«ملك» طفلة فلسطينية أحزنت العالم

وجدوها على شجرة بعد يومين من ولادتها واستشهاد كل أسرتها في غارة إسرائيلية
وجدوها على شجرة بعد يومين من ولادتها واستشهاد كل أسرتها في غارة إسرائيلية

السبت - 13 أبريل 2024

Sat - 13 Apr 2024

الممرضة أمل أبو ختلة والطفلة الرضيعة ملك (مكة)
الممرضة أمل أبو ختلة والطفلة الرضيعة ملك (مكة)
تدخلت عناية الله سبحانه وتعالى لإنقاذ رضيعة فلسطينية، عثر عليها على شجرة بعد يومين من ولادتها، في قصة تشبه المعجزات شغلت الشبكات الإخبارية العالمية في الآونة الأخيرة.

أشار تقرير لشبكة «إن بي سي نيوز» الأمريكية إلى أن الطفلة سقطت على الأغصان بعد غارة جوية من جيش الاحتلال الإسرائيلي الغاشم، تسببت في مقتل أفراد أسرتها في نوفمبر الماضي.

وقدر رئيس وحدة الأطفال حديثي الولادة بمستشفى الشفاء، ناصر بلبل، بعد وصول الطفلة إلى المستشفى ووفق حبلها السري، أن عمرها كان يومين فقط حينها.

وأكد أنه وزملاؤه اعتقدوا أن «ملاكا» وراء بقائها على الحياة الشجرة، وهو ما ألهمهم باختيار اسمها، حيث أطلقوا عليها اسم «ملك» فيما بعد.

حكاية ملك
وفقا للشبكة الأمريكية، وصلت ملك بعمر أيام إلى المستشفى الإماراتي بمدينة رفح جنوب غزة، ومع عدم وجود أسرة ترافقها، والافتراض بأن جميع أفراد أسرتها ماتوا، كتب المسعفون أنها «مجهولة».

وبعد 6 أشهر بالمستشفى، أوضح تقرير الشبكة الأميركية أنها صارت «نجمة الجناح» الذي تعمل فيه ولية أمرها الجديدة أمل أبو ختلة (32 عاما) كممرضة.

وقالت أبو ختلة: «واجهنا كثيرا من القصص الكارثية بسبب الحرب، لكن أكثر قصة تأثرت بها هي قصة ملك». مضيفة بأن أطفالا آخرين كان برفقتهم أفراد من أسرتهم، لكن ملك «لم تكن كذلك وكانت مجهولة الهوية».

طفلة وحيدة
مع حصار الجيش الإسرائيلي لمستشفى الشفاء، وسط تضاؤل الإمدادات وانقطاع التيار الكهربي المتكرر، تم نقل ملك مع 30 طفلا من حديثي الولادة إلى المستشفى الإماراتي.

بدأت تتوطد علاقة أبو ختلة بالطفلة، حينما كانت تعالجها في المستشفى، وبعدما عاد طفلان إلى أسرهما، ونُقل البقية إلى مصر لمزيد من العلاج، ظلت ملك وحيدة بلا عائلة ولا اسم.

وصرحت الممرضة: «تأثرت حقا وتقربت منها كثيرا»، مضيفة بأنها قدمت طلبا لوزارة الصحة، تمكنت بموجبه من اصطحاب الطفلة معها إلى منزلها، ووعدت بأنها ستعوضها عما مرت به.

الأم الجديدة
ساعدت أسرة الممرضة أبو ختلة في الاعتناء بملك، وزودتها المستشفى بالحليب والحفاضات، ووفق تقديرات منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسف»، تعد ملك واحدة من بين 17 ألف طفل على الأقل غير مصحوبين أو منفصلين عن أسرهم.

وواصلت أبو ختلة حديثها للشبكة الأميركية، وقالت، إن أسرتها «تقبلت دورها الجديد كأم عزباء، ويعاملون ملك كواحدة من الأسرة»، لكن تظل المخاوف قائمة بشأن المستقبل، إذ هدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، أكثر من مرة، بشن عملية برية في رفح التي يحتمي بها أكثر من نصف سكان القطاع، البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة.

وقالت الممرضة، إنه حتى الآن يتم البحث عن معلومات عن أسرة الطفلة، وأضافت: «بالنسبة لمستقبلها معي، فقد تركته إلى الله».

جمع الشمل
خلال عملية الإنقاذ توفي 8 أطفال، وبقي 3 في جنوب غزة، وفقا لمسؤولي الصحة في القطاع، ونقل 23 طفلا إلى مصر، حيث استطاعوا النجاة من المعارك في غزة، وقد تم جمع شمل بعضهم بوالديهم حيث يعيشون وسط الخطر، فيما سيبقى بعضهم دون عائلة، أو لا يمكن الوصول لعائلاتهم، مما يثير تساؤلات محيرة عن مصيرهم بعدما تنتهي الحرب.

وعرضت واشنطن بوست قصة شيماء أبو خاطر (23 عاما) التي ولدت في مستشفى الشفاء طفلتها كندة، والتي بقيت في مستشفى الشفاء أواخر أكتوبر الماضي، حيث لم تكن تعلم مصير طفلتها الرضيعة حتى أواخر نوفمبر، وبعدها في ديسمبر سمح لها بالعبور إلى مصر حتى تلتقي بها، وقالت أبو خاطر للصحيفة بعد جمعها بطفلتها، إنها قبل ذلك لم تكن تشعر أنها «أم».

معاناة الأطفال في حرب غزة
20,000 طفل ولدوا خلال الحرب
17,000 طفل بلا أسرة أو عائل
50 % نسبة الأطفال من سكان غزة
55 % من شهداء الحرب أطفال

أطفال ينزفون
قالت الأمم المتحدة إن قرابة 20 ألف طفل ولدوا في ظل ظروف «لا يمكن تصورها» في غزة منذ اندلاع الحرب في القطاع.

وروت المتحدثة باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسف» تيس إنغرام، بعد عودتها من زيارة إلى غزة مشاهداتها عن أمهات نزفن حتى الموت، وممرضة اضطرت لإجراء عمليات ولادة قيصرية لست نساء حوامل متوفيات، وقالت: «هناك طفل يولد كل عشر دقائق وسط هذه الحرب المروعة».

وأضافت، «الأمومة يجب أن تكون مناسبة للاحتفال في غزة، إنها طفل آخر يخرج إلى الجحيم»، مشددة على ضرورة أن يكون هناك تحرك دولي عاجل، وتابعت، «رؤية أطفال حديثي الولادة وهم يعانون، بينما تنزف بعض الأمهات حتى الموت، يجب أن يصيبنا جميعا بالأرق».

محاصرة المستشفيات
أصبح عدد كبير من أطفال غزة يتامى خلال الأشهر الـ6 الأولى من الحرب البربرية التي شنتها إسرائيل، وتسببت في استشهاد أكثر من 33 ألف شخص، معظمهم من النساء والأطفال، وفقا لوزارة الصحة في غزة.

ومع اشتداد المعارك في غزة التي طالت المستشفيات، وجدت طواقم طبية نفسها مجبرة على المغادرة بسبب الهجمات الإسرائيلية ومحاصرة منشآت طبية، ليتركوا خلفهم المرضى وحتى أطفالا وضعوا في حاضنات الخداج.

وخلال الفترة الماضية، عندما أجبرت القوات الإسرائيلية الطواقم الطبية على إخلاء مستشفى الشفاء، ظل مصير أطفال حديثي الولادة مجهولا، حتى أعلنت منظمة الصحة العالمية أنها أجلت 31 طفلا إلى مكان آمن نسبيا، من قبل بعثتهم الطبية وجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، حسب تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست.

أطفال مجهولون

بقاعة الأطفال في المستشفى بمصر تصطف أسرّة أطفال رضع، لم يطالب بهم أي أحد، ولا يعرفون إلا بأسماء أمهاتهم المأخوذة من علامات ألصقت على كواحلهم عند الولادة.

ووصلت 5 أمهات لأطفال رضع إلى مصر، بعد أن قام العاملون الصحيون في غزة بتتبع معلومات الاتصال الخاصة بهن، ووضعوها في قائمة، حسبما قاله أسامة النمس، وهو ممرض من غزة، للصحيفة.

وبالنسبة للأطفال الـ8 الذين لم يطالب بهم أحد، يبدو أن لا أحد يعرف مكان والديهم، أو ما إذا كانوا على قيد الحياة.

ويؤكد مدير المستشفى في مصر، رمزي عبدالعظيم، إنه بعدما يقرب من 3 أشهر من رعاية الأطفال: «أصبحت جميع الممرضات أمهاتهم الآن».