عبدالله العولقي

حول قمتي جدة وطهران

السبت - 23 يوليو 2022

Sat - 23 Jul 2022

لا شك أن قمة طهران جاءت كردة فعل سياسية بعد نجاح قمة جدة وعودة الولايات المتحدة كشريك استراتيجي للدول العربية في المنطقة ضد التهديدات الإيرانية ومخاطر امتلاك طهران للسلاح النووي.

وهنا لا بد من قراءة بسيطة لتاريخ العلاقة الأمريكية الخليجية في العقدين الأخيرين، والتي شهدت تباينات صارخة في وجهات النظر حول المنطقة، ولعل أسوأ قرارين تم اتخاذهما في البيت الأبيض لصالح الطموح الإيراني هما كالتالي: الأول في عهد الرئيس الجمهوري بوش الابن بغزو العراق وأفغانستان، والذي كبد الخزينة الأمريكية تريليونات الدولارات خلال العشرين عاما الماضية، أعقبها انسحاب عسكري شامل تم وصفه بالهزيمة العسكرية الفادحة، مقابل برامج تنموية كبرى أحدثتها موسكو وبكين لصالحهما في تلك الفترة وهما تجنيان ثمارها الآن.

أما القرار الثاني فجاء في عهد الرئيس الديمقراطي باراك أوباما واقتضى بانسحاب الولايات المتحدة من منطقة الشرق الأوسط ونقل جهودها إلى بحر الصين الجنوبي ومنطقة المحيط الهادئ، هناك حيث تدار رحى أشرس الحروب الباردة بين واشنطن وبكين، هذا الانسحاب الذي تحدث عنه الرئيس بايدن في تصريحاته الأخيرة والتي يفهم منها أن واشنطن اليوم تحاول تدارك هذا الخطأ الاستراتيجي الفادح، وأنها لن تسمح لموسكو وبكين ملء الفراغ الأمريكي في المنطقة.

كثير من المحللين يرون بأن المشهد السياسي للعالم عموما يبدو في غاية الضبابية، فالتحالفات الحالية معقدة ومتشابكة بصورة يصعب على المحلل فرز خيوطها وفهم مسالكها الخفية، ففي الماضي القريب كان الخط الفاصل بين المعسكرين الشرقي (وارسو) والغربي (الناتو) واضح وجلي أمام المتابع لحالة الحرب الباردة، بيد أن الصورة اليوم متباينة، فدول الخليج اليوم ترتبط بعلاقات متميزة مع الصين وروسيا ولا تقل في أهميتها عن علاقتها بالولايات المتحدة، كما أن اجتماع طهران ضم تركيا، وهو اجتماع موجه ضد الولايات المتحدة على الرغم أن أنقرة عضو فاعل في الناتو وحليف استراتيجي مع الولايات المتحدة، بالإضافة إلى أن علاقة الخليج ومصر مع تركيا أصبحت على ما يرام وهي تشهد تطورات جيدة!!

يبدو أن عنوان المرحلة الحالية يتسم بتقاطع في العلاقات الدولية وتشابك في المصالح الجيو استراتيجية بصورة تصعب على المحللين قراءة المشهد السياسي المستقبلي، ولكن ما يهمنا أن قمة جدة تفوقت على قمة طهران بدرجة كبيرة، كون ضيوف المرشد الإيراني، وأعني روسيا وتركيا، هما شريكين استراتيجيين للرياض، بينما ضيف السعودية قد أدرك خطأ سابقيه في التعامل مع المنطقة، وقد صرح بأنه لن يسمح لطهران بامتلاك السلاح النووي على الإطلاق، وهذا يعني بحد ذاته معيارا لنجاح قمة جدة وفشل قمة طهران.

@albakry181