فيصل الشمري

تطور التعليم في السعودية

الثلاثاء - 27 سبتمبر 2022

Tue - 27 Sep 2022

استمعت إلى رأي أحد الأساتذة الجامعيين في واحدة من كبريات الجامعات في أمريكا، والذي قال فيه إن الطلبة والطالبات الوافدين من المملكة العربية السعودية هم من أفضل الدارسين في فصله وفي محاضراته، بل في داخل الجامعة بأسرها، بادرته بالرد شاكرا، مبينا أن التفوق الدراسي للمبعوثين السعوديين في الولايات المتحدة هو محصلة لمجهود مخلص للنهضة بالتعليم العام والعالي في المملكة والذي استهل منذ زمن طويل، وما زال مستمرا حتى الآن وسوف يستمر في المستقبل.

لا يمكن إنكار أن التعليم في السعودية ما هو إلا سياسة ناجحة، بدايتها كانت رؤية استراتيجية حول أهمية التعليم لتحول مذهل كان من المتوقع أن تشهده المملكة. الهدف الأول كان بناء قاعدة تعليمية قوية تكون بمثابة البنية الأساسية لسياسة التعليم، تبع هذا سياسات إصلاحية كانت ترمي إلى القيام بأي تغييرات أو إضافات تساهم في التفعيل الإيجابي لسياسة التعليم، وارتبط هذا بالتأكيد على أن التعليم هو مجهود وسياسة تهدف إلى تنمية المهارات والقدرات اللازمة للفرد السعودي، بداية من التعليم الإلزامي المجاني في المملكة العربية السعودية.

بدأ المجهود في عام 1926م بإنشاء المدارس التي يتلقى فيها مواطنو المملكة التعليم الإلزامي الأساسي، وتبع هذا طفرة كبيرة في مجال التعليم بالمملكة، حيث تم في عام 1953م تأسيس المدارس الخاصة بتعليم الفتيات السعوديات. وفي عام 1959م أصبحت هناك وزارة خاصة للتعليم العالي في السعودية، إلا أنها انضمت لتصبح مؤسسة حكومية واحدة مع وزارة التعليم في عام 1975م.

وتقوم وزارة التعليم في المملكة بمهام عدة منها وضع وتطوير المناهج لتوفير أهم وأرقى المواد الدراسية للسعوديين، كما تشتمل مهامها على إدارة العملية التعليمية والإشراف على السياسة التعليمية السعودية. وتسعى الوزارة على تنمية مواردها البشرية، والمالية والتقنية، وتساهم في إعداد وتدريب العاملين بمهنة التدريس وتحرص على أن يكون إعدادهم لهذه المهنة النبيلة وفق أعلى المستويات العلمية والتربوية في العالم.

كما أن هناك شراكة ما بين هذه الوزارة والعديد من الأفراد والهيئات من القطاع الخاص، ويمثل هذا أذكى استفادة من الإمكانات والمواهب المتوفرة لدى كل من القطاع الحكومي وقطاع الأعمال الخاص لمتابعة ما تحتاجه السياسة التعليمية في السعودية باستمرار.

وترتبط سياسة التعليم في المملكة باحتياجات الاقتصاد والتنمية والأمن القومي السعودي، وهناك صلة وثيقة ما بين أهداف السياسات التعليمية المتنوعة والمتميزة في السعودية وخطط التنمية الاقتصادية للمملكة، دفع هذا إلى قيام وحدة في الأهداف والوسائل ما بين احتياجات السوق السعودي من العمالة، والخطط التعليمية في مراحل التعليم المختلفة والمنوعة في السعودية، لذا فهناك علاقة عضوية متينة ما بين الجامعات في السعودية والعديد من المؤسسات والشركات السعودية والأجنبية.

ويميز التعليم في السعودية صفة القدرة على إجراء مراجعة عامة وشاملة لكل سياسة أو منهج أو أسلوب فيما يختص بتلقي التعليم، وإذا كان التعليم هو دعامة النهضة السعودية، فإن التعليم في السعودية دائما في تطور ويشهد تحولات مستمرة كما وكيفا، فعلى سبيل المثال أدخلت السعودية كل وسائل التكنولوجيا المتقدمة في كل سنوات التعليم في السعودية. بالإضافة إلى ذلك، فعلت المملكة أساليب المناهج المتقدمة للربط بطريقة إيجابية ما بين التعليم الأساسي والذي يتلخص عادة في عبارة (سنوات الحضانة - وسنوات التعليم العام من 1 إلى 12) وسنوات التعليم الجامعي.

ومن الريادة السعودية التعليمية أيضا إدخال المواد العلمية لما يعرف باسم «التعليم لذوي الاحتياجات الخاصة»، كما أن هناك الآن إدخالا لمناهج خاصة لما يعرف باسم «مرحلة التعليم في فترة الطفولة المبكرة».

وهناك اهتمام متزايد بالتعليم الفني في السعودية، حيث إن وزير التعليم نفسه هو الشخص الذي يرأس العديد من اللجان التي تعمل على تطوير هذا النوع من الدراسة، كما أن منهجية التعليم في السعودية تمكنت من زيادة أيام الفترة الدراسية من 155 يوما إلى 183 يوما.

ولا يجب إغفال حقيقة هامة ألا وهي الدعم المالي والمادي السخي والكبير الذي تقدمه المملكة حكومة وأفرادا للعدد الكبير من الطلاب والطالبات من السعودية ومن الأجانب لمساعدتهم لاستكمال دراستهم على الرغم من قلة إمكانياتهم المالية.

السعودية أيضا لديها خطط طوارئ لتفادي أي أزمة قد تقع داخليا أو خارجيا، والتي قد تؤثر سلبا على استمرار العملية التعليمية بنجاح. بدا هذا واضحا جليا أثناء جائحة كورونا عندما وجهت قدرات الهيئات التعليمية المختلفة في كيفية استمرار العمل التعليمي مع المحافظة على واجبات الصحة العامة والالتزام بحالة الإغلاق العام التي سادت كل دول العالم، ونموذج «مدرستي» كان تجربة ناجحة مثلت كيف كان هناك برنامج قومي سعودي تعليمي ناجح يعمل بكفاءة في خضم محنة دولية كبيرة.

أما التعليم الجامعي في السعودية فهو الطفرة الهائلة والهامة في كيف ينمي بلد قدراته العلمية. هناك مبتعثون سعوديون يدرسون في الخارج وفي أرقى الجامعات والمعاهد العليا وتقدر أعدادهم بمئات الآلاف، ومن دواعي الفخر، أن الأغلبية الساحقة من هؤلاء الدارسين بالخارج يعودون إلى الوطن الأم على الرغم من أن البعض منهم يتلقى فرص عمالة مغرية للبقاء في الخارج؛ لكن هم يصرون على العودة إلى السعودية للمشاركة في بناء وتنمية بلدهم الحبيب. وتتضمن أبحاث المبعوثين السعوديين كتابة ونشر أبحاث تمثل ذروة الرقي الفكري العلمي والإنساني، ويمكن الإشارة إلى تطوير العديد من طلاب الدراسات العليا من السعودية إلى وسائل متقدمة في علوم الطب والهندسة، وهذا بشهادة أساتذتهم وزملائهم.

الأمر المستحدث حاليا هو تكثيف الأهداف للسياسات التعليمية السعودية مع الأهداف الطموحة لخطة سعودية 2030، وهذا يمثل تحديا كبيرا لكن المملكة قادرة على ملاقاته.

والعقيدة التعليمية لهذه الخطة الرائعة هو أن التعليم عملية مستمرة طوال فترة عمر الإنسان.

التعليم في السعودية يغير العالم كله نحو الأفضل، ويمنح المملكة الدور الريادي لأن تكون أمة قادرة على إحداث تغيير نحو خير البشرية وأن يكون العالم مكانا أفضل للجميع.

mr_alshammeri@