تطبيق صيني يصيب أمريكا بالجنون

البيت الأبيض يحذر الشركة المالكة لتيك توك ويتوعد بمنع انتشاره الرهيب
البيت الأبيض يحذر الشركة المالكة لتيك توك ويتوعد بمنع انتشاره الرهيب

الخميس - 30 مارس 2023

Thu - 30 Mar 2023

تسبب تطبيق تيك توك الذي أصبح من أكثر وسائل التواصل الاجتماعي انتشارا، في حالة من الجنون لدى الحكومة الأمريكية التي تسعى بكل ما تملك إلى منعه، ووقف انتشاره الرهيب حول العالم.

وفي منتصف الشهر الجاري أصدر البيت الأبيض إنذارا نهائيا لشركة بايت دانس الصينية، الشركة الأم والمالكة لشركة تطبيق تيك توك بأنه يتعين عليها التخلي عن هذا التطبيق للتواصل الاجتماعي الذي اكتسب شهرة كبيرة وإلا فإنها سوف تواجه حظرا عاما.

ولم تتخذ إدارة بايدن مثل هذا الإجراء إلا بعد وقت طويل، لكنها الآن تحذو حذو الإدارة السابقة لها وتعيد تنشيط حملة الضغط التي بدأت في أواخر عام 2020، وتظهر عكس ما تحاول الترويج لنفسها بأنها مع الحرية والديمقراطية حول العالم.

مخاوف تجسس

تقول الباحثة راشيل شو، الزميل الزائر بمركز الفرص الاقتصادية التابع لمنتدى النساء المستقلات، وهو منظمة أمريكية غير ربحية «إنه في ضوء سجل تطبيق تيك توك المتعلق بالرقابة، ومخاوف التجسس المشروعة، والتزامه القانوني بالانصياع لنظام ارتكب طوال عقود انتهاكات مشينة لحقوق الإنسان، حان الوقت لاتخاذ واشنطن إجراء صارما ضد الشركة المثيرة للجدل».

وتضيف في تقرير نشرته مجلة ناشونال إنتريست الأمريكية «إن تطبيق تيك يوك أصبح اسما مألوفا خلال الأيام الأولى للجائحة ولم تضعف شعبيته العالمية، حيث تجاوزت قاعدة مستخدميه الحالية المليار شخص، ودفعت منصة مشاركة مقاطع الفيديو منافسين مخضرمين مثل انستقرام ويوتيوب للاستعانة بمواصفات تحاكي نماذج المحتوى القصير التي يوفرها تطبيق تيك توك».

وبطرق كثيرة، يعتبر التطبيق نموذجا ابتكاريا يحل فعليا محل التطبيقات المهيمنة- التي تنتجها شركات التكنولوجيا الكبيرة ذات النفوذ- في سوق يعتقد الكثير من المشرعين أنه يتمتع بحواجز يصعب تخطيها بالنسبة للمنافسين الجدد.

معلومات مضللة

يوفر تيك توك طريقة للتعبير الحر، ومصدرا للدخل لمن ينتجون المحتوى، ووسيلة للبهجة والترفيه، وهذه مكاسب اجتماعية قيمة، ومع ذلك فإن كل ذلك لا ينفي أو يحل محل روابط الشركة التي لا تنفصم بالحكومة الصينية، وقالت النائبة الجمهورية الأمريكية كاثي ماكموريس رودجيرز أثناء جلسة استماع خاصة بتيك توك مؤخرا» إن شركة بايت دانس مدينة بالفضل لــ(الحزب الشيوعي الصيني)، وتيك توك وبايت دانس هما نفس الشيء».

لقد كان تصريحها مطابقا للحقيقة، فالمادة السابعة من قانون الاستخبارات الوطني الصيني، الذي تم سنه عام 2017 ينص على أن أي منظمة أو مواطن ينبغي أن يساعد، ويدعم، ويتعاون مع عمل أجهزة استخبارات الدولة، وفقا للقانون. وهذه المسؤولية يمكن أن تظهر بأشكال مختلفة، فمن الممكن أن تطلب

الدولة من تيك توك منحها إمكانية الاطلاع على بيانات المستخدمين، أو نشر معلومات مضللة، أو تعديل خوارزميات التوصية التي تقوم بتصفية المحتوى.

عمل استخباراتي

كما أنه وفقا لذلك القانون يتعين على المنظمات والمواطنين حماية أي أسرار عمل استخباراتي رسمي لديهم علم بها. ويقول الرئيس التنفيذي لتيك توك «إن الحكومة لم تطلب مطلقا أي مساعدة تتعلق بالتجسس، وإن الشركة لن تلبي مثل هذه الطلبات لو طلبت منها. ومع ذلك فإنه في ضوء هذه الالتزامات القانونية، تعد مثل هذه الوعود مجرد محاولة ليشعر من ينتابهم القلق بالارتياح».

ورغم تصريحات الرئيس التنفيذي، تشير الأدلة على أن شركة تيك توك تلتزم بأوامر الدولة. ففي عام 2020، اعترفت إليزابيث كانتر، وهي مسؤولة تنفيذية في الشركة بأنه أثناء جلسات الاستماع البرلمانية البريطانية وعدت تيك توك بالتوقف عن نشر مقاطع فيديو تتعلق بالأزمة الإنسانية في شينجيانج. وقالت كانتر «إن هناك بعض الحالات لم يكن مسموحا بها في التطبيق، خاصة فيما يتعلق بوضع الإيغور».

توضيح الحقائق

تقول شو «إن الحكومة الصينية تمارس هذا الشكل المنفصل من التحكم والمؤثر في الوقت نفسه، خاصة في قطاع التكنولوجيا، وتحركت مؤخرا للاستحواذ بالإرغام على أسهم ذهبية» في شركات خاصة مثل علي بابا وتينسينت، مما يوفر للمسؤولين قدما راسخة أكبر في عالم تجارة هذا القطاع بينما يعزز سلطة الحكومة وإمكانياتها فيما يتعلق بالمراقبة، ويتعين أن توضح هذه الحقائق كيف تتصور الحكومة الأمريكية تيك توك كتهديد للأمن القومي».

وفي عام 2019، وعدت تيك توك بوقف الوصول إلى لوحة محتوى حافظة المستخدمين، وبعد عدة أشهر، كشف تطبيق شفافية الخصوصية لشركة أبل أن ما يفعله تيك توك لم يتوقف، وقد تم تغريم شركة تيك توك لقيامها بجمع معلومات من أشخاص قصر وتم مقاضاتها لجمعها بيانات شخصية، كل ذلك بدون موافقة من أحد.

وتضيف شو في ختام تقريرها «إنه كقاعدة عامة، يتعين ألا تحتاج الشركات الخاصة إلى كسب نفوذ لكي يسمح لها بالعمل في الولايات المتحدة، ولكن في ظل ذلك، بالإضافة إلى ميل الصين للتدخل في شؤون شركاتها والمشاركة في التجسس- وكان بالون التجسس الصيني دليلا على ذلك- يعتبر عدم استعداد تيك توك لاحترام الخصوصية مشكلة».