أين يكمن الخلل؟
السبت - 23 يوليو 2022
Sat - 23 Jul 2022
استفهام حقيقي يجب أن نجعله عنوانا قوميا يشارك الإجابة عليه كل شرائح المجتمع. أين يكمن الخلل فيما نحن عليه واقعا اليوم؟ هل يكمن في تعليمنا الذي لم يحقق نتائج ملموسة على صعيد الواقع المعاش؟
أم يكمن في إعلامنا الذي يغرد خارج السرب بعيدا عن التوجهات الوطنية الكبرى التي يسعى جاهدا لتحقيقها سمو ولي العهد؟ أم في سوء تنفيذ مشاريع التنمية على صعيد البلديات وغيرها التي لا تتوافق مع حجم الاقتصاد الوطني من جهة، وتظهر قدرا كبيرا من فائض الهدر المالي حال الإنشاء والتنفيذ؟
إنه السؤال القومي الذي يجب مناقشته ليس على صعيد وطننا وحسب، وإنما على صعيد أوطاننا العربية قاطبة، لا سيما ونحن نتغنى بإرثنا الحضاري، ونفتخر بمنظومتنا الدينية والأخلاقية السامية. تلك المنظومة التي تحث على الأمانة، لكننا في الغالب الأعم بعيدين عن ذلك بشكل مطلق؛ وتحث على النظافة وأنها من الإيمان، غير أن شوارعنا وأحياءنا وللأسف بعض بيوتنا على غير ذلك بتاتا، فطبيعي أن نمشي في طرق متكدسة بأشكال من الزبالة ومخلفات بني الإنسان، فنشاهد علبة مرمية هنا، وكما من الأوراق والمناديل المتسخة والأكياس التالفة هناك، علاوة على أكوام الزبالة المنتشرة على امتداد عديد من الطرق، وفوق براميل النفايات المخصصة، وكل هذا ونحن نقول دائما وأبدا، ونكرر صبح مساء، بأن النظافة من الإيمان.
حقا إنها مصيبة المصائب التي لم ننفك عنها منذ سنين طويلة للأسف الشديد. وفي يقيني فإن العمل على الخلاص منها مقدم على أي عمل آخر سياسي كان أو غيره، فما قيمة التغيير السياسي الذي أرهقنا به وبخاصة في دول ما يسمى بالربيع العربي في أول العشرية الثانية، والمجتمع لا يزال غارقا في سياق عبثي من القيم والسلوك.
في هذا السياق أشير إلى أن ما لفت نظري في أذربيجان هو انبثاق ظاهرة النظافة المطلقة من سلوك مجتمعي أولا، فالناس هناك حريصون على نظافة أنفسهم ظاهرا وباطنا، في داخل بيوتهم وخارجها، إيمانا منهم بأن الأرض كلها بيت لهم، وكأني بهم ينتمون للطريق والحديقة والمساحات الخضراء وغيرها، كانتمائهم لموضع نومهم في بيوتهم الخاصة، ولعمري فذلك إحساس عميق يعكس إيمان الناس فعلا بمنظومتهم الحضارية والقيمية.
وواقع الحال فليست أذربيجان وحيدة في ذلك، إذ يشاركها الكثير من الدول والشعوب المتقدمة، لكني أستشهد بها لكون شعبها مماثلين لنا في الدين والبعد الحضاري والنمو الاقتصادي، وإن كنا في المملكة العربية السعودية أعلى منهم اقتصادا، ويفترض بأننا أعمق منهم وجدا وإحساسا بمنظومة القيم الحضارية لكوننا جيران بيت الله المعظم ومسجد نبيه الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم.
أشير أيضا إلى أن الكثافة السكانية لم تكن عائقا لبلوغ سلوك حضاري عالي المستوى، فعدد سكان الصين أضعاف عدد سكان الدول العربية قاطبة بل ودول العالم الإسلامي أيضا، ومع ذلك فلن نجد في مدنهم ما نشاهده في عديد من العواصم العربية من مظاهر مخزية لشواهد من السلوك الحضاري للإنسان، التي تأتي النظافة والانضباط في مقدمتها. إذن المشكلة ليست في الكثافة السكانية وقلتها، وليست في المقدرة الاقتصادية وعدمها، بل هي في سلوك إنساني، وتربية قيمية، نفتقدها للأسف في حياتنا المعاشة بشكل أو بآخر.
إنها مشكلة تعليم وإعلام، وهي مشكلة تخطيط وتنظيم حضري بالتوازي، ولا ينفصل هذا من ذاك، إذ دون تخطيط حضري سليم، ودون تجهيز البنية التحتية بشكل صحيح، لن يتحقق المراد ابتداء. ومن هنا أجد من الواجب محاسبة مسؤولي البلديات وتحميلهم المسؤولية عما نعيشه من واقع مرير في أحيائنا جراء تكدس الزبالة أكواما أمام عمائرنا، وانعدام الأرصفة أساسا في عديد من الأحياء، وسوء تنفيذ الطرقات المسفلتة المليئة بالحفر والمطبات والنتوءات المهلكة، وكل ما سبق يمكن حله وتجاوزه من سنين طويلة لو وجدت الخطة الهندسية السليمة لمعالجة هذه الأخطاء المتراكمة.
أخيرا أرجو أن يستوعب القائمون على التعليم والإعلام والبلديات ما يطمح إلى تحقيقه بهمة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -يحفظه الله- لأن نكون الدولة الأولى في الشرق الأوسط، وأحد الدول الرائدة التي تقود العالم، وهو ما يسعى إلى تحقيقه من خلال كثير من المشاريع الإصلاحية والتنموية التي لم تعد خافية على أحد.
وحتما فيدٌ واحدة مهما بلغت قوتها لن تصفق، وتحتاج إلى يد أخرى مثيلة لتحقيق المراد، ولن يكون ذلك بأطر تعليمنا الحالية، وإعلامنا الذي فتح الباب للمفلسين التافهين ليتصدروا مشهده، ولمؤسسات بلدية لا تراعي مظاهر الأنسنة وجوانب الجودة في مشاريعها التنموية الإنشائية المختلفة.
ودام عزك يا وطن.
zash113@
أم يكمن في إعلامنا الذي يغرد خارج السرب بعيدا عن التوجهات الوطنية الكبرى التي يسعى جاهدا لتحقيقها سمو ولي العهد؟ أم في سوء تنفيذ مشاريع التنمية على صعيد البلديات وغيرها التي لا تتوافق مع حجم الاقتصاد الوطني من جهة، وتظهر قدرا كبيرا من فائض الهدر المالي حال الإنشاء والتنفيذ؟
إنه السؤال القومي الذي يجب مناقشته ليس على صعيد وطننا وحسب، وإنما على صعيد أوطاننا العربية قاطبة، لا سيما ونحن نتغنى بإرثنا الحضاري، ونفتخر بمنظومتنا الدينية والأخلاقية السامية. تلك المنظومة التي تحث على الأمانة، لكننا في الغالب الأعم بعيدين عن ذلك بشكل مطلق؛ وتحث على النظافة وأنها من الإيمان، غير أن شوارعنا وأحياءنا وللأسف بعض بيوتنا على غير ذلك بتاتا، فطبيعي أن نمشي في طرق متكدسة بأشكال من الزبالة ومخلفات بني الإنسان، فنشاهد علبة مرمية هنا، وكما من الأوراق والمناديل المتسخة والأكياس التالفة هناك، علاوة على أكوام الزبالة المنتشرة على امتداد عديد من الطرق، وفوق براميل النفايات المخصصة، وكل هذا ونحن نقول دائما وأبدا، ونكرر صبح مساء، بأن النظافة من الإيمان.
حقا إنها مصيبة المصائب التي لم ننفك عنها منذ سنين طويلة للأسف الشديد. وفي يقيني فإن العمل على الخلاص منها مقدم على أي عمل آخر سياسي كان أو غيره، فما قيمة التغيير السياسي الذي أرهقنا به وبخاصة في دول ما يسمى بالربيع العربي في أول العشرية الثانية، والمجتمع لا يزال غارقا في سياق عبثي من القيم والسلوك.
في هذا السياق أشير إلى أن ما لفت نظري في أذربيجان هو انبثاق ظاهرة النظافة المطلقة من سلوك مجتمعي أولا، فالناس هناك حريصون على نظافة أنفسهم ظاهرا وباطنا، في داخل بيوتهم وخارجها، إيمانا منهم بأن الأرض كلها بيت لهم، وكأني بهم ينتمون للطريق والحديقة والمساحات الخضراء وغيرها، كانتمائهم لموضع نومهم في بيوتهم الخاصة، ولعمري فذلك إحساس عميق يعكس إيمان الناس فعلا بمنظومتهم الحضارية والقيمية.
وواقع الحال فليست أذربيجان وحيدة في ذلك، إذ يشاركها الكثير من الدول والشعوب المتقدمة، لكني أستشهد بها لكون شعبها مماثلين لنا في الدين والبعد الحضاري والنمو الاقتصادي، وإن كنا في المملكة العربية السعودية أعلى منهم اقتصادا، ويفترض بأننا أعمق منهم وجدا وإحساسا بمنظومة القيم الحضارية لكوننا جيران بيت الله المعظم ومسجد نبيه الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم.
أشير أيضا إلى أن الكثافة السكانية لم تكن عائقا لبلوغ سلوك حضاري عالي المستوى، فعدد سكان الصين أضعاف عدد سكان الدول العربية قاطبة بل ودول العالم الإسلامي أيضا، ومع ذلك فلن نجد في مدنهم ما نشاهده في عديد من العواصم العربية من مظاهر مخزية لشواهد من السلوك الحضاري للإنسان، التي تأتي النظافة والانضباط في مقدمتها. إذن المشكلة ليست في الكثافة السكانية وقلتها، وليست في المقدرة الاقتصادية وعدمها، بل هي في سلوك إنساني، وتربية قيمية، نفتقدها للأسف في حياتنا المعاشة بشكل أو بآخر.
إنها مشكلة تعليم وإعلام، وهي مشكلة تخطيط وتنظيم حضري بالتوازي، ولا ينفصل هذا من ذاك، إذ دون تخطيط حضري سليم، ودون تجهيز البنية التحتية بشكل صحيح، لن يتحقق المراد ابتداء. ومن هنا أجد من الواجب محاسبة مسؤولي البلديات وتحميلهم المسؤولية عما نعيشه من واقع مرير في أحيائنا جراء تكدس الزبالة أكواما أمام عمائرنا، وانعدام الأرصفة أساسا في عديد من الأحياء، وسوء تنفيذ الطرقات المسفلتة المليئة بالحفر والمطبات والنتوءات المهلكة، وكل ما سبق يمكن حله وتجاوزه من سنين طويلة لو وجدت الخطة الهندسية السليمة لمعالجة هذه الأخطاء المتراكمة.
أخيرا أرجو أن يستوعب القائمون على التعليم والإعلام والبلديات ما يطمح إلى تحقيقه بهمة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -يحفظه الله- لأن نكون الدولة الأولى في الشرق الأوسط، وأحد الدول الرائدة التي تقود العالم، وهو ما يسعى إلى تحقيقه من خلال كثير من المشاريع الإصلاحية والتنموية التي لم تعد خافية على أحد.
وحتما فيدٌ واحدة مهما بلغت قوتها لن تصفق، وتحتاج إلى يد أخرى مثيلة لتحقيق المراد، ولن يكون ذلك بأطر تعليمنا الحالية، وإعلامنا الذي فتح الباب للمفلسين التافهين ليتصدروا مشهده، ولمؤسسات بلدية لا تراعي مظاهر الأنسنة وجوانب الجودة في مشاريعها التنموية الإنشائية المختلفة.
ودام عزك يا وطن.
zash113@