باسل النيرب

الجمهور على دين ترنداتهم

الاثنين - 13 يونيو 2022

Mon - 13 Jun 2022

صناعة الترند هي باختصار محتوى يقدم بأكثر من شكل (نص، صورة، فيديو) يتضمن حدثا، أو خبرا، أو موقفا أو أغنية يتصدر مواقع التواصل الاجتماعي ومحركات البحث، ويتم من خلاله التفاعل لينتقل من حدث عادي إلى حدث ذي أهمية عالية نظير تفاعل الجمهور معه، ولافتراض خوارزميات محركات البحث ومنصات التواصل الاجتماعي أن ذلك المنشور يستحق أن يصل إلى عدد أكبر من المستخدمين، وتعتمد مواقع التواصل الاجتماعي ومحركات البحث في الترشيحات والتفضيلات للجمهور على الخوارزميات بشكل كامل، وتؤخذ هذه الخوارزميات كمدخلات لما يعجبك وتعلق عليه وتشاركه؛ وما تتفاعل معه.

وتلتقط الخوارزمية التفاعل، وتتعامل معها أنها «رغبة الجمهور» وتبرزها وتضخمها بما يكفي لاستمرار تضخيمها من خلال انتقال الأفكار أو السلوكيات في المجتمع، والتوصيات المباشرة التي تضاعفت بسبب منصات التواصل الاجتماعي، والنتيجة كلما زاد التعرض لفكرة ما عبر مختلف وسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي؛ زاد احتمال تبنيها وإعادة مشاركتها، وعند إسقاط هذه الفرضية على الترند على وسائل التواصل الاجتماعي يندفع الجمهور للمشاركة من خلال تحيزاته المعرفية التي تترجم إلى التفاعل مع الحدث.

الترند ما هو إلا فقاعة قائمة على انتقال الأفكار والسلوكيات وتبقى مسألة الرغبة في الظهور هي رغبة عند عموم الجمهور، وميل الجمهور إلى الارتباط بأشخاص متشابهين يجعل دوائرهم على منصات التواصل الاجتماعي متماثلة، لذا فهم يعيشون داخل ما عرف باسم «غرف الصدى»، فالتفضيلات والرغبات الاجتماعية متوافقة في الأحداث التي يتم التعرض لها، والتلاعب بالترند «إسقاطا أو إظهارا» سهل وبسيط إلى حد ما ومن الطرق المعروفة نشر تغريدات مؤيدة لحدث ما، وهذه الطريقة تسهم في تشتيت وتقسيم الآراء فيرتفع النقاش إما مؤيدا أو معارضا، وصاحب هذا التوجه بالتأكيد قد أعد العدة من خلال تجهيز عدد من الأصدقاء والحسابات للمشاركة في النقاش، أو إغراق الترند بمنشورات غير لائقة وإعلانات مخلة من حسابات وهمية لتغيير المغزى الرئيس من الهاشتاق، والنتيجة حذف الهاشتاق لأنه أغرق بالمنشورات المخلة والسبام، أو عن طريق أخذ الاسم الأول من الهاشتاق الأعلى تفاعلا وترك الباقي فارغا ومن ثم إغراقه بتغريدات عشوائية وهذا يخدع خوارزميات المنصات الاجتماعية لاستبدال الترند حيث يرفع الأكثر تفاعلا عند التشابه.

هناك أساليب لا تنتهي لتوجيه الرأي العام إما بالتضخيم أو تهميش الأحداث بالانتقاء من خلال تمرير المصطلحات المضللة، وباستخدام التنميط، والغمر الإدراكي وصناعة القصص ذات الفكاهة والجاذبية وكسب التعاطف والتأثير وطرح القضايا الحياتية لضمان مخاطبة المشاعر الإنسانية المختلفة مثل التعاطف، الخوف، والكراهية.

باختصار الترند فقاعة اجتماعية إعلامية بأشكال مختلفة تفريغا، تضامنا وانفعالا، والمشاركة ليست مؤشرا على الجودة، فعندما يتعرض عدد من الأشخاص لأحد العناصر يعملون إلى صناعة الترند، ثم تحدث بسبب التماهي الاجتماعي والتماثل مع الأفكار الرائجة اجتماعيا حسب الفئة أو الموضوع الذي تم إطلاق ترند بسببه ويبقى صاحب القضية، أو الحاجة، أو المصلحة منتشيا لفترة إذ تبناه المشاهير والمؤثرون، ثم تبعهم الراغبون في التماثل معتقدا أنه مدار الحديث أو الساعة ومتناسيا أنها الفقاعة التي يعيش فيها برهة من الوقت، ثم تتلاشى ويصبح منثورا تذروه الرياح في انتظار ترند آخر يصنعه الجمهور لحدث ما.

@b_nerab