عبدالحليم البراك

الأخطاء كرة الثلج التي لا تنتهي!

الاثنين - 29 أغسطس 2022

Mon - 29 Aug 2022

الخطأ فعل بشري منطقي الحدوث، الإشكالية في الخطأ أنه إن لم يتم معالجته في لحظته، أصبح كرة ثلج لا تكف عن النمو مصطدمة في انحدارها للأسفل بشيئين، أحدهما أخطاء أخرى تكبر كرة الثلج، وأخرى هي الحلول الممكنة لتكسرها الواحدة بعد الأخرى حتى تصبح الأخطاء أكثر مندمجة في خطأ واحد كبير.

ومن خلال كومة الأخطاء المتراكمة يخرج لنا ما يسمى بالمشكلة أو القضية أو الإشكالية التي لا يمكن حلها، حتى تستعصي على كل من يستوعب أبعاد المشكلة الحل، ويبقى الحل بيد شخص واحد فقط: هو من لا يعرف المشكلة ولا أبعادها ويتخذ قرارا عنتريا فيها، يجانب فيها كل أفكار الصواب والحكمة ولا يوافق إلا شيئا واحدا يمكنه من حلها ألا وهو الحظ؛ الذي يقف معه، ثم يتم حل المشكلة عبر نسفها برمتها بكل أبعادها وتبعاتها؛ هذه رؤيتي في إشكالية نمو الخطأ!

يقدم المصلحون والمتأملون حلا لتجنب تطور الخطأ، من خلال الحوار، وغالبا ما ينتهي الحوار بتجنب نقاط الخلاف والتركيز على نقاط الاتفاق والقوة وترسيخها وحلها، وهذا لا يتم إلا برغبة الطرفين في الحل، وفي إمكانية الطرفين أيضا للتنازل عن بعض حقهما للوصول لحل وسطي يرضي الطرفين، ولكن الحوار ليس حلا دائما، بل إن الحوار أحيانا يخلق أخطاء أخرى جديدة، ويكشف نوايا توسعيه وفهما خاطئا للبعض من ثم تتكون كرة الثلج التي تكلمنا عنها قبل قليل، لتصبح القطيعة حلا ويصبح العداء منطقيا ويختفي العقل وتظهر البطولات المزيفة والعنتريات الغبية للمستفيدين من بقاء الخلاف، حتى تأتي أجيال أخرى تشعر بأن الخلاف حلا والعداء طبيعيا والمشكلة طبيعية والسلام بين الخصوم استثناء غير مقبول لديهم، ويشعر المصلحون وأصحاب الأفكار النيرة بالغربة حتى لا يتجرأ أحدهم على طرح فكرة السلام والإصلاح!

ويقدم الفلاسفة حلولا أكثر نظرية وأكثر جذرية لفلسفة الخطأ بهدف تحليلها قبل دخولها مرحلة الخطأ، فبعضهم يعتقد بأنها فهم غير منطقي للأشياء، وبذلك ينشأ الخطأ، ويرجع هذا الأمر للتفاوت بالعقول والفهم والإدراك، بينما يرى أخرون –ومعم الحق أيضا– أن الخطأ ينتج عن لبس لغوي في معظم الحالات وهذا يقود إلى حل وإشكالية في نفس الوقت؛ وهو أن الخطأ ليس خطئا فحسب بل جزء منه لبس لغوي وبذلك يمكن تجنب الخطأ بتجنب أخطاء اللغة في التعبير عن الخطأ، وأبرز مثال على ذلك البيانات المشتركة التي غالبا ما تعتمد على الصياغة اللغوية لتجنب خطأ التزام الأطراف بما لا يلزمها، بل هناك من يردد أيضا –من الفلاسفة– أن الخطأ هو التطور الطبيعي للعلم، لأن تاريخ العلم هو تاريخ لأخطاء العلم، بناء عليه يعتبر الخطأ جزء من العالم وأن فكرة الخطأ هي فكرة وجودية بنفس أهمية وجود الصواب ذاته!

أما على المستوى الفردي فإن الخطأ هو عبارة عن تراكمية الخطأ على الخطأ دون معالجة الأمر الذي يكون كرة الثلج التي تكلمنا عنها في البدء، وفهم فلسفة الخطأ (فرديا) قد يقود بشكل كبير جدا لحل المشكلة، والغريب جدا أن حل الأخطاء يمكن أن يكون بخطأ، أو بتجاهل الخطأ وفق قاعدة «الزمن كفيل بحل المشكلة» أو بقواعد اجتماعية مثل سياسة مركز القوة الاجتماعية أو بمواجهتها وقتلها في مهدها، وفق فكرة «توازن القوى»!

Halemalbaarrak@