مرزوق بن تنباك

الطبيعة تعلن الدفاع عن النفس

الثلاثاء - 23 أغسطس 2022

Tue - 23 Aug 2022

حتى الأرض والطبيعة لها طاقة تتحملها ولها حدود وقدرات مقدرة لا يمكن تجاوزها، ومزاج يتقلب ويتغير ويستقر حينا ويثور أحيانا كثيرة، ولها حالات كحالات البشر الذين يعيشون فيها منها اللين السهل الممتع ومنها القسوة والوحشة والحرمان، وقد عاشت الطبيعة ومن عليها بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ما يقرب من ثمانين عاما في رخاء وعطاء وسلام في عمومه وإن لم يكن في كل حالاته، ويبدو أنها ملت وتعبت وتحملت أكثر مما تستطيع من عبث البشر وعدوانهم عليها وعلى الأرض وما يريدون منها وما يعملون على ظهرها من الفساد والبغي والمكر المتكرر، فأظهرت غضبها وكشرت عن أنيابها وأعلنت الدفاع عن نفسها والحرب على من أذاها وقسى عليها.

وما الجفاف الذي يضرب العالم وما الحرائق التي تقضي على الأخضر واليابس وما الفيضانات التي تسحب معها الأحياء والأموات وتلقي بهم في البحار إلا بعض الدفاع عن النفس المشروع الذي تقوم به الطبيعة وتؤيده دول العالم كله ومنظماته المعلنة والمستترة.

والطبيعة والأرض على حق مطلق فيما فعلت وما سوف تفعل وسوف تطلب من العالم الذي يعيش على ظهرها ويعاني من انتقامها أن يعاملها كمعاملته لدولة إسرائيل فيجعل عدوانها وحربها وتدميرها وزلازلها وثورات براكينها وصواعقها المحرقة وطردها للبشر وتهجيرهم وتجويع الأطفال والنساء وجفافها وحرائق غاباتها وفيضاناتها كل ذلك حق لها، ودفاع عن نفسها، مثل ما يقولون ويفعلون عن حق دولة إسرائيل في أن تبتدئ وتعتدي وتفعل ما تريد واعتبار ذلك كله دفاعا عن النفس أيضا.

والأرض ستبدأ العدوان والطبيعة ستؤيد ما تبدأ به الأرض وتعلن مساندتها فيما تفعل ولن تكون الأرض والطبيعة أقل أهمية للعالم من دولة إسرائيل إن لم تكن مثلها، فإذا بدأت الأرض الدفاع المشروع ستعلن الطبيعة المحيطة بالكون حق الأرض بالحياة والأمن والاستقرار، وستجفف الطبيعة الأنهار والبحيرات وتجعلها قاعا صفصفا وتمنع السماء من التغذية الدائمة التي تقوم بها للمحافظة على الحياة التي غذاؤها الماء والهواء وتشعل النار في الغابات وتحرقها من منطلق الحق المقدس الذي يعلنه الناس ويحتجون به لتبرير الحروب والصراعات وتدمير الأنفس والممتلكات وصناعة الأسلحة الكيمائية وتفجيرها وانبعاث السموم وطبقات التلوث على ما بين السماء والأرض.

بغي البشر على الأرض وعدوانهم المستمر على الطبيعة لم يعد مما تحتمله ولا تستطيع الصبر عليه حين بلغ الجشع والطمح والتسابق في العداوات بين سكان الأرض حده الأقصى، ولأن الأرض ميدانه والحاضن القوي والمستقر البشري كان لا بد أن تقوم بما يحفظ لها بقاءها واستمرار الحياة عليها إلى حين أن يشاء الله لها وللحياة نهاية.

والذي يظهر أن الركود والاستقرار النسبي الذي عاشه البشر في العقود الماضية لم يعد هو الخيار الذي يريده الناس، وأن الاختلاف والتنازع وحتى احتمال الحرب أيضا هو ما سيسود المستقبل القريب، مل الناس بعضهم وملت الأرض من ثقل ما عليها منهم، وقراءات المستقبل تشير إلى مستقبل قلق غير مريح وقد يقدم الحمقى منهم على خيارات كارثية قد تكون الحرب إحدى وسائلها.

@Mtenback