أحمد بن قروش

عشوائيات جدة بين الإزالة والبناء

الخميس - 10 فبراير 2022

Thu - 10 Feb 2022

جدة مدينة ساحلية تتميز بالعديد من المميزات أبرزها أنها بوابة القدوم الدائمة للكثير من الحجاج والمعتمرين طوال تاريخها وذلك لقربها من مدينة مكة المكرمة مهد الحرم المكي الشريف ومن مميزاتها أيضا أنها أصبحت موطنا للكثير من سكان النواحي والهجر المحيطة وغير المحيطة بها نتيجة لاتساع رقعتها الجغرافية والأهم من ذلك نتيجة لتوفر فرص معيشية أكثر وأكبر فيها وهذه العوامل مجتمعة جعلت من مدينة جدة ثاني أكبر مدن المملكة العربية السعودية سواء من حيث عدد السكان أو من حيث مساحتها التي تقارب الألف وستمائة كيلومتر مربع.

ولكن هذا الواقع رغم إيجابيته إلا أنه خلق سلبيات عدّة منها تخلف الكثير من الحجاج والمعتمرين عن مغادرتها وكذلك أيضا انتشار العمالة الوافدة غير النظامية بين ظهرانيها فنتج عن هذا الأمر تقوقع الكثير من هؤلاء في مناطق سكانية عشوائية منغلقة على نفسها في محاولة منهم لخلق بيئة آمنة لهم تجعل ممارساتهم بعيدة عن عين الرقيب سواء كانوا من المخالفين لأنظمة السكن والإقامة أو من الممارسين للمخالفات الإجرامية والسلوكية فكان لهذين الأمرين المُخفز الأكبر لدى المسؤولين على جعل إزالتها وإعادة بنائها وتنظيمها خطوة ضرورية يجب تنفيذها.

ولكن ظل تنفيذ هذا القرار حبيس الأدراج للأسف إلى أن أتى عصر سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسموّ ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان الذي يقود وبإشراف من والده -حفظه الله ورعاه- مرحلة تنموية وتنظيمية غير مسبوقة في تاريخ هذه البلاد وشمل هذا التوجه جميع مناطق المملكة ومن بينها مدينة جدة التي كان من الضروري تحسين وضع المقيمين فيها ووضع أحيائهم ما جعل القيادة تبادر إلى إصدار أوامر فورية محورها الرئيس سرعة إزالة هذه البؤر وإعادة بنائها بشكل يحدّ من كونها مرتعا وموطنا للمتخلفين والمخالفين وبشكل يقضي تماما على مختلف الممارسات اللاأخلاقية واللاقانونية المنتشرة فيها.

ولقد راعت القيادة الحكيمة في هذا الإطار تعويض جميع من تعرضت مساكنهم وأحيائهم للهدم والإزالة ماديا ومعنويا وجعلت هذه النقلة الجذرية في حياتهم تسير بانسيابية وبتنظيم ملحوظ كما أنها وعدت بجعل تلك البقع السكانية مواطن حاضنة لمختلف مظاهر التنمية العقارية المنظمة بدلا من حالها البائس الذي تعيشه اليوم، ويتمثل هذا الوعد في جعلها تتمتع بكافة قواعد البُنى التحتية المطلوب توفرها في أي مدينة حديثة تنشد التطور والتقدم والظهور بصورة لائقة وجميلة تتماشى مع النهضة الحالية التي تعيشها بلادنا.

وقد تجاوز عدد الأحياء المطلوب إزالتها وإعادة تنظيمها في مدينة جدة اثني عشر حيا، جميعها تعاني من نفس المشاكل والمخاطر التي سبق ذكرها ما جعل التعامل معها ضرورة قصوى عند المسؤولين وحين بدأ التنفيذ لهذه العملية الجراحية المهمة ظهرت مخالفات ليس فقط في النواحي الجرمية والسلوكية وإنما حتى في الطريقة التي تم من خلالها بناء المساكن الموجودة فيها والتي تُعرّض معظمها حياة ساكنيها للخطر؛ خطر رأت القيادة وجوب التعامل معه وتحييده والقضاء عليه.

أخيرا إن ما تشهده بلادنا في هذا العهد الزاهر من نقلات نوعية وتنموية على مختلف الصُعد جعلت المواطن والمقيم على حد سواء يتفاءل بكل ما تتخذه الدولة من إجراءات ويستبشر بكل ما نحن مقدمون عليه لذا وجب ويجب علينا جميعا الوقوف مع هذه القيادة ومنحها الثقة الكاملة في كل ما تفعل والإيمان بأن كل ما تقوم به في جدة وغير جدة هو في نهاية المطاف لصالحنا كشعب وكدولة؛ شعب ننشد التطور والرخاء ودولة تنشد الارتقاء بمستوى جودة حياة مواطنيها وتحسين ظروفهم المعيشية والحياتية.

@ahmedbingroush