كيف يكتب نظام الحاسوب لفظ الجلالة؟

جرب إن شئت كتابة هذا الاسم العظيم بنفسك، طباعة، على شاشة حاسوب (كمبيوتر)، وستجد أنك في الغالب تكتبه كما يريد النظام الآلي كتابته لا كما تريد

جرب إن شئت كتابة هذا الاسم العظيم بنفسك، طباعة، على شاشة حاسوب (كمبيوتر)، وستجد أنك في الغالب تكتبه كما يريد النظام الآلي كتابته لا كما تريد

الاثنين - 03 مارس 2014

Mon - 03 Mar 2014



جرب إن شئت كتابة هذا الاسم العظيم بنفسك، طباعة، على شاشة حاسوب (كمبيوتر)، وستجد أنك في الغالب تكتبه كما يريد النظام الآلي كتابته لا كما تريد.

يحدث لك ذلك دون أن تتساءل: لماذا تريد منا هذه الآلة كتابته على هذا النحو؟ لماذا نستجيب تلقائيا؟ هل يمكن أن نرفض؟ كيف؟كيف يغيب عن البال ذلك التصرف الغريب المريب الذي تلجأ إليه النظم المعلوماتية عندما تكتب ألفا تتلوها لامان، ثم تتبعهما الهاء.

ستكتب الألف بحجم عادي، ثم اللامين بحجم عادي، كسائر اللامات في سائر الكلمات، لكن النظام بمجرد ما تكتب الهاء، سينتبه إلى أنك كتبت اسم الجلالة {اللـه}، فيبادر تلقائيا ودون استشارتك إلى تصغير حجم الأحرف، حتى تظهر كلمة الجلالة منزوية متصاغرة عكسا لما تقتضيه جلالتها وعظمة شأنها ! لو أنك أردت أن تكتب كلمة الليل، وفيها ثلاثة أحرف من اسم الجلالة، أو كلمة «اللهو» وفيها جميع الأحرف ولكن بزيادة حرف تنزاح به الدلالة انزياحا عظيما، لكان للنظام المعلوماتي تصرف آخر.

سيكون سمحا معك، يعطي «الليل» و»اللهو» حقهما من المساحة، كسائر الكلمات.أما اسم الجلالة فالشأن معه شأن آخر...!يمر الأمر وتشحن به كتبنا وصحفنا بل وبعض مصاحفنا، وتعم به البلوى، ولا أحد ينتبه!ثم إنه لا ضرورة أصلا لا للشدة ولا للألف الدقيقة، لأن هذا الاسم لا يلتبس بغيره البتة إلا إن جعلت الهمزة في أوله همزة قطع، وما هي بهمزة قطع، ولأن قواعد رسم المصحف العثماني تقضي بحذف ألف الإشباع تلك من اسم اللـه، كما تحذف من اسمه الرحمن ومن لفظ الملائكة.

ولمن أراد الضبط أن يكتب الألف دقيقة (حمراء باصطلاح أهل رسم القرآن وضبطه) فوق المساحة بين اللام الثانية والهاء، لا فوق اللامين أو فوق اللام الثانية، كما هو الشأن في الخطوط المحوسبة، فإن فعل فلن تعتدي تلك الألف على اللام.

كما أن لمن أراد الضبط أن يضع الشدة، لكن دون قمع اللام أيضا.

جرب كتابة الشدة على اللام من الليل أو اللهو أو اللب أو اللحم أو الفعل «ألـّب»، وستجد أن الشدة في كل هذه الكلمات لا تعتدي على حرم اللام، بخلاف الحال في اسم الجلالة!ستجد أيضا أن المعالج الآلي أعد إعدادا جيدا ليتعقب هذا الاسم العظيم، في حالات التحامه بحروف أخرى، فتراه يبادر بإصرار، حيثما اكتشفه، إلى تصغير حروفه.

كذلك يفعل عند كتابة الاسم متصلا بحروف جر أو قسم أو عطف متصلة، مثل اللام (للـه)، والباء (باللـه)، وواو العطف أو القسم (واللـه) وتاء القسم (تاللـه)، والفاء (فاللـه).

لا تنجح أي سابقة من هذا السوابق في حماية الاسم الجليل من ذلك العدوان، غير أن لاحقة وحيدة، لا تحرفه عن معناه، أفلتت، لحد الآن، من سطوة ذلك النظام، فأنت إذا كتبت اسم الجلالة وألحقت به الميم عوضا عن ياء النداء (اللهم)، عاد النظام فوفى الحروف حقها غير منقوص، وكأنه يظنها كلمة عادية، مثل كلمة «اللهو».

إنه ينقبض عند كتابة اسم الجلالة، لكنه يعود فينبسط بمجرد ما تضيف إلى حروف اسم الجلالة لاحقة ما، وكأنه يقول: لا، هذه كلمة عادية، هذه ليست اسم الجلالة، إذالا داعي لتصغيرها!جرب إن شئت كتابة هذه الكلمات المباركة على جهازك: {هو اللـه الخالق البارئ المصور}، وتأمل وضع كلمة اللـه قياسا إلى باقي الكلمات.

جرب كتابة كلام عام مثل قولنا «الحمد للـه آناء الليل وأطراف النهار» وانظر ما هو وضع اسم الجلالة بين بقية الكلمات، قارنه مثلا بوضع كلمة «الليل»، واحكم بنفسك!ألا يحق لنا أن نتساءل: أتراه تصرفا بريئا؟ وهل نحن برآء (من السذاجة على الأقل) إن نحن قبلنا أن نختص اسم الجلالة بما ينافي الجلالة؟إن لأسماء اللـه من الحقوق في الكتابة بالبنان ما لها من الحقوق في النطق باللسان، فبأي وجه نهدر هذه الحقوق ونحن غافلون؟!كأني بقائل يقول «هذه أمور شكلية» لا ينبغي الوقوف عندها ولا التهويل من شأنها، ولا الانشغال بها عن أمور جوهرية.

كلا! إنها ليست أمورا شكلية.

إنها قيم كونية جعلت أمم العالم تتواضع على احترام الأعلام، أعلام البشر والحيوان والبلدان، فضلا عن أسماء اللـه في اللغات الأخرى، أو أسماء الآلهة لمن عموا عن توحيد اللـه، فقواعد الكتابة في اللغات الغربية، مثلا، تقتضي أن تستهل كل الأعلام والألقاب التشريفية، الدينية وغيرها، بحرف كبير ، بل إن من تقاليد بعض الثقافات أن يكتب اسم العائلة كله بحروف كبيرة تمييزا له عن الاسم الشخصي، وإشارة إلى ما للأصل من فضل على الفرع.

ولا تجد النظام المعلوماتي يمانع في أي شيء من ذلك، كما يمانع في كتابة اسم الجلالة بحجم عادي.

بل إنه ينبهك (في حال الكتابة بالحروف اللاتينية - الرومانية) إلى خطئك إن كتبت اسم إنسان أو حيوان أو موقع جغرافي، بخط صغير، ويقترح عليك كتابة الحرف الأول من الكلمة بخط كبير، ويمضي النظام المعلوماتي أبعد من ذلك، في كتابة اللغات الغربية، فيؤثر الكلمة الأولى من كل فقرة أو جملة مستأنفة بعناية خاصة، ويكتب لك تلقائيا، إن أنت لم تفعل، حرفها الأول بخط كبير ، وفي ذلك انتباه إلى القيمة الاعتبارية الخاصة للأولية.

وقد تعجب إن أنت كتبت بالإنجليزية أو الفرنسية، مثلا، كلمة اللـه (ALLAH) بحرف عادي، في درج كلام مّا، ووجدت النظام ينبهك إلى الخطأ ويقترح عليك كتابة حرفها الأول بخط كبير..إنه هنا يحترم تلك القيم البشرية ويحرسها، فما باله يعبث بها حين تكون الكتابة باللغة العربية،؟ وما بالنا نتقبل تصرفه غافلين أو متغافلين؟ليست تلك أمورا شكلية،{وتحسبونه هينا وهو عند اللـه عظيم}! إنها رموز ذات دلالات جوهرية لا تفرط فيها ملة ولا دولة.

هناك حاجة إلى تصرف راشد غير انفعالي ثلاثي المسارات:المسار الأول: تحرك نحو الشركات المصنعة للنظم المعلوماتية، ومصممي الخطوط، لدعوتهم للكف عن هذا التصرف، المستفز للمشاعر، وهذا مسار تتحمل الحكومات وكبريات الشركات المستوردة، وشركات الصناعة الثقافية مسئولية ضاغطة فيه.

وسيكون من حسن التدبير التحرك لدى المنظمات الدولية المختصة لاعتبار شكل اسم الجلالة رمزا من الرموز الدينية التي لا يجوز انتهاك حرمتها.

المسار الثاني: تحرك شعبي مرن، عبر الشبكة المعلوماتية، من خلال صفحات تجمع توقيعات ملايين الغيارى والمنصفين، للدعوة لتحصين اسم الجلالة من الاستصغار والاهتضام، ولا يخفى أن المصالح التجارية وحدها تكفي لجعل هذه الشركات تعيد النظر في الأمر.

المسار الثالث، هو مسار فردي، لا يستعصي على أحد، طريقة اعتمدناها في هذا النص حتى لا نقع فيما نحذر منه، وهي إضافة شرطة مثل هذه الموضوعة بين القوسين (ــ)، بعد اللام الثانية من اسم الجلالة.