عبدالله قاسم العنزي

إثبات عقد العمل والأجر في قانون العمل السعودي

الاحد - 24 يوليو 2022

Sun - 24 Jul 2022

لا نستغرب إذا قلنا إن هناك من الشباب السعودي أو الفتيات من يعمل مباشرة مع شركة أو مؤسسة أو أحد رجال الأعمال دون أن يوقع معه عقد عمل، وذلك لشهور طويلة، وقد اطلعنا على مثل هذه الحالات كثيرا، حيث انتهى بعضها بنزاعات في مكاتب العمل والمحاكم العمالية على إثبات العلاقة التعاقدية أو قيمة الأجر أو العمولة أو غيرها من الخلافات. وهنا أود أن أذكر دون استطراد بأن الأصل في عقود العمل أنها من العقود الرضائية التي لا تتطلب كتابة معينة لانعقادها إلا أن المنظم السعودي خرج عن هذه القاعدة العامة من مبدأ التيسير على العامل في إثبات ما يرتبه له هذا العقد من حقوق في ذمة صاحب العمل.

وبناء على هذا المبدأ فقد نصت المادة الـ51 من نظام العمل على أنه «يجب أن يكتب عقد العمل من نسختين، يحتفظ كل من طرفيه بنسخة ويعد العقد قائما ولو كان غير مكتوب، وفي هذه الحالة يجوز للعامل وحده إثبات العقد وحقوقه التي نشأت عنه بجميع طرق الإثبات ويكون لكل من الطرفين أن يطلب كتابة العقد في أي وقت»، ولو ربطنا كلامنا بالنص الذي أشرنا إليه لوجدنا أنه يتحدث عن حالتين نذكر هما على النحو التالي:

أولا: في حالة عدم وجود عقد عمل مكتوب، بمعنى إذا لم يقم أطراف العقد بكتابة عقد عمل ففي هذه الحالة أعطى المنظم السعودي للعامل وحده الحق في إثبات عقد العمل بكافة طرق الإثبات ومن بينها شهادة الشهود أو الرسائل بين الطرفين ونحو ذلك، ويدخل من ضمن ذلك الرسائل الالكترونية سواء كانت بالبريد الالكتروني أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي في الهواتف الذكية، حيث قدر المنظم أن عدم كتابة عقد العمل يمثل خطأ ينسب إلى صاحب العمل فقط، باعتباره الطرف القوي في علاقة العمل، ومن ثم كان يمكنه منذ البداية إفراغ هذا العقد في قالب مكتوب إذا كان حسن النية.

والسؤال المهم في سياق ما ذكرنا هل يجوز لصاحب العمل نفي ما أثبته العامل بشهادة الشهود على سبيل المثال في إثبات تعاقده مع صاحب العمل أو قيمة الأجر أو غيره من الشروط لاعتبار ما تقضي به القواعد العامة في الإثبات أن لأحد أطراف الخصومة إثبات واقعة ما بشهادة الشهود، يكون من حق الخصم الآخر أن ينفي هذه الواقعة بنفس الطريقة؟ الجواب: لا يصح لصاحب العمل النفي أو الإثبات إلا بالكتابة والخروج من القاعدة العامة والاستثناء إنما هو للعامل فقط لأنه الطرف الأضعف في العلاقة العمالية.

ثانيا: حالة وجود عقد عمل مكتوب، ففي هذه الحالة لا يجوز لصاحب العمل ولا العامل إثبات عكس ما ورد في عقد العمل إلا بالكتابة بغض النظر عن قيمة العقد بمعنى لو اختلفا على عمولة أو قيمة أجر معينة ففي مثل هذه الظروف لا يصح إثباتها إلا بالكتابة لأن العقد شريعة المتعاقدين ومن ثم هنا نعود للمساواة بين أطراف العقد أمام عمومية قواعد الإثبات.

ختاما: نوضح جزئية مهمة وهي وإن كان المنظم السعودي قد تطلب بموجب نص المادة الـ51 من قانون العمل أن يكون عقد العمل ثابتا بالكتابة، إلا أن ذلك لا يعني أن الكتابة تعد ركنا من أركان عقد العمل، لأنه كما سبق وذكرنا من العقود الرضائية التي لا يلزم لانعقادها إفراغه في قالب شكلي معين لاعتبار الكتابة لا تعدو أن تكون مجرد وسيلة لإثبات هذا العقد، وهو ما يعني أنه في حالة تخلفها، لا يكون عقد العمل باطلا، والدليل على ذلك أن العامل يمكنه أن يثبت عقد العمل غير المكتوب بكافة طرق الإثبات.

expert_55@