فيصل الشمري

لماذا ستزداد شعبية ترمب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية بعد محاولة اغتياله؟

الأربعاء - 24 يوليو 2024

Wed - 24 Jul 2024

هناك أبعاد محلية ودولية كثيرة وهامة لمحاولة الاغتيال التي تعرض لها الرئيس دونالد ترمب؛ حيث يعبر الكثيرون من أنصاره عن سخطهم لفشل قوات الحماية السرية المكلفة بحماية رؤساء الجمهورية في منع الشخص الذي حاول اغتيال ترمب بالتخلص منه قبل أن يبدأ في إطلاق الرصاص عليه أولا.

وتزداد المناقشات الحادة والجدل الصاخب حول محاولة اغتيال ترمب، وهذا أمر سيجعل النقاش السياسي في أمريكا والحديث حول الحملة الانتخابية للرئاسة أمرا يسبب خلافات عميقة تسود المجتمع والسياسة في الولايات المتحدة.

هناك العديد من نظريات المؤامرة التي يتم تداولها، ومنها أن الحكومة الأمريكية المركزية (الفيدرالية) هي التي دبرت محاولة اغتيال الرئيس ترمب، وهذا ما سوف يزيد الخلافات حول تقييم شخصية الرئيس ترمب، وقد تصبح محاولة اغتيال الرئيس ترمب أمرا يعقد توليه الرئاسة مرة أخرى؛ لأن الكثيرين سوف يرونه على أنه مازال موضع حقد وكراهية العديد من خصومه.

بالإضافة إلى أنه قد يعتبر البعض أن وصول الرئيس ترمب مرة أخرى إلى البيت الأبيض فرصة سانحة له كي ينتقم شخصيا من معارضيه، وهؤلاء المعارضون للرئيس دونالد ترمب هم من ورطوه في قضايا جنائية قد تطيح به في السجن.

ووصلت المعارضة لترمب أن هناك من حاول التخلص منه عن طريق تصفيته جسديا؛ لذا فإن هناك العديد من الجمهوريين الذين يتهمون الرئيس جو بايدن شخصيا وإداراته بصورة عامة بخلق الجو السياسي الذي سبب الكراهية تجاه شخص دونالد ترمب مما جعل محاولة اغتياله أمرا متوقعا.

هؤلاء الكارهون لترمب يصورونه دائما على أنه قائد متهور، وأنه سوف يحكم أمريكا بطريقة دكتاتورية، وأن ما يؤمن به وعقيدته السياسية أمور منافية للديمقراطية. «إن ترمب خطر على الديمقراطية الأمريكية» تصريح كان يطلقه الكثير من مناهضي ترمب منذ زمن طويل.

من الملاحظ أن محاولة اغتيال ترمب جاءت قبل أيام قليلة من انعقاد المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري في مدينة ميلواكي بولاية ويسكنسون.

وقد يكون هذا المؤتمر مجالا لأن تأخذ قضية محاولة اغتيال ترمب بعدا حزبيا. لكن قد لا يرغب الرئيس ترمب شخصيا في أن يكون لمؤتمر الحزب الجمهوري موقف حزبي ضيق بخصوص حادثة محاولة اغتياله.

سوف يدعو ترمب من منبر الحزب إلى وحدة بلاده وأن تكون تلك الواقعة نقطة تلاقي لكل الأمريكيين مهما اختلفت أصولهم العرقية، وديانتهم، وطوائفهم، وانتماءاتهم الحزبية، ومعتقداتهم الشخصية، واتجاهاتهم السياسية.

معنى هذا أن ترأمب شخصيا لن يجعل محاولة اغتياله جزءا من حملته الانتخابية.

وكما ذكرت صحيفة النيويورك تايمز «أرسل اثنان من القياديين في حملة انتخاب ترمب للرئاسة وهما السيد كريس لا سيفيتا، والسيدة سوزي ويليس، مذكرة تحتوي على معلومات واضحة بعدم ذكر أي شيء في الحملة عن محاولة قتل ترمب.»

لكن يجب ذكر أن محاولة اغتيال ترمب في مدينة بتلر في ولاية بنسلفانيا يوم السبت الموافق 13 يوليو من عام 2024 كانت حادثة شنعاء في وسط حملة انتخابية تعتبر من أكثر الحملات الانتخابية خصومة في تاريخ أمريكا المعاصر.

وعلى الرغم من هذا، فإن محاولة اغتيال ترمب ستزيد من شعبيته.

سوف ينظر إليه على أنه بطل يقف ضد المؤسسة الأمريكية ذات التوجهات الليبرالية والمغرورة وصاحبة السياسات الخاطئة.

ويقيم الأمريكيون ترمب على أنه شخص قدم العديد من التضحيات وتحمل الكثير من المصاعب كي يبذل جهده في مجال الحياة العامة.

وهو يقاوم المحاولات المغرضة ضده والتي ترمي إلى إلحاق الاتهامات الجنائية ضده كشخص قام بأخطاء فادحة.

سيقول الناس عن ترمب إنه شخص أطلق حملة سياسية انتخابية حقيقية من أجل إعادة أمجاد أمريكا، هو إنسان يهتم بالفرد العادي في أمريكا ويعمل على رفاهيته، وهو على استعداد للأخذ على عاتقه تحديات كبيرة لم تستطع إدارات سابقة التعامل معها مثل كيفية تحدي الصين اقتصاديا وعلى المستوى الدولي.

ومن ثم، يتوقع الكثيرون زيادة سمعة ترمب بطريقة إيجابية بعد ما تعرض له من محاولة اغتيال في بتلر، بنسلفانيا وسينعكس هذا بأسلوب إيجابي في استطلاعات الرأي التي تقيس مدى شعبية المرشحين.

ستنطبع في أذهان وعقول الشعب الأمريكي صورة دونالد ترمب وهو محمول من قبل الحرس السري بعد إصابته وفي نفس الوقت يرفع قبضة يديه في الهواء وكأنه يرسل رسالة عميقة ومؤثرة إلى الشعب الأمريكي بأنه رمز للإخلاص والكفاح من أجل المبادئ.

وستضفي صورة ترمب وهو يدمي إلى بعد القيادة الملهمة لشخصيته، وسيجعل هذا العديد من الأمريكيين مقتنعين بأن رسالة ترمب هي نافعة لمصالحهم وأنه سيقوم بتغيير حقيقي في حياتهم.

وسيتعاطف الشعب الأمريكي بصورة أكبر مع ترمب، وسيعتقدون بأنه يحاول بكل قواه معالجة مشاكل كثيرة للشعب الأمريكي.

مرة أخرى، إن صورة ترمب ووجهه يدمي من ناحية أذنه، وهو محمول على أيدي رجال الأمن السري سيجعل الكثير من الأمريكيين متذكرين لعدة فضائل له، بصورة تخالف تماما الطريقة التي يعرض بها في وسائل الإعلام.

وفي الواقع، إن هناك الكثير من الأمريكيين الذين يرفضون الاتهامات الموجهة إليه مثل أنه كان على علاقة مع ممثلة إباحية، والذي قد يزج به في السجن.

وكمثال، يخشى الكثير من الأمريكيين من ارتفاع معدل الجريمة، وهذا ما يجعلهم عرضة للوقوع ضحايا لها؛ لكن عندما يشاهدون دونالد ترمب وهو رئيس أمريكي سابق ورجل أعمال ناجح، عرضة للجريمة، فإن هذا سيجعلهم يفكرون بأن دونالد ترمب لا يختلف عنهم في مشاعرهم ومشاكلهم. إنه يشاركهم في آلامهم وهمومهم.

يتوقع الناخبون الأمريكيون الآن الكثير من دونالد ترمب مقارنة بتوقعاتهم تجاه الرئيس بايدن، ويرى الكثير من الأمريكيين أن بايدن على علاقة وثيقة بالصفوة السياسية في الكونجرس، والصفوة الثقافية في هوليوود، والصفوة الأكاديمية، والصفوة الاقتصادية الرأسمالية المتمثلة في قيادات شركات الكمبيوتر العملاقة.

لكن مع إعلان بايدن عن انسحابه من السباق الانتخابي ودعمه لكمالا هاريس كمرشحة للرئاسة، يبقى السؤال حول مدى قدرة هاريس على مواجهة التحديات التي تواجه البلاد.

ومن الغريب أن الهيئات التابعة للحكومة الأمريكية، مثل مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، التي تحقق في التهم المنسوبة لترمب، قد تجد نفسها الآن مضطرة للدفاع عنه من خلال الكشف عن الدوافع والأسباب وراء محاولة اغتياله.

ان أكثر شيء متوقع الآن من دونالد ترمب هو كيف سيغير من لهجة خطابه السياسي ويحول أحاديثه إلى خطاب تصالحي وخطاب وفاق. وكلما ازدادت أرقامه ارتفاعا في استطلاعات الرأي العام، سيذكر ترمب دائما أنه سيعمل حتى يكون رئيسا لكل الأمريكيين وليس فقط رئيسا للجمهوريين.