فهد عبدالله

أولويات التحول المؤسسي

الثلاثاء - 24 يناير 2023

Tue - 24 Jan 2023

في بحث أجراه المكتب الدولي للمعارض في عام 2017، أفاد 94% من قادة الأعمال الذين شملهم الاستطلاع بأن كونهم أكثر مرونة هو أولوية لمنظمتهم.

علاوة على ذلك، صرح 82% أن قيادة وتقديم التغيير في طريقة أداء العمل هو أولويتهم القصوى.

وهذه النسب المرتفعة توهج ذلك الملمح الذي أصبح عريضا عن أن الاستجابة للتغيير والتكيف أمر حتمي للشركات والمؤسسات التي تريد أن تزيد من ميزتها التنافسية أو على الأقل تبقيها كما هي في ظل ظروف الحدة التنافسية والتغييرات المتسارعة في سوق الأعمال.

وهذا الأمر جعل الكثير من المنظمات تقوم بهندسة التغيير في أهدافها وعملياتها ومواردها سواء كان بتفاعل مسبق ومخطط له أو من خلال استجابة لأحداث أجبرتها على السير بطريقة مختلفة عن السابق، وأعتقد حاليا في سوق العمل ستجد الكثير من مفردات التحول المؤسسي رائجة ولها حضور لدى العاملين سواء من خلال صناعة هذا التحول أو التأثر به والانخراط في تتبع تفاصيله.

ومن خلال الاطلاع على كثير من نماذج التحول التي تقوم بها الشركات الاستشارية في هذا الشأن وكذلك العمل من خلال بعض هذه النماذج تنامت لدي بعض الدروس المستفادة والنصائح التي أعتقد بأنها بمثابة الحديث عن إطار لأولويات التحول المؤسسي، وقبل أن يتم سرد هذه النقاط لابد أن نذكر أن جميع هذه النماذج هي اجتهادات بشرية تجتمع في بعض مفرداتها وتختلف في البعض، الأكثر أهمية هنا أن تعرف المؤسسة ماهي الأولويات التي تمليها عليها إحداثيات وتوجهات المؤسسة الرئيسة في ذلك الوقت.

1 - كثير من الأحيان تبدأ المؤسسة بوضع لبنات التحول المؤسسي والتخطيط لذلك والانهماك الكلي لجميع مكوناتها الرئيسة تجاه هذا التحول، وبعد فترة طويلة في السير في طريق التحول قد لا يكون هناك إجابة واضحة لسؤالين ماهي تفاصيل الوضع الحالي (Current Situation) وما هو الوضع المنشود (Target Situation) الذي على أساسه كان هذا التحول، وإجابة هذين السؤالين بالتأكيد أنها مفتاح لجميع الأسئلة الأخرى في رحلات التحول المؤسسي، سيكون هناك تغيير وتحولات ولكنها بدون وجهة أو تصور دقيق عن المآلات المنشودة.

والكتابة هنا قد تحتاج عشرات المقالات عن كيفية رصد هذا الوضع المنشود والتأكد من صحته ومناسبته وكيفية تجييش وتوفير الموارد للوصول لتلك الكيفية والوقوف على أعتاب التصورات النهائية.

2 - إذا تجاوزنا بأن أولوية معرفة الوضع الحالي والوضع المنشود تمت إجابتها بشكل صحيح ومتوافق بشكل احترافي لواقع المؤسسة، يأتي بعد ذلك أو لربما يكون في نفس مرتبة الأولوية وهو الاختيارات الصحيحة للقادة التي ستقوم على ضبط وصيانة خارطة الطريق بين الوضع الحالي والوضع المنشود. كيف يمكن للمؤسسة أن تحصل على مرشحات دقيقة جدا يمكن لها أن تجمع بين شرطي الكفاءة والأمانة لمن يقوم بهذه الأدوار القيادية.

3 - الأولوية الثالثة بعد معرفة الوضع الحالي والوضع المنشود وتعيين القيادات المستوفية لشروط القيادة هو ضبط خارطة الطريق لجميع مسارات العمل والمجالات الوظيفية والأشخاص والعمليات والأنظمة التي ستتأثر أو تشارك في التحول. والتحول المؤسسي لابد له من آلية يشارك فيها جميع المعنيين لخلق هذه الثقافة التغييرية لدى فئة كبيرة في المنظمة، والتجارب والتطبيقات المختلفة أثبتت أنه لا يغير الناس سماتهم وطريقتهم في فهم التحولات والتغييرات لمجرد أن لديك مشروع تغيير يلوح في الأفق.

4 - التقييم والمراجعة الدورية لجميع التوجهات والمسارات وخارطة الطريق والقيادات وكل الخطوط الرئيسة والفرعية في رحلة التحول المؤسسي فهي بمثابة الضامن لإعادة السير المؤسسي في طريقه الصحيح عندما يكون هناك تشوهات وانحرافات معيارية عن التوجهات العليا للمؤسسة، وبدون هذه المراجعات السليمة الممنهجة قد تكتشف المؤسسة نفسها بعد أجل بأنها مضطرة لعمل تحولات في برنامج التحول لديها.

أخيرا، غالبا ما تركز المنظمات والمؤسسات في برامج التحول بشدة على أن تصل في تحقيق إنجازاتها بشكل سريع أو بما يعرف بقفزة الضفدع (leapfrogging) وهو أمر يمكن حدوثه وخاصة فيما يتعلق في مسارات المنجزات السريعة (Quick Wins) ولكنها تفشل في إدراك أن تضمين التغيير المؤسسي سيستغرق وقتا طويلا، وربما سنوات.

fahdabdullahz@