عبدالله قاسم العنزي

طرق تعديل العقد بعد تنفيذه

الاحد - 14 أغسطس 2022

Sun - 14 Aug 2022

إن الظروف التي ينشأ فيها العقد يفترض فيها أنها هي نفسها التي تصاحب تنفيذه، ولذا فإن تغير تلك الظروف من شأنه أن يخل بتوازن العقد؛ فيترتب عنه ضرر يلحق أحد المتعاقدين أو كلاهما، وذلك لعدم تحقق الهدف المنشود والمطلوب تحقيقه.

الأمر الذي يستلزم وجود آليات ووسائل قانونية من أجل إعادة التوازن للعلاقة العقدية في مرحلة تنفيذها تعزيزا لمراكز أطرافها، ومن هنا قد يضطر أحد أطراف العقد اللجوء إلى تعديل أو استبدال بعض الشروط في العقد الأصلي بشروط أخرى أكثر مرونة، بغرض مواجهة الصعوبات التي قد تعترض الأطراف، بغية تحقيق الهدف من العقد، ومراعاة مصالح أطراف العقد؛ فيضمن العقد نصا على جواز تعديل بنود العقد ويقتصر التعديل على زيادة، أو إنقاص قيمة العقد، أو حذف بعض الشروط في العقد الأصلي، لجعله أكثر مرونة وملاءمة مع مصالح الأطراف حالة طرأت ظروف تحول أو تعرقل عملية تنفيذ العقد فيكون تعديل العقد لأن العدالة تستلزم التناسب بين أداءات الطرفين وليس التساوي وإذا اختلت عدالة العقد قد يكون مهددا بالزوال عن طريق الفسخ أو البطلان مما يؤثر سلبا على استقرار المعاملات، ولذا نذكر أقسام جواز أو طرق تعديل العقد على النحو التالي:

أولا: التعديل الاتفاقي، بمعنى أن يلجأ طرفا العقد إلى إعادة التوازن لوضعها التعاقدي من خلال التعديل على بنود العقد وفق ما يحقق مصلحة الطرفين وعدالة العقد.

ويعدل العقد باتفاق الطرفين ويكون التعديل في ملحق يضاف إلى ملاحق العقد وينص على أن هذا الملحق يكون جزءا لا يتجزأ من العقد، ويعتبر هذا التعديل بتراض من الطرفين، ويكون التعديل إما على أحد البنود أو فصلا كاملا من العقد أو بابا كاملا أو عدة مواد بحسب تكوين هيكل العقد ولكن المعيار الجوهري في التعديل أن يكون التعديل باتفاق وتراضي كلا الطرفين.

ثانيا: التعديل القضائي، بمعنى بعد لجوء طرفي العقد إلى القضاء يتدخل القاضي في العقد ليجعله يتماشى مع ما كانت تصبو إليه الإرادة، ووجد نظام التعديل القضائي للعقد لغاية عامة وهي إعادة احترام ومكانة سلطان الإرادة وتكريم عدالة العقد، وغاية خاصة وهي حماية المتعاقد الضعيف في العقد.

وعليه يمكن القول إن نظام التعديل القضائي للعقد مكانة يتدخل من خلالها القاضي في العقد في حالات محددة على سبيل الحصر لأن الأصل هو احترام القاضي لبنود العقد، فلا يمكن له أن يحل محل إرادة الأطراف في تعديله لما في ذلك من مساس بمبدأ القوة الملزمة للعقد، فوظيفة القاضي في الأصل تقتصر على تفسير العقود وتطبيق أحكامها دون تعديل بنودها إلا أنه استثناء من هذا المبدأ للقاضي تعديل العقد نتيجة لوجود ظروف قد تؤدي إلى إلحاق خسارة بأحد المتعاقدين أو ضرر فاحش، من أجل ضمان مرونة العلاقة التعاقدية وبقائها.

فتدخل القاضي لتعديل العقد يكون في حالات خاصة، كتعديله للعقد في حالتي الغبن والاستغلال، كما يتدخل لتعديل الشروط التعاقدية كتعديل الشرط الجزائي ففي كثير من الأحيان يحدد المتعاقدين ضمن شروط العقد تعويضا يستحق عند عدم تنفيذ الالتزام أو التأخر فيه يقدر بمبلغ معين وعند استحقاق الشرط الجزائي أي التعويض المتفق عليه يتضح أنه يفوق أو لا يتناسب مع ما أصاب الدائن من ضرر وعلى ذلك يجوز للقاضي تعديل قيمة التعويض عن طريق التخفيض في القيمة، كما أيضا يتدخل لإعادة التوازن نتيجة ظرف طارئ لاحق على تكوين العقد وفقا لنظرية الظروف الطارئة.

expert_55@