نبيل عبدالحفيظ الحكمي

مدن التقنية الحيوية!

الأربعاء - 01 مايو 2024

Wed - 01 May 2024

في عصرنا هذا، حيث يتقدم العلم والتقنية بخطى متسارعة، تبرز «التقنية الحيوية» كأحد أهم المجالات التي تعد بإحداث ثورة في كيفية تعاملنا مع التحديات الصحية والزراعية والصناعية والبيئية التي تواجهنا.

مع التركيز المتزايد على الابتكار والحلول المستدامة، شهدت بعض المدن حول العالم تحولا ملحوظا لتصبح مراكز عالمية رائدة في مجال التقنية الحيوية، مستفيدة من نظمها البيئية القوية التي تشمل شركات ومؤسسات بحثية مرموقة وشراكات استراتيجية بين القطاع الصناعي والأكاديمي، ولا يخلو ذلك من دعما حكوميا كبيرا.

مع التركيز المتزايد على الاستدامة، تواصل مدن عالمية ريادتها في مجال «التقنية الحيوية» من خلال تعزيز البحث والتطوير والابتكار والتي تسهم في حماية البيئة، وفتح آفاق جديدة للابتكار والنمو.

بالنظر إلى المستقبل، يبدو واضحا أن التقدم في «التقنية الحيوية» سيستمر في الاعتماد على هذه المراكز العالمية التي تشكل الآن معاقل للابتكار والتطور في هذا المجال الحيوي.

مع رؤية جريئة واستثمار استراتيجي، تبرز مدينة نيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية كمركز عالمي للتقنية الحيوية.

مع فرص تمتد عبر مجالات مرضية مثل الأورام، أمراض القلب، الأعصاب، الغدد الصماء، وغيرها من الأمراض، تثبت مدينة نيويورك أنها أرض خصبة لتطوير وابتكار العلاجات والأجهزة واللقاحات وأدوات الصحة الرقمية وحلول الاستدامة.

شهدت المدينة زيادة بنسبة 59% في عدد الوظائف في المجال الصحي والتقنية الحيوية على مدى العقد الماضي، مع زيادة عدد الشركات أربع أضعاف من عام 2019 حتى نهاية عام 2023، وأكثر من 4 ملايين قدم مربع من المختبرات المتخصصة المتقدمة.

تلتقي مدينة نيويورك في هذه الايام استثمار عام يزيد عن 1.1 مليار دولار لخلق أكثر من 40 ألف وظيفة، حيث إن عدد الشركات في مجال التقنية الحيوية والمجال الصحي في المدينة يصل إلى 1000 شركة، وفتح 10 ملايين قدم مربع من المختبرات المتخصصة المتقدمة.

لا يمكن الحديث عن التقنية الحيوية دون ذكر منطقة خليج سان فرانسيسكو في الولايات المتحدة الأمريكية.

حيث تعد هذه المنطقة مهدا للابتكار في التقنية الحيوية، بفضل تواجد معاهد بحثية عالمية مثل جامعة كاليفورنيا في بيركلي وجامعة ستانفورد، إلى جانب شركات تقنية حيوية رائدة ومستثمرين رأس المال الجريء.

البيئة الداعمة هنا تشجع على الابتكار والتطور المستمر.

مدينة بوسطن في الولايات المتحدة الأمريكية تعتبر من أهم المراكز العالمية في مجال التقنية الحيوية، بفضل تركيزها الكبير على البحث والتطوير.

المدينة موطن لجامعات عريقة مثل جامعة «إم آي تي» وجامعة «وهارفارد»، التي تعمل بشكل وثيق مع القطاع الصناعي والتقني والصحي لتسريع وتيرة الابتكار.

كما تجذب المدينة استثمارات ضخمة في مجال البحث العلمي والتطوير، ما يجعلها مركزا حيويا للشركات الناشئة والعملاقة في مجال التقنية الحيوية.

مدينة كامبريدج في المملكة المتحدة هي واحدة من أبرز المراكز الأوروبية في مجال التقنية الحيوية، حيث تجمع بين تاريخ عريق في التعليم والابتكار ونظام بيئي مزدهر للشركات الناشئة والمؤسسات البحثية.

جامعة كامبريدج، بسمعتها العالمية في البحث العلمي، تعد قلب هذه المدينة التقني. المنطقة المحيطة بالجامعة، المعروفة باسم «مثلث كامبريدج»، تضم شبكة واسعة من الشركات الناشئة والمعامل البحثية والمؤسسات التي تركز على التقنية الحيوية، مما يجعلها نقطة جذب للعلماء والباحثين من جميع أنحاء العالم.

سنغافورة، بفضل استراتيجيتها الوطنية للعلوم والتقنية وسياساتها المواتية للأعمال، قد نجحت في تأسيس نفسها كمركز رئيس للتقنية الحيوية في قارة آسيا.

الحكومة السنغافورية تستثمر بكثافة في البحث والتطوير وتقدم حوافز للشركات الناشئة، مما يسهم في خلق بيئة مزدهرة للابتكار.

بالإضافة إلى ذلك، تجذب سنغافورة المواهب العالمية بفضل نظامها التعليمي الممتاز وجودة الحياة العالية.

مدينة زيورخ، في دولة سويسرا، من أكثر المدن جاذبية للعيش في العالم، وأيضا تعتبر مركزا هاما للتقنية الحيوية، خاصة في مجالات الأدوية المبتكرة.

البنية التحتية البحثية المتقدمة، بما في ذلك المعاهد مثل ETH Zurich، والدعم القوي من القطاع الصناعي، توفر الأساس لبيئة نابضة بالحياة للابتكار والتطوير.

بالنظر إلى المستقبل القريب، من المتوقع أن تبرز مدن جديدة كمراكز عالمية للتقنية الحيوية، مع التركيز بشكل خاص على «نيوم» و«الرياض»، وغيرها من المدن السعودية التي تتماشى مع الاستراتيجية الوطنية للتقنية الحيوية التي أطلقها سيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان حفظه الله.

هذه الاستراتيجية تعكس الطموح الكبير للمملكة في تحويل وطننا الغالي إلى مركز ريادي عالمي في مجال التقنية الحيوية، من خلال استثمارات ضخمة وتطوير البنية التحتية المتقدمة، وجذب الكفاءات والمواهب العالمية، بما يتماشى مع رؤية 2030.

تشير هذه التطورات إلى بداية عصر جديد من الابتكار والنمو في قطاع التقنية الحيوية على مستوى العالم، مع وضع السعودية كلاعب رئيس في هذا المجال.

nabilalhakamy@