عبدالله مشرف المالكي

صور من تمكين المرأة السعودية وتعزيز حضورها في المجتمع بعد رؤية 2030

الأربعاء - 14 سبتمبر 2022

Wed - 14 Sep 2022

كان لرؤية المملكة 2030 التي بشر بها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- إيجابيات عدة، يظل من أكثرها تأثيرا تعزيز حقوق المرأة في مختلف المجالات، مع توفير أنظمة الدعم وبرامج الرعاية، ومن ثم تحسين بيئة عملها في جميع القطاعات.

فقد كان لسياسات المملكة بعد اعتماد رؤية 2030 وفلسفتها في تمكين المواطن السعودي كبير الأثر على المرأة في مجالات غابت عنها مثل العدالة والاقتصاد والسياسة، كما ساعدت الإجراءات العملية للرؤية على تحسين جوانب خدمية استفادت منها النساء بشكل مباشر مثل التعليم والتدريب، والصحة والدعم الاجتماعي.

وقد انطلقت منهجية تعامل المملكة العربية السعودية مع المرأة بعد رؤية 2030 من أصول الشريعة الإسلامية، التي تقر مبدأ المساواة التكميلية بين الرجل والمرأة، مع مراعاة خصائص كلا الجنسين، لتحقيق العدالة المطلقة. إذ إن المملكة تؤمن بأن تكامل العلاقة بين الجنسين هو وسيلة مثالية لتعزيز حقوق الإنسان، وحمايتها، وضمان المساواة بين الرجل والمرأة، مثل حقوق العمل والتعليم والصحة والحقوق الاقتصادية.

ومن هنا، فإن الرؤية الإصلاحية للقيادة السياسية للبلاد في ملف المرأة، عملت على وقف الممارسات الخاطئة، والتمييز السلبي الذي مارسه البعض جهلا، أو لغياب المراقبة والتوجيه والإرشاد.

وقد أفرزت الإجراءات التصحيحية في ملف تمكين المرأة السعودية عدة مناقب، وضعت البلاد في مصاف الدول الأكثر إنصافا للنساء وحقوقهن.

فقد اعتمدت السعودية مبدأ المساواة في أماكن العمل والأجور لوقف التمييز الوظيفي، ونص قانون العمل على عدد من الحقوق والواجبات، يضع المرأة على قدم المساواة مع الرجل في الأجر، والفرص، وبرامج التأهيل والتدريب، كما يحق للمرأة المتضررة اللجوء إلى القضاء مباشرة في حالة التمييز السلبي دون واسطة أو وصاية.

أما فيما يخص نظام الدراسة والتعليم، فرغم أن السعودية كانت حريصة منذ وقت مبكر على تأكيد حق الجميع في التعليم المجاني، والمساواة بين الرجل والمرأة في جميع جوانب العملية التعليمية، سواء تعلق الأمر بآليات القبول والتسجيل، أو المناهج أو الامتحانات أو مؤهلات المعلمين والمحاضرين، أو جودة مرافق الدراسة ومعداتها، شهدت السنوات الأخيرة طفرة فيما يمكن وصفه بأنه تمييز إيجابي لصالح المرأة السعودية!

فقد زادت نسبة المنح الدراسية الموجهة للإناث بشكل ملحوظ سواء فيما يتعلق ببرنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي أو ما يتعلق بالمنح الداخلية في الجامعات السعودية، وبخاصة مع استمرار إنشاء عدد من المدن الجامعية للفتيات.

وإذا ذكرت رؤية السعودية 2030 فلا بد أن يذكر معها ملف الرعاية الصحية الذي يعد من أبرز نجاحاتها، ولا شك أن المرأة في السعودية قد لمست ذلك واقعا يوميا معاشا دون ريب.

حتى أن التوسع في حقوق الرعاية الصحية شمل أيضا النساء غير السعوديات، فأصبح بمقدورهن الوصول إلى الخدمات الصحية، من خلال استقبالهن في أقسام الطوارئ في المستشفيات العامة والخاصة، بغض النظر عن أي اعتبار يتجاوز الحالة الراهنة.

أما بالنسبة للحالات الصحية العادية للمقيمات المنتظمات فتخضع لنظام التأمين الصحي التعاوني الذي يهدف إلى توفير وتنظيم الرعاية الصحية لجميع المقيمين في المملكة.

ونظرا لتأكيدات ولي العهد المتكررة على دور المرأة السعودية في التنمية المستدامة كأحد مصادر رأس المال البشري للبلاد، اتخذت المملكة إجراءات استراتيجية واستباقية لتحقيق أحد أهدافها الرئيسة المحددة في رؤية 2030، وهي زيادة مشاركة المرأة في القوى العاملة إلى 30%.

ففي عام 2018 شكلت النساء 15% فقط من إجمالي القوى العاملة في المملكة العربية السعودية، مقارنة برقم عالمي يبلغ 39%، مما عكس شكلا من أشكال تأخر دخول المرأة السعودية إلى سوق العمل.

ومن هنا استهدفت الدولة إصدار حزمة من القرارات المحفزة للنساء على اقتحام مجال العمل الخاص، مع تذليل العقبات القانونية والمجتمعية التي تمثل تحديات تحول بين انطلاق المرأة السعودية وبين تأسيس الشركات والمشاريع، كما منحت الجوانب الميسرة لنظام الوصاية المرأة حق الوصول المستقل إلى الخدمات الحكومية دون الحاجة إلى موافقة مسبقة.

من جانبها أعلنت الحكومة عن وظائف تستهدف النساء في القطاع العام، مثل الباحثات القانونيات في وزارة العدل والمناصب في المطارات والمعابر البرية، كما عينت المملكة العربية السعودية أول سفيرة لها على الإطلاق في الولايات المتحدة. وهذا تحديدا يعد ضمن أهداف رؤية المملكة 2030 التي تعمل على توفير نحو مليون وظيفة للنساء فقط.

وربما من أهم وأوضح صور تمكين المرأة في المجتمع السعودي منحها فرصة العمل في الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية كإدارات التحقيقات الجنائية والدوريات الأمنية وأمن الحج، كما فتحت المملكة باب الالتحاق بالقوات المسلحة أمام النساء.

ونتيجة هذه الجهود المخلصة في استنهاض المرأة، أُعلنت عاصمة المملكة العربية السعودية الرياض "عاصمة للمرأة العربية" في عام 2020، من قِبل لجنة المرأة العربية، خلال دورتها التاسعة والثلاثين.

إن ما حدث من تقدم في مجال تعزيز حضور المرأة السعودية وتمكينها من حقوقها، ليمثل أفضل أشكال الاستثمار، لأنه الاستثمار في الإنسان. وإن كان هذه المرة يعني استثمارا طويل الأجل، فالمرأة هي الأم التي ستورث أبناءها قيم العمل، والعدل، والانتماء.

هنيئا لنساء المملكة هذه الأدوار الجديدة في وطنهن، وهنيئا للوطن بهذه الطاقات الخلاقة المبدعة، التي نفض عنها الغبار، فسابقت وسبقت.