شاهر النهاري

الشكوى لله يا هيئة الاتصالات

الاثنين - 03 أكتوبر 2022

Mon - 03 Oct 2022

كنا قد فرحنا كثيرا بتكوين الهيئة، واستبشرنا خيرا بأن اتصالاتنا ستصبح الأيسر والأرخص والأوسع تغطية، وبما يريح عشرات الملايين من المستخدمين.

وبالأمس تصفحت موقع الهيئة الرسمي، ودهشت من هويتها ورؤيتها ورسالتها، وخدماتها، ومن أعمالها التطويرية، ومؤتمراتها ومبادراتها، ومؤشراتها وأنظمتها، ولكني فشلت في ربط ذلك بواقع اتصالات نعيشها.

في السعودية عانينا كثيرا، وأرهقتنا مشاوير تجارب الخدمات وأسعار المكالمات وأجهزة الاتصالات، بداية من فرض الشريحة بعشرة آلاف ريال، وصولا لطغيان عروض الأجهزة والأنظمة والباقات بأسعارها النارية، وبالمقارنة مع بلدان كثيرة.

وكم فرحنا بتعدد الشركات، فالتنافس عادة يخلق الأفضل والأرخص، ولكنه عند شركاتنا تنافس في الطمع، يعيدنا إلى مفهوم التعامل مع شركة واحدة، بأسماء مختلفة.

حينما تطلب خدمة إنترنت منزلي، يؤكدون لك أثناء التركيب أنك ستحصل على الأفضل، ويحرصونك على حمايتها من الجيران، برقم سري!

ثم وبعد مرور وقت قليل، نشعر بعبث الأيادي التخريبية في سرعة وقوة الخدمة، وبالتزامن مع تسلط خدمات المبيعات بالمكالمات الدعائية لإقناع الزبون بمنتج أكثر فعالية، وبمبلغ أكبر، ومؤكدين أن الجديد لن يضعف، وأنه سيكون الحل الأمثل.

واقع بائس يضعونك بين إرهاصاته، حتى تضطر للرضوخ وطلب المنتج الأعلى سعرا، ظنا منك أنه سيريحك، ولكن العملية الاستفزازية تستمر بزن الإغراءات وسحب مبالغ جديدة، تتزامن مع تشويه وإنقاص الخدمة الحالية!

ونأتي لتغطية الهواتف الجوالة والشبكة، والتي يفترض أن تكون حاضرة في جميع الأمكنة، والمدن والقرى والهجر والطرق، ولكن هذا ليس ما يحدث، فتجد عند سفرك، حتى للأماكن السياحية ضعفا وتشويشا، والتغطية أقل من المفترض.

التجوال الدولي بدوره حكاية، فغالبا لا يعمل، إلا في دول بعينها، ويضعف، وينقطع في دول أخرى، وحينما تسأل، تجد الأسئلة المعتادة: هل أغلقت الهاتف ثم شغلته، هل طلع لك اسم الشبكة في الدولة المعنية.. هل، حتى تنتهي الإجابات كالعادة، بأنهم يتأسفون، ويعرضون عليك باقات أكثر، و»الحسابة بتحسب»!

عروض الشركات أصبحت أكثر مما يطاق، ومكالماتهم مزعجة، وهمهم الوحيد حصد الأموال من جيوب المستخدمين، وبيع وهم جديد بلا مصداقية.

أعمال سحرية، وألعاب خفة يد، المهم أن يحصلوا على أموال أكثر، ما ينهك كاهل المستخدمين، بقوة جبرية تديم الضغط.

التواصل مع المجيب الآلي للشركات معضلة، وموظفو علاقات العملاء يحرصون على تقييمهم أكثر من مفعولهم، فيعدون بالحلول، وإذا صعب طلبك حولوا المكالمة للمشرف، الذي يهون الأمر عليك، ويعدك بحل مبتكر، وللعجب، فالحل مجرد رسالة نصية: «لقد تم حل طلبك»، وهو لم يحل!

المستخدمون يطالبون بالمعقول، وحينما يغضبون، فأقصى ما يستطيعون تغيير الشركة، ولكنهم يكتشفون بعدها أن البضاعة تكاد لا تختلف، تزيد في غصن، وتضمر في طرف.

هذه الشكوى العلنية مشفوعة بأمل، أن تتمكن الهيئة من تنفيذ أول كلمتين في رسالتها «نحمي المستخدمين»، وأن تجبر الشركات على تقديم الخدمات كما يتفق عليها أول مرة، وألا يتم الضغط على المستخدمين لدفع أثمان لأجهزة وباقات وعروض لا تحمل الفارق، وأن تبدأ الشركات في اختيار خدماتها من آخر ما توصلت إليه التقنية العالمية، وبأسعار منطقية، فبطلوع الروح استوفينا دفع ثمن تجارب الأبراج الأرضية، ولا ندري كيف سندفع ثمن بث الأقمار الصناعية لو حصلت.