عبدالله قاسم العنزي

الدليل الرقمي في جريمة الابتزاز الالكتروني

الأحد - 16 أكتوبر 2022

Sun - 16 Oct 2022

في ظل التقدم التقني في العصر الحالي ظهرت صور من الجرائم ترتبط بالتقنيات وقد تزايدت معدلات هذه الجرائم في الآونة الأخيرة وتفاقم الجرائم الالكترونية يشكل تهديدا مباشرا لأكثر المرافق العلمية والمصالح الخاصة ويقوض الأمن الاجتماعي ويمثل عدوانا على حقوق الأفراد، ويعد الإثبات من أهم التحديات التي تواجه الجريمة الالكترونية وخصوصا جريمة الابتزاز الالكتروني، حيث إن اكتشاف الجريمة الالكترونية ليس بالأمر السهل؛ لأن إثباتها أمر يحيط به الكثير من الصعاب فجريمة الابتزاز الالكتروني تقع خارج إطار الواقع المادي الملموس لكونها ترتكب باستخدام الإنترنت وأجهزة الاتصال الذكية.

وقد جرم نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية في المادة الـ3 في الفقرة (2) أن الدخول غير المشروع لتهديد شخص أو ابتزازه؛ لحمله على القيام بفعل أو الامتناع عنه، ولو كان القيام بهذا الفعل أو الامتناع عنه مشروعا وقد نص المنظم السعودي على تجريم عملية الابتزاز الكترونيا وإن الأدلة الالكترونية التي ظهرت حديثا تقوم على أسس علمية بحتة تتضمن حقائق ثابتة تساعد في إثبات نسبة الجريمة، والإثبات في الجرائم التقليدية يختلف عن الإثبات في الجرائم الالكترونية وهذه الخصوصية تتجلى في أن الدليل الرقمي يميز الجريمة الالكترونية مما يلقي بالعراقيل والصعوبات أمام السلطات المختصة بالإثبات ويعتبر البحث عن الأدلة هو الهدف الذي تسعى إليه أنظمة العدالة.

ومع ارتفاع معدلات جرائم الابتزاز الالكتروني فإن على المواطن أن يتعامل بحذر مع الأجهزة الالكترونية الحديثة ومنها عدم إرسال الصور الشخصية لأي شخص ومهما كانت الثقة خوفا من سرقة حسابه وعدم الاحتفاظ بالصور الشخصية في برامج الدردشة وضرورة اختيار كلمة مرور صعبة تتكون من أرقام وحروف وعدم قبول صداقة من أشخاص مجهولين وعدم فتح الرسائل التي تمثل روابط إذ تتضمن تلك الرسائل فيروسات لاختراق الحساب والتهكير وعدم الدخول على المواقع غير المعروفة ومواقع الإعلانات المشبوهة ومواقع التعيين والوظائف وهي مواقع وهمية.

ونجد من الضروري تحديث المعلومات وتغيير الرقم السري بين فترة وأخرى ووضع الحماية الكافية له بالأرقام والحروف وعدم تداول البيانات الشخصية والسرية الخاصة بالأسرة وكذلك بيانات البطاقة الائتمانية وعدم تقديم المستمسكات الرسمية والصور الشخصية إلا للتأكد من الجهات الرسمية، حيث إن الكثير من حالات الابتزاز الالكتروني يعود للأخطاء التي يرتكبها الضحية ناجمة عن الجهل وقلة الخبرة باستخدام التقنيات، والدليل الرقمي هو الدليل المأخوذ من أجهزة الحاسوب ويكون على شكل مجالات مغناطيسية أو نبضات كهربائية يمكن تجميعها وتحليلها باستخدام برامج وتطبيقات وتكنولوجيا خاصة، وإن هذه البيانات أو المعلومات التي تتمكن من أن تثبت بأن جريمة ما وقعت أو وجود صلة بين الجريمة والجاني.

ويرجع السبب إلى تسمية الدليل الرقمي إلى أن البيانات داخل وسط الجريمة الافتراضي سواء كانت صورا أو تسجيلات تأخذ شكل أرقام داخل أجهزة الحاسوب بتشفير معين وإن الدليل الرقمي يتم التوصل إليه من قبل الجهات المختصة وتقديمه للقضاء، فالدليل الرقمي له بيئته الخاصة التي يوجد فيها وهي بيئة افتراضية، حيث إنه يتميز بالطبيعة الفنية ويتم استنساخ الدليل الرقمي من العالم الافتراضي ويتم ذلك بوسائل علمية عن طريق المعامل المعلوماتية، ويتميز الدليل الناتج عن الأجهزة الالكترونية بالسرعة العالية عند حركتها في شبكة الاتصال ويستطيع الخبير نسخ الدليل الرقمي عدة نسخه بحيث تكون مطابقة للأصل وتتمتع بحجية الإثبات والقيمة العلمية كالأصل نفسه وهذا ما يميز الدليل الرقمي عن الأدلة التقليدية وهذه الطريقة فيها ضمانة من التلاعب والعبث والتحريف بالأصلي.

وعن طريق الدليل الرقمي يسهل على الجهات المختصة مراقبة المجرم الالكتروني والبحث عنه ومعرفة معلوماته الشخصية، والدليل الرقمي لا يرى عن طريق الحواس الطبيعية للإنسان لأنه يتكون من نبضات كهربائية لا يمكن لمسها فهو دليل غير ملموس أي غير مادي، وهناك صعوبات تواجه السلطات بالإثبات عن طريق الدليل الرقمي منها سهولة محو الدليل وعرقلة الوصول إلى الدليل والضخامة في حجم المعلومات.

@expert_55