عبدالله قاسم العنزي

حقوق المتطوعين النظامية

الاحد - 04 ديسمبر 2022

Sun - 04 Dec 2022

يعد العمل التطوعي في مفهومه العام سمة إنسانية عظيمة تتضمن العطاء والتكافل والتراحم والتعاون بين أفراد المجتمع عبر التاريخ الإنساني الطويل، فقد عرفت الإنسانية العمل التطوعي منذ عهود بعيدة، وقد غلبت على هذا العمل في بداياته العفوية والتلقائية انطلاقا من دافع التضحية والمبادرة الذاتية والرغبة في مساعدة الآخرين.

ثم جاء الدين السماوي معززا لهذا الاتجاه ومتضمنا للقيم الإنسانية النبيلة، وحث الإنسان على مساعدة الآخرين في كل المواقف دون انتظار مقابل مادي أو معنوي قال تعالى حكاية عن عباده الذين يبادرون بأعمال تطوعية ويبتغون الأجر منه سبحانه «إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا» ويصادف يوم الاثنين 5/ديسمبر اليوم العالمي للتطوع فكان لهذه المناسبة أن نتحدث عن نظام العمل التطوعي وحفظه لحقوق المتطوعين.

اتباعا لما سبق يعرف العمل التطوعي بأنه: بذل المجهود القائم على مهارة أو خبرة معينة والذي يبذل عن رغبة واختيار، بغرض أداء واجب اجتماعي ودون توقع جزاء مالي نظير ذلك، من ثم فهو عمل غير ربحي يقوم به الأفراد من أجل مساعدة الآخرين في مجتمعهم أو المجتمعات البشرية الأخرى بصفة عامة، وقد ينضوى العمل التطوعي على الكثير من الأشكال والممارسات من مشاركات تقليدية إلى مساعدة الآخرين في أوقات الشدة والأزمات وعند وقوع الكوارث كرد فعل طبيعي، حيث يستهدف رفع المعاناة عن كاهل المصابين والمنكوبين.

وقد سعت المملكة في نشر ثقافة التطوع في رؤيتها 2030 بحيث إن العمل التطوعي يشكل جزءا لا يتجزأ من تكوين المجتمع السعودي الذي يقوم على المساعدة والأعمال التطوعية حتى تصل إلى مليون متطوع يتقن العمل التطوعي، ولذلك ولتطوير قطاع العمل التطوعي بادرت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية في إطلاق «منصة العمل التطوعي»، وهو ما أسهم في تنظيم العمل التطوعي وتسجيل المتطوعين وحفظ حقوقهم.

ومن أجل تطوير العمل التطوعي صدر كذلك نظام العمل التطوعي الذي يشمل 18 مادة نظامية سعيا إلى تنظيم العمل التطوعي وتطويره ونشر ثقافة العمل التطوعي بين أفراد المجتمع ومؤسساته وتنظيم العلاقة بين أطراف العمل التطوعي وتحقيق حقوقهم وواجباتهم واستنادا لهذه الأهداف التي يسعى المنظم السعودي إلى تحقيقها نصت المادة الـ8 من نظام العمل التطوعي على تسهيل عملية التطوع في المجتمع بكل أريحية فقد نصت على أنه يجوز للمتطوعين ممارسة العمل التطوعي عن طريق تشكيل فريق تطوعي، بعد تسجيله واعتماده لدى الجهة المستفيدة.

فالعمل التطوعي يعرف بأنه جهود إرادية تعكس مبادرة شخصية تنطلق من مسؤولية أخلاقية ومسؤولية اجتماعية لمساعدة ودعم الآخرين سواء ببذل الوقت أو الجهد دون توخي أهداف ربحية أو تجارية ويمكن التمييز بين شكلين من العمل التطوعي هما:

أولا: العمل التطوعي الفردي الذي هو سلوك اجتماعي يمارسه الفرد برغبة منه ولا ينتظر منه عائدا ماديا، حيث يقوم على اعتبارات أخلاقية ودينية أو اجتماعية أو إنسانية.

ثانيا: العمل التطوعي المؤسسي – الجمعيات - وهو أكثر تطورا من الفعل الفردي التطوعي وأكثر تنظيما وأوسع تأثيرا في المجتمع، وقد يكون التطوع من خلال مؤسسة أكبر قدرة على توسيع إطار العمل التطوعي عن الإطار المذكور سابقا وذلك بسبب قدرة المؤسسة على وضع إطار أوسع لدورها وصلاحياتها من الأفراد جهة وعلى تأمين مجموعة الخبرات والمهارات اللازمة لإنجاز العمل من جهة أخرى ولذلك نصت المادة الـ9 من نظام العمل التطوعي على أنه ينشأ في الجهة المستفيدة سجل يسمى (سجل المتطوعين والفرق التطوعية)، تقيد فيه أسماء المتطوعين وعدد ساعات التطوع والأعمال التطوعية التي قاموا بها لدى الجهة.

وقد نص النظام على عدة أخلاقيات يجب أن يتلحى بها المتطوع في عمله الطوعي مثل التحلي بالأخلاق والآداب التي يتطلبها العمل التطوعي الذي اختاره وإنجاز العمل التطوعي بأمانة ونزاهة وفق مقتضيات العمل التطوعي ومبادئه وأهدافه واتباع الأنظمة والتعليمات والضوابط الخاصة بالجهة المستفيدة من عمله التطوعي وكذلك عدم إفشاء أي سر يتعلق بعمله التطوعي أثناء عمله، أو بعد تركه عدم الإدلاء أو التصريح بأي معلومة لأي وسيلة إعلامية دون الحصول على إذن من رئيس الجهة المستفيدة.

وفي الختام : تنص المادة الـ12 من نظام العمل التطوعي على أنه يمنح المتطوع -في حالة الإصابة بعجز أو عاهة تمنعه من العمل بصورة قطعية، أو ورثته في حالة الوفاة، إذا كان العجز أو الوفاة ناشئين بسبب عمله التطوعي- تعويضا؛ وفقا لنظام العمل لدى الجهة المستفيدة صرف لمن يصاب - بسبب عمله التطوعي - بعجز جزئي أو عاهة مستديمة لا تمنعه من أداء عمله؛ تعويض يقدر على أساس نسبة العجز الذي أصابه ويكون تقرير نسبة العجز من الهيئة الطبية المختصة.

expert_55@