حسين باصي

«حرك الأنتن»

الاثنين - 12 ديسمبر 2022

Mon - 12 Dec 2022

في بداية مرحلتي العمرية كان المجتمع السعودي الجميل يجلس كعائلة واحدة أمام التلفاز، لمشاهدة البرامج التلفزيونية نفسها، وفي الوقت نفسه نتقابل مع أصدقائنا في المدارس والجيران، يكون حديثنا عن أحداث المسلسل نفسه، وأفلام الكرتون نفسها، وكيف كانت هجمة كابتن ماجد قوية، وقد استحوذت على 3 حلقات كاملة لتسديد ركلة، يصدها الحارس بسام في 3 حلقات أخرى. بغض النظر عن هذه المباراة التي استمرت 6 أيام تقريبا.

يبقى السؤال هو: عن كيفية استقبال التلفاز للإشارة. هنا الرحلة جميلة وبسيطة نسبيا، إذ يتم نقل الإشارة من محطات الإذاعة إلى أن تصل لجميع البيوت عبر الهوائي، أو كما هو معروف بالمسمى الإنجليزي، الأنتن (Antenna).

هذا الهوائي يحتاج للتوجيه كي يستقبل الإشارة، وبالتالي تظهر الصورة والصوت بوضوح، خصوصا بعد أن يتحرك بسبب شدة الهواء.

اللياقة البدنية وقوة الصوت المطلوب للصياح وحدة السماع من المهام الرئيسة للبطل المغوار، الذي يتوجب عليه الصعود إلى السطح لتوجيه «الأنتن» بالشكل الصحيح. هذا الفدائي يستند إلى توجيهات عضو آخر موجود في المنزل وبالقرب من النافذة، وهنا يتواصلان بصوت عال لضبط التوجيه.

طبعا نحن الجيران نكون متقبلين تماما الحوار المسموع بينها بالكلمات المشهورة مثل «حرك الأنتن»، بل نتدخل بشهامة للمساعدة ونردد الجمل نفسها، كوسيط بينهما في حال كانت المسافة بينهما كبيرة، أو ضوضاء الشارع يسبب تشويشا للمحادثة بينهما.

هنا، تقدم الابتكار بعرض مجموعة من المنتجات، أشهرها الأنتن المربوط بمحرك يدعى في تلك الأيام بـ»الجربوكس».

ببساطة، يمكن هذا الجهاز تحريك الأنتن عن بعد، إلى أن يتم ضبط الصورة لاستقبال الإشارة بالشكل الصحيح، دون الحاجة إلى إرسال صديقنا البطل المغوار للسطح.

بهذا المبدأ نفسه جاءت فكرة أطباق الستلايت (الدش)، واستبدلت الهوائي، ولكن تستمر المشكلة نفسها في إعادة توجيه الطبق بعد أي موجة هواء قوية في المنطقة. كما يقول المثل «قديمك نديمك ولو الجديد أغناك»، ويجبرنا للعودة إلى الجربوكس وإعادة توجيه الطبق، كي تقوى الإشارة ونستقبل البث.

لا تختلف الألواح الشمسية عن هذا المبدأ، لأسباب فيزيائية بحتة، يجب أن تكون أشعة الشمس متعامدة على الألواح الشمسية كي تقوم الألواح بالعمل بأعلى كفاءة ممكنة. طبعا، سأذكر التقنية التي دامت معنا منذ الهوائي وحتى الآن، وهي الجربوكس. ليست بالضرورة أن نستخدم الجربوكس، وإنما يمكن الاستفادة من الأذرعة الهيدروليكية، ولكن المقصد أن نسلط الضوء على إمكانية تحريك الألواح الشمسية باتجاه الضوء من الشروق إلى الغروب، وخلال فصول السنة.

لكن هناك بعض الإشكالات التي تحتاج حلولا عملية لها، هي:

  • التعامل مع الأجهزة الميكانيكية يتطلب صيانة مستمرة، مما تطغى على أهم ميزة في الألواح الشمسية، وهي غياب الأجزاء المتحركة وبالتالي لا تحتاج إلى تلك الصيانات الميكانيكية.

  • التكلفة ستزيد، بسبب إضافة هذه الجربوكسات. هنا يجب الإجابة عن أهم سؤال وهو جدوى هذه الإضافة اقتصاديا، مما يعني أن الألواح الشمسية الثابتة قد تكون مجدية أكثر، حتى وإن لم تنتج الطاقة الكهربائية بأعلى كفاءة.

  • هذه الجربوكسات ليست صالحة لكل التطبيقات، فهي خطيرة في بعض التطبيقات كزيادة الوزن على السطح.




ما زالت الألواح الشمسية الثابتة هي الأكثر انتشارا حول العالم، ولكن أعتقد أننا سنجد تطويرا قويا للألواح الشمسية، إذ لن تشترط عمودية أشعة الشمس على الألواح، وهذا ما تقوم به بعض المراكز البحثية، لتقبل زاوية أكبر للطاقة الشمسية. توقعاتي أن نجد قفزة جيدة في هذا المجال خلال السنوات السبع القادمة.

HUSSAINBASSI@