علي الحجي

الذكورة في لاوعي الرجل

الاثنين - 29 أغسطس 2022

Mon - 29 Aug 2022

في عام 2011 أجرى عالما النفس جوزيف فانديلو وجينيفر بوسون تجربة -ضمن دراسة "الرجولة غير المستقرة وصلتها بالعمل والعدوان"- على مجموعتين من الرجال، فطلب من المجموعة الأولى تضفير حبال، في حين طلب من المجموعة الثانية تضفير شعر بنات، ثم خيروهم بين لعبتي لكم كيس ملاكمة، أو ترتيب الصور، ومن ضمن ملاحظاتهم أن غالبية المجموعة التي طلب منها تضفير الحبال اتجهوا لترتيب الصور، في حين اختارت غالبية المجموعة التي طلب منها تضفير شعر البنات لعبة لكم كيس الملاكمة، وكان تفسيرهما لهذه النتيجة أن المجموعة الذين طلب منهم القيام بعمل يفترض أنه لا يخص الرجال شعروا بسلب ذكورتهم بعمل نسائي بالعادة، وأن الذكر عندما يشعر أن ذكورته انتقصت فإنه يمارس سلوكا عنيفا لاستعادة توازن ذكورته التي يشعر أنها انتقصت (وكل ذلك بشكل لاواعي).

تختلف الصورة النمطية للذكر من ثقافة لأخرى، وباختلاف الحقبة الزمنية، ولعل من محدداتها المشتركة القوة والاستقلالية والشجاعة والقيادة وتوكيد الذات وغيرها من الصفات، ومتى ما وجد الذكر أن هناك ما يمسها فلابد له من إحداث سلوك لاستعادة توازن صورته عن ذاته.

وليس بالضرورة أن يمارس الذكر عملا مرتبطا ذهنيا بالإناث ليشعر أن ذكورته اهتزت، فالمساس بأي صفة ترتبط في ذهنه بالذكورة سيجعله يسلك سلوكا يعيد له هذا التوازن، وما أكثرها في هذا العصر، الذي أصبح فيه الإنسان يتعرض لأضعاف الضغوط التي كان يتعرض لها المزارع أو راعي الغنم، فضغوط مديره قد تمس جانب القيادة، وتعرضه لمضايقات السائقين الآخرين يمس شجاعته، وموقعه المتدني في الهرم الوظيفي قد يمس استقلاليته، وبالتالي قد يعبر عن ذلك بسلوكيات تميل للشدة، أو حتى العنف تجاه زوجته أو أبنائه أو الموظفين الذين تحته أو حتى العمال البسطاء والسيارات في الشارع أو الأدوات التي يسخدمها (كل ذلك بشكل لاواعي).

لذلك على الرجل أن يعي أن نمط الحياة الحديثة يجعل الإنسان يتعرض لضغوط تمس صورته الذهنية كل يوم، وعليه أن يتفهم ما يتعرض له ويضعه في إطاره الحقيقي، ويوجه انفعالاته بشكل إيجابي وفي الاتجاه الصحيح.

كما أن على المرأة أن تتفهم الصورة الذهنية الذكورية للرجل ليس بشكل سلبي بالخضوع المهين، إنما بتفهم ما يتعرض له من ضغوط ومساندته للتغلب عليها، وتوزيع الأدوار بينهما بما يناسبهما.