرس الوطني، العدل، الصحة، الشؤون البلدية والقروية والإسكان، الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية).

وفي خبر آخر نشر في أوائل مايو أيضا أدانت لجنة الاستئناف في منازعات الأوراق المالية 13 مستثمرا بمخالفة نظام السوق المالية ولوائحه التنفيذية، وألزمتهم ومستثمرين آخرين بدفع 42.9 مليون ريال، حيث غرمت 13 منهم 17 مليون ريال، إثر قيامهم بإدخال أوامر شراء بهدف التأثير في سعر السهم ارتبط بعضها بأوامر بيع، وذلك أثناء تداولهم على أسهم عدد من الشركات المدرجة، وألزمتهم ومستثمرين آخرين بدفع ما مجموعه 25.9 مليون ريال نظير المكاسب غير المشروعة التي تحققت على محافظهم الاستثمارية.

وبين الخبرين يتضح الدور الذي تقوم به الجهات الرقابية لحماية الحقوق، ومعاقبة المخالفين للأنظمة واللوائح ومستغلي مناصبهم الوظيفية، وأولئك الذين يسعون للتحايل على المواطنين وسلب حقوقهم بطرق وأساليب يرون أنها تسير وفقا للنظام وهي في حقيقتها مرتبطة بعمليات تغرير.

وبعيدا عن هيئة الرقابة ومكافحة الفساد «نزاهة»، وهيئة سوق المال، فإن معاناة مساهمي بعض الشركات المقفلة باتت تشكل عائقا لاستثماراتهم التي ينتظرون عوائدها نهاية كل عام مالي، والتي لا تنحصر في ارتفاع التكاليف وانخفاض الأرباح، لكنها تتجاوز ذلك في لقاءات وحوارات المساهمين مع مجالس الإدارات.

فالمؤسف أن بعض مسؤولي هذه الشركات يرون خلال لقاءاتهم بالمساهمين أنهم الأفضل علما وخبرة، ويتحدثون بلغة تحمل من الغرور والكبرياء مالا يمكن قبوله، متناسين أن من أوصلهم لمقاعد مجلس الإدارة هم المساهمون.

قضية أخرى أكثر ألما حينما نسمع أن رئيس مجلس إدارة شركة تحدث بأسلوب المبالغة عن عوائد الأرباح المتوقعة خلال العام القادم، وأن سهم الشركة الذي حدد في بداية التأسيس بعشرة ريالات سيصل خلال عامين إلى أكثر من مائتي ريال!

قد يكون من الممكن قبول ارتفاع عائد وقيمة السهم، إن كان لدى الشركة أصول تعتمد عليها، لكن أن الشركة لا تملك أصولا متداولة، أو أصولا ثابتة (الأصول غير المتداولة)، ولا أصولا ملموسة، ولا أصولا غير ملموسة، ولا تملك أصولا استثمارية وتجارية، فكيف يرتفع عائد السهم وقيمته؟

من الواضح أن مثل هذه الأقوال إنما تستهدف التغرير بالمساهمين وكسب ودهم للموافقة على ما يطرح من قرارات في الجمعية العمومية.

إن ما يحتاجه المساهمون سواء كانوا من المؤسسين أو المكتتبين الجدد هو ضمان حقوقهم الأدبية والمالية وفقا لأنظمة الدولة ولوائحها، سواء من خلال الإدارة العامة للحوكمة والتزام الشركات أو غيرها من قطاعات وزارة التجارة حتى لا تضيع هذه الحقوق بأخطاء يرتكبها بعض رؤساء وأعضاء مجالس الإدارات تكون نتيجتها الإعلان عن إفلاس الشركة وإغلاقها.

ويأملون من وزير التجارة ليس قيام الإدارة العامة للحوكمة والتزام الشركات بـ «متابعة عقد الجمعيات العمومية للشركات وتقديمها للقوائم المالية»، بل القيام بجولات مفاجئة على مقار الشركات الرئيسة للتعرف عن مدى التزام رؤساء وأعضاء مجالس الإدارات بنظام الشركات الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/132) وتاريخ 1 / 12 / 1443هـ، ولائحته التنفيذية، وعدم استغلال أي منهم لمنصبه بتعيين أي من أقربائه أو أصدقائه بمناصب وظيفية لا يستحقونها وبمرتبات مبالغ فيها، ومتابعة اللقاءات التي تعقد مع المساهمين وحضورها وسماع مناقشاتها، وإيضاح الصور الحقيقية لما يطرحه رئيس مجلس الإدارة من أقوال ومدى التزامه بالأنظمة واللوائح، ومراقبة أدائه والتزامه بها، وتحذير المساهمين من الانسياق خلف كلمات تأتي مقدمتها مقرونة بعبارة «الحرص على حقوق المساهمين»، أما نتائجها فهي ضياع مؤكد لهذه الحقوق، والنظر في مخالفات بعض مجالس الإدارات، وتجيير العقوبات المالية على المخالفين لا على المساهمين الذين تؤدي هذه العقوبات لخفض أرباحهم التي ينتظرونها نهاية كل عام.

كما أن تجير المخالفات على مرتكبيها وحسمها من مستحقاتهم المالية سيكون عبرة لهم لعدم تكرارها خاصة مخالفة نظام الشركات، وأنظمة العمل والإقامة لكونها مخالفة لأنظمة ولوائح الدولة، وليست مخالفة عارضه دون قصد.