فهد عبدالله

وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم

الخميس - 10 فبراير 2022

Thu - 10 Feb 2022

الوصايا المتناقضة هي عشر وصايا كتبها الكاتب الأمريكي كينت كيث Keith سنة 1968م وبعد ذلك في عام 2002م أصبحت كتابا بعنوان «على أية حال» (Anyway)، وهو من الكتب الأكثر مبيعا في أمريكا في تلك الفترة ولفترات متلاحقة.

من أمثلة هذه الوصايا إذا فعلت الخير سيتهمك الناس بأن لك دوافع أنانية خفية، افعل الخير على أية حال. ما تنفق سنوات في بنائه قد ينهار بين عشية وضحاها، ابن على أية حال، وعلى هذه الشاكلة كانت هذه الوصايا العشر أن السلوكيات الإيجابية والخيرية قد يجابهها شيء من المقاومة السلبية أو الأفعال الضدية تجاهها، ومع هذه العوائق والتحديات يختم الكاتب في كل وصية بجملة افعل هذا السلوك الإيجابي على أية حال.

ولعل من أسباب انتشارها وتتويجها بهذا القبول العالمي أنها لامست تلك النزعات العميقة الفطرية لدى الإنسان من حيث الرقي والميل تجاه الفضيلة والخيرية، وكذلك لامست واقع البشر من حيث التدافع الذي قد يحصل من خلال سنة المقاومة الكونية التي قد تحدث في طريق الأعمال ذات الأثر الإيجابي التي قد تعترضها بنيات الطريق من هنا وهناك.

هذه الوصايا العشر وتطبيقاتها المختلفة التي تتنوع من شخص إلى آخر ترتبط مباشرة في الذهن بتلك الآية الكريمة (ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم، وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم)، اذهب إلى هذه الوصايا العشر أو تطبيقاتها المختلفة أيا كانت ستجدها لن تخرج عن هذه القاعدة العظيمة في مجال السلوكيات والاجتماعيات (ادفع بالتي هي أحسن)، وبالتأكيد لصعوبة تبني هذه الفضيلة الأخلاقية رد الإساءة بإحسان أو الدفع بالتي هي أحسن في الممارسات العملية كان وصف خالق الإنسان للإنسان (وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم).

ولو تأملت في عمق وجذر هذه الصفة المتقدمة في الأخلاقيات والسلوكيات ومدى الصعوبة فيها لوجدت أنها مرتبطة بنقاط وعي عميقة قد لا تكون في المتناول الدارج للأفكار والقناعات، والأمر الآخر هو حجم السلوكيات الإيجابية المتراكمة في التطبيقات في هذا الجانب، فالوعي هنا على جانبين، الجانب الأول التقرب إلى الله برد الإساءة بإحسان، والأمر الآخر أنه غالبا على المدى القريب والبعيد ما كان الإحسان ردا لإساءة إلا تعاظمت فيها تلك النتيجة الإيجابية على المحسن والمسيء.

وأما على صعيد تراكم التطبيقات فهي الوسيلة العملية لتقوية عضلة التسامح والتغافل ورد الإساءة بإحسان، ولا يمكن لقناعة أن تستقر في الداخل ويظهر أثرها على الجوارح وهي مجرد نظريات تدور في الأفق الذهني دون تراكم التطبيقات والتجارب.

هي حالة مثالية وصعبة وليست بذلك الأمر السهل أن يخرج الإنسان من إطار القانون الكوني الفيزيائي فيما يتعلق بالفعل وردة الفعل المساوية له في القوة والمعاكسة له في الاتجاه ويدخل إلى عالم القوانين الأخلاقية الراقية التي ينظر فيها متشبثا بقانون السماء أو ما تعارف عليه حكماء البشر (وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم).

@fahdabdullahz