عبدالمعين عيد الأغا

هل سيغني «الذكاء الاصطناعي» عن الطبيب؟

الثلاثاء - 30 أبريل 2024

Tue - 30 Apr 2024

يعيش العالم الآن ثورة تكنولوجية مذهلة تفوق الوصف، فلا يكاد يمر يوم إلا ونسمع عن ابتكارات واختراعات جديدة أنتجت لخدمة البشرية.

وفي الاتجاه الآخر أصبح لزاما على المجتمعات العالمية مواكبة هذه التطورات، سعيا إلى التقدم للأمام، والارتقاء بمستوى الأداء والإنتاج.

ومن تطورات التكنولوجيا الحديثة ما حققه «الذكاء الاصطناعي» كنقلة نوعية على مستوى العالم في كل المجالات المختلفة، ومنها «الطب».

فقد أثبت الذكاء الاصطناعي حتى الآن قدرته على إحداث تحول كبير في مجال الطب، فجميع المؤشرات والتقارير الإعلامية العالمية، كشفت نجاح المستشفيات في الاستفادة من منظومة الذكاء الاصطناعي، بتقليل الأخطاء البشرية وتحسين الكفاءة وجودة العملية الصحية، وتعزيز الجودة الصحية، والتعليم الطبي، وتمكين طلاب الطب من اكتساب المهارات العلمية بشكل أكبر وأدق.

ويظل السؤال: ما القوة التي تقف وراء الذكاء الاصطناعي؟

الجواب بالطبع: «الخوارزميات»، وهي مجموعة من الإرشادات المصممة لحل المشكلات أو اتخاذ القرارات في مجالات معينة، وهي تمثل العقل المفكر للأنظمة الذكية.

فبفضل هذه الخوارزميات أصبح بإمكان الأنظمة استقبال معلومات من البيانات، وتحليلها واستخلاص النتائج المتوقعة، فخوارزميات الذكاء الاصطناعي تلعب دورا حيويا في تمكين الأنظمة من محاكاة قدرات الذكاء البشري، إذ تستخدم خوارزميات الذكاء الاصطناعي كأدوات لتعزيز قدراتنا البشرية وليس بديلا عنها، فخلال التعاون المستدام والبحث المستمر، يمكن أن تضمن مجتمعات العالم أن الذكاء الاصطناعي سيستمر في خدمة البشرية، وتحسين الحياة على مدى السنين القادمة.

ونأتي إلى السؤال المهم والأهم: هل الذكاء الاصطناعي يغني عن الطبيب؟.

بالتأكيد (لا)، فالتكنولوجيا لن تحل محل الأطباء، مهما بلغت قوتها في الفكر والأداء والذكاء، بل ستعزز قدراتهم وتساعد في تحسين جودة الخدمات الصحية، وتحديث مهارات الأطباء وتزويدهم بالمستجدات التي تشهدها ساحة الطب، وكل ذلك سيسهم في تحسين وتطوير ممارساتهم وتحسين مستوى الرعاية الصحية العامة.

وبذلك نستطيع القول، إن الذكاء الاصطناعي سيدخل حتما ضمن المسارات الطبية كأداة مساعدة للطبيب، ولا يمكن أن يلغي دوره لاعتبارات كثيرة تتصدرها أن المريض يحتاج إلى إنسان يتعامل معه، أو بالأحرى يتعاطف معه ويظهر له الود، ومن الصعب على الذكاء الاصطناعي أن يؤدي هذا الدور.

كما أن علاقة الطبيب بالمريض ليست محصورة فقط في تقديم التشخيص وتوفير العلاج، بل تشمل أيضا الاهتمام باحتياجاته، وتفهم حالته النفسية.

كما نجد أن الذكاء الاصطناعي لا يمتلك عقل الإنسان، وبالتالي فهو غير مبدع، وإنما يتبع طريقة نمطية في التشخيص، وقد يفشل في تشخيص بعض المشكلات التي تتطلب تفكيرا إبداعيا، فقد يكون التشخيص قائما على حدث نفسي وقع للمريض، أو أمر متعلق بتاريخه المرضي الذي ذكره المريض للطبيب، فيصل الطبيب المعالج خلاله إلى التشخيص الصحيح وتحديد العلاج اللازم،.

كما نجد أن قدرة الطبيب على التنبؤ بالمضاعفات بعد تشخيص المرض أو إجراء العملية الجراحية تفوق الذكاء الاصطناعي، بينما التنبؤ عبر الذكاء الاصطناعي فلن يكون بقدرة الطبيب، فقد يزداد احتمال الأخطاء نتيجة كثرة البيانات المتوافرة.

ومن هنا، فالطبيب البشري لا بد من إشرافه مهما بلغ تقدم الذكاء الاصطناعي في مجال الطب وخدمة الرسالة الإنسانية.