برجس حمود البرجس

التوطين والتأشيرات

الثلاثاء - 26 يوليو 2022

Tue - 26 Jul 2022

التأشيرات الصادرة سنويا للعمالة الوافدة كثيرة، وهي بالتأكيد تأكل من نصيب الوظائف المحلية، ولكن لها تفاصيل نوضحها بإيجاز. 60% إلى 70% منها لا تستخدم، وجزء كبير منها لأعمال بسيطة ومتدنية ولا تناسب السعوديين، وبعضها لأعمال متخصصة وتحتاج إلى خبرات، وبعضها بدائل لوافدين خرجوا خروجا نهائيا فهي ليست إضافية.

أما بعض هذه التأشيرات مؤقتة وتستخدم للمشاريع العملاقة، تستخدم لمدة سنتين أو ثلاث، هذه الأعمال تسمى بذروة البناء، فمثلا مشروع بناء معمل نفطي أو لتوليد الكهرباء تحتاج إلى عمالة كثيرة وخبرات لبناء المشروع، ثم بعد اكتمال المشروع يغادرون المملكة، والوظائف ليست مستدامة. بعد اكتمال بناء ذلك المعمل، يتم توظيف سعوديين لتشغيل هذه المعامل مثل ما نشهده في معامل شركات أرامكو وسابك والكهرباء ومعامل تحلية المياه.

بكل الأحوال، الشركات غالبا تفضل العمالة الوافدة والموظفين غير السعوديين، بعضها لأسباب نتفق معها وبعضها نختلف معها. وبطبيعة الحال، الشركات ترغب بالموظف الجاهز والذي لا يستطيع الاستقالة والانتقال إلى عمل آخر بسهولة من السعودي. المهم لو كانت الشركات تفضل الموظف السعودي لما كانت الحاجة لبرامج توطين ولا نسب سعودة ونطاقات.

الجهود القائمة والمعمول بها اليوم من قبل وزارة الموارد البشرية هي طريقة «التوسع بالأعمال» لزيادة التوطين، فتحديات التوطين كثيرة وكبيرة، ولو كانت سهلة لما انتظرت الوزارة طويلا في زيادة نسب التوطين. الوظائف المناسبة للسعوديين والمسجلين في قوائم «الباحثين عن عمل» غالبا خريجين جدد، ويصعب استبدالهم بأعمال تحتاج خبرات، ولا ننكر الصعوبات التي تضعها بعض الشركات حيال التوطين.

فرض نسب عالية من التوطين على الشركات دون تفهم لتحديات تلك الشركات سيجعل الشركات تلجأ للاحتيال لتقليل عدد الفروع والأعمال وحتى الاستغناء عن كثير من العمالة الوافدة والتأشيرات، جميع ذلك ليكون فرض التوطين عليهم بأقل الأعداد حتى وإن كانت النسب كبيرة. حديثي على بعض أو غالبية الشركات وليس الكل.

يستحال إقناع الشركات بتوطين وظائف المهندسين والمحاسبين والقانونيين والوظائف الصحية دون العمل على تجهيز الكوادر السعودية والتوسع في الأعمال وأيضا دعم مصاريف التدريب وأجزاء من الرواتب وبدلات للنقل وغيرها الكثير.

مع جهود الوزارة، وصلت نسبة الامتثال في القطاع الخاص لنسب التوطين المستهدفة 95% مع بداية هذا العام 2022م، وهذا يؤكد على جهود الوزارة والتشارك الحقيقي بين القطاع الخاص والجهات الحكومية المعنية؛ وقد التحق 400 ألف مواطن ومواطنة بسوق العمل لأول مرة خلال عام 2021م. هذا الرقم أكبر من عدد الداخلين على سوق العمل سنويا.

تحديات التوطين كثيرة وتحديات توليد الوظائف تحتاج وقتا أطول لبناء مشاريع جديدة لتوليد وظائف في قطاعات الطاقة والتعدين والتصنيع والخدمات اللوجستية والسياحة والترفيه وبقية القطاعات، والمشاريع لن تكتمل بشكل كامل إلا عندما نقترب من عام 2030م، فبناء مدن صناعية وتقنية في نيوم وغيرها وبناء مصانع سيارات والتي تم الإعلان عن بعضها لن يتم إلى عندما نقترب من عام 2030م.

توطين المحتوى المحلي وهو المشاركة بالتصنيع والأعمال محليا بدلا من استيراد تلك السلع كليا من الخارج يحتاج وقتا طويلا، فقد تم تأسيس «هيئة المحتوى المحلي» قبل سنوات قليلة وتم وضع برامج لدعم زيادة المشاركة محليا لتصنيع السلع والخدمات، ونأمل كثيرا بهذا المشروع الوطني لتوطين وظائف محليا.

موضوع الوظائف يجب أن ننظر له نحن كرأي عام من ناحية التوسع بالأعمال وجذب الاستثمارات المحلية والخارجية والاستثمارات بالبنى التحتية. ومن الخطأ أن ننظر فقط للتأشيرات وعدد الوافدين ونسب التوطين، فبعض الشركات تستخدم حلولا أخرى للاستغناء عن بعض تأشيراتها في سبيل التقليل من توظيف السعوديين ما لم تكن جهود التوطين تتماشى مع معالجة تحدياتهم.

حتى عام 2030م، سيدخل سوق العمل سنويا بين 300 ألف و400 ألف شاب وشابة، وسيتم التعامل معها على توطين الوظائف وأيضا توليد الوظائف، وكل منها لها تحدياته والحاجة للوقت الكافي لتحقيق المستهدفات، ذكرنا تحديات التوطين وإن شاء الله تكتمل جهود توليد الوظائف بشكل واسع بعد اكتمال المشاريع العملاقة.

أخيرا، خلال السنوات الأخيرة، خلق السوق السعودي وظائف مميزة للخريجين الجدد وأصحاب الخبرات في شركات كبيرة وعملاقة مثل أرامكو والبتروكيماويات والكهرباء والاتصالات، وأيضا في الجهات والهيئات والشركات الحكومية والمستشفيات الحكومية وشركات الأدوية، هذه الوظائف مميزة ومناسبة ورواتبها عالية، ويتم فقط اختيار الخريجين المتميزين لها. الجميع يرغب بهذه الوظائف ولكن مع الأسف الذي يتمناها ولا يحصل عليها يرى بأن السوق لا يولد إلا وظائف متدنية.

Barjasbh@