أمين شحود

طرااااخ

الأربعاء - 17 أغسطس 2022

Wed - 17 Aug 2022

لا أعلم لِمَ يغلق أكثر الناس الباب بقوة؟!.. تدفعه دفعا وتطبقه طبقا وتصفقه صفقا، فيجفل قلبك وترتعد فرائصك ويقطع تفكيرك وضناك، ويستاء الكبير ويبكي الصغير ويصحو النائم ويئن المريض ويفزع المتأمل ويشتت القارئ ويغص الآكل ويشرق الشارب ويضع الكاتب قلمه إلا أن يكتب عنهم.

قلما من يجيد إغلاق الباب بهدوء، ربما هو تعبير عن حالة من التوتر والغضب المستمر فيجدون في ذلك إفراغا لا شعوريا للضغوط، ربما لهم فلسفتهم اللاواعية الخاصة، لكنها بالتأكيد مخلة بالذوق؛ وإن معظم المشكلات بين البشر لم تكن لتزداد لو وجد الذوق العام في تعاملاتهم ومشتركاتهم، ولا أعني بالذوق تلك التصرفات المتكلفة أو "البريستيج" إنما هو مراعاة أحوال ومشاعر الناس وتفعيل محاسن الكلام والأفعال المستمدة من الأخلاق الحميدة والصفات الراقية.

ويحكى أن الفنان المصري الراحل سليمان نجيب بك أرسل إلى جاره يستأذنه بأن هناك ضوضاء ستحدث في حديقته، وكتب إليه رسالة يقول فيها:

"جاري العزيز سالم بك القرنفلي

تحية طيبة وبعد،

نظرا للقيام بعمل مَضيَفة في حديقة السراية، نخطركم بأنه سيكون هناك ضوضاء بدءا من الساعة الثانية عشر ظهرا حتى الواحدة والنصف، نأسف لإزعاجكم، ولكنها لن تستغرق أكثر من ثلاثة أيام.

وبعد الانتهاء من الإصلاحات، نود أن ندعوكم لحفل شواء في الحديقة الجمعة القادمة بأمر الله تعالى، للاحتفال بانتهاء تصوير فيلم (الزوجة السابعة) مع كاست الفيلم محمد فوزي والشابة ماري كويني والصديق العزيز إسماعيل ياسين، وهي فرصة لطيفة للقاء، وخاصة والطقس عليل هذه الأيام...

نشكركم على تفهمكم

والسلام ختام.

توقيع

سليمان نجيب".

لذلك فإن نعمة الذوق إحدى أهم النعم.. أن تعيش بين أناس لديهم حاسة وبديهة وفطرة الذوق فأنت في نعيم، وإن كان العكس فهو ابتلاء ينكد عليك راحة البال وصفاء الذهن.

قيل لحكيم: ما أكثر ما يستفزك؟

قال: فجاءة صوت من إنسان دون نحنحة قبلها.

قيل: ثم ماذا؟

قال: إغلاق الرجل لباب بيته بقوة حتى يخيل إليك أن "سابع جار" قد علم بدخوله وخروجه.

قيل: ثم ماذا؟

قال: عطسة مباغتة بقوة 6 درجات على مقياس ريختر.

قيل له: فأوصنا.

قال: يا بني، إذا أردت أن تشتري بيتا فراقب جيرانه، فإن وجدتهم أهل ذوق فتوكل على الله وامض وإلا فر منهم فرارك من الأسد، وانج بنفسك.

ولست أدري حقيقة كيف نتعامل مع الناس التي تفتقد للذوق، فليس هو علم فيدرس ولا تمرين فيدرب ولا قانون فيفرض، إنما هو هبة من الله، وإن الله عز وجل قسم الأذواق كما قسم الأرزاق.

ولعله يقرر مادة متخصصة لتدريس الذوق العام للأطفال فقد تصيبهم هبات الله قبل فواتها، فمن السلوكيات والطبائع ما لم يكتسبها الإنسان في طفولته فلن ينفع معه بعد بلوغه طبٌ ولا حيلة.

فإن ابتليتم بمثل أولئك فأخبروهم بأن هناك مقبضا للباب كي يغلق بهدوء قبض الله أرواحهم على الإيمان.

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال