عبدالمعين عيد الأغا

صيام «السكريين».. السلامة أولا

الأربعاء - 21 فبراير 2024

Wed - 21 Feb 2024


أيام قليلة ويهل علينا شهر الخيرات وبلوغ الغفران والتراحم والتواصل والتسامح والتقوى والصبر، وسبحانه القائل في محكم التنزيل (فمن شهد منكم الشهر فليصمه).

ولا شك في أن سلامة مريض السكري مع صوم رمضان هي الأساس الذي يعتمد عليه «هل يصوم أم لا؟»، والطبيب المعالج هو من يقرر ذلك، لكون السلامة أولا هي أفضل وسيلة في الممارسة الطبية، وهذا ضروري للحفاظ على الروح والنفس.

وفي الواقع ينبغي أن يكون قرار الصيام من عدمه هو قرار فردي «يعتمد على حالة المريض ولا يجوز التعميم» فكل مريض سكري يختلف عن الآخر، فالقاعدة الأساسية هي الفردية وليس «التعميم»، فهناك من لديهم مخاطر صحية منخفضة مقابل آخرين لديهم مخاطر صحية عالية، إذ يحظر على السكريين من الفئة عالية الخطورة أن يصوموا لمنع إيذاء أنفسهم على أساس اليقين أو رجوح احتمال حدوث الضرر، بالمقابل الحكم الموصي به لمن هم في فئة منخفضة الخطورة بأن يصوموا مع تطبيق الوصايا الصحية، فالفئة عالية الخطورة «يجب ألا تصوم» لاعتبارات حدوث حالة نقص السكر في الدم الحاد المصاحب للإغماء أو التشنج خلال الثلاث الأشهر السابقة قبل رمضان، ومن لديه نقص السكر المتكرر في الدم، ومن لديه عدم الإحساس بعلامات نقص السكر، والتحكم في نسبة سكر الدم غير المنتظمة (تحليل) السكر التراكمي فوق 10%، أيضا حدوث حالة الحماض السكري الكيتوني خلال ثلاث الأشهر السابقة، واليافعات والشابات الحوامل من لديهن داء السكري، ومن لديه مضاعفات السكري المزمنة مثل اعتلال الشبكية السكري المتقدم أو اعتلال السكري والقصور الكلوي أو أي من مضاعفات السكري المزمن.

أما الفئة منخفضة الخطورة الذين «يسمح لهم بالصيام» فهي فئة تشمل من يسيطرون على قراءات السكر بشكل جيد ومحافظين على حسن انتظام معدل السكر التراكمي في المعدلات الجيدة، كذلك الذين يستخدمون تكنولوجيا السكري مثل حساس السكر أو مضخة الأنسولين أو كلاهما، ومن هم بصحة جيدة غير المصابين بمضاعفات السكري المزمنة.

ومن قواعد الصيام الآمن لصوم مرضى السكري اتباع نظام غذائي صحي متوازن في شهر رمضان، وممارسة الرياضة الليلية بما في ذلك صلاة التراويح، كما ينصح مرضى السكري من يسمح لهم بالصوم الحرص على معرفة وضع سكر الدم سواء من خلال التقنيات التي يتعاملون معها على مدار الساعة أو قياس مستوى السكر عبر الأجهزة المنزلية.

وبشكل عام فإن مرضى السكري الذين يسمح لهم بالصيام ينصحون بكسر الصوم في حال ظهور أي من أعراض الدوخان وعدم الاتزان، التعرق الشديد، سرعة ضربات القلب، الرعشة، الزغللة، الشعور بالبرودة وانخفاض درجة حرارة الجسم، فكل هذه العلامات تعني انخفاض مستوى السكر في الدم، وهنا عليهم «كسر الصوم» فورا وعدم الانتظار حتى لو تبقى دقائق لأذان المغرب لضمان سلامة صحتهم، ويجب تناول تمر أو عسل أو قطعة حلوى تحتوي على السكريات البسيطة التي تسهم في رفع مستوى السكر في الدم، فالاستمرار في الصيام مع انخفاض السكر قد يعرض المريض للدخول في غيبوبة السكر لأن الجلوكوز هو الغذاء الأساسي للمخ، وقد يصل الأمر إلى مضاعفات خطيرة.

ومن ناحية السحور فإن جميع مرضى السكري مطالبون بتأخير وجبة السحور قدر المستطاع لضمان أقصى استفادة من العناصر الغذائية الموجودة فيها، مع الحرص على تناول وجبة سحور متوازنة ومتكاملة بعيدا عن الدسم والدهون، وتحتوي على عناصر غذائية تستغرق وقتا أطول في الهضم للحفاظ على مستوى السكر في الدم مثل الألياف الموجودة في طبق السلطة، كما ينصح مرضى السكري بتجنب بذل أي مجهود كبير خلال ساعات الصيام لتجنب انخفاض السكر، والحرص على شرب كميات معتدلة من الماء في الفترة بين الإفطار حتى السحور للحفاظ على نسبة السكر في الدم، وتنشيط الدورة الدموية، وتجنب لزوجة الدم.

أخيرا.. التعديلات التي يوصي بها الطبيب في بروتوكول الدواء والتوصيات العلاجية لها أهمية كبرى في الصيام الآمن لمرضى سكري الأنسولين، كما أن تطبيق التكنولوجيا الحديثة من قبل المرضى سواء حساس السكر أو مضخة الأنسولين يزيد من السلامة الصحية خلال فترات الصيام.

تقبل الله صيامكم وقيامكم وصالح أعمالكم وجعل أيام صومكم رحمة ومغفرة وعتقا من النار، وكل عام وأنتم بألف خير.