رأيي كطبيب في كورونا
الاثنين - 06 ديسمبر 2021
Mon - 06 Dec 2021
تكلمت كثيرا عن جائحة كورونا العالمية، وكنت أحاول ألا أتقمص دور الطبيب الخبير، باعتبار أني أحترم مهنتي، عكس من يظهرون من الأطباء على قنوات الإعلام ويُنَظِرون وهم غير متخصصين في علم الميكروبيولوجي والأمراض الوبائية، وأن أغلبهم لم يدخل معملا طبيا، ولم يتعمق في دراسة الفيروسات والتطورات العلمية والتجارب الحديثة في هذا العلم؛ لذلك نجد المفهوم غير واضح لدى الشعوب، فلا نعود نلوم أحدا على شدة الخوف مما يحدث، ولا من يشكك ويهرب ويرفض التطعيمات المتعددة، والتي تفرض على الشعوب.
الثقة منعدمة بين الشعوب والحكومات، وليس فقط في طرق التعامل مع الجوائح، ولكن وتبعا لتراكم تاريخ الشك والخبث السياسي، الذي تدار به دول العالم، والحروب الخفية والظاهرة والتي لا تستثني شيئا لبلوغ الهيمنة من الدول العظمى، ومحاولات حفظ التوازن من قبل دول خاضعة لأنظمة منظمة الصحة العالمية، والتي ظهرت في هذه الجائحة بشكل متردد غير واثق تغير كلامها بين الصبح والمساء.
نظريا فربما وصلت بعض الدول إلى تصنيع الفيروسات، كسلاح جرثومي، وربما ستظهر تسريبات ذلك بعد عشرات السنين، مثبتة أن الشر قد حدث، وقتل الملايين، وهيمن وعدل جميع ظروف الحياة اقتصاديا وصناعيا وسياسيا واجتماعيا، فلا يمكن لخبث البشر أن يتوقف عند حدود إنسانية أو حتى كونية، وربما يتم جلب بعض الجراثيم من خارج الكوكب الأرضي.
ولو رجعنا للجوائح العالمية، فقد مر على البشرية ملايين منها ضمن طفرات جرثومية وفيروسية، وتم رصد بعضها، ومرت أخريات دون اكتشاف، وما فناء الديناصورات ومخلوقات عديدة، وأمم بشرية، إلا جزءا من تلك التطورات الجرثومية، التي تظل بدورها تحاول التواجد، والتطور، وكسب المناعة كما يفعل عشيرها الإنسان.
إنسان الزمن السحيق لم يكن يحمل نفس مميزات شفرتنا الوراثية اليوم الأقوى، تبعا للتعرض للسموم والأدوية والمضادات الحيوية، ومئات التطعيمات في جميع مراحل حياتنا.
ذبابة الفاكهة القديمة ليست مثل الماثلة بيننا، متأقلمة مع أنواع عديدة من المبيدات، والتلوث الجوي، والتصحر، وارتفاع درجات الحرارة، ولا شك أن شفرتها الوراثية مختلفة عن سلفها، وقدرتها على التأقلم وذكاؤها يختلف ويسمح لها بأن تظل فاعلة، تضر بعض المخلوقات المحيطة بها، وتفيد البعض الآخر.
والفيروسات كذلك، لا تقف بغباء لمواجهة الموت، ولكنها تكتشف وتميز وتجرب وتتعلم، وتتطور، وتمزج كيانها بالجديد من حولها، حتى تتمكن من العيش بقدرة أقوى، وربما تفنى في مرحلة عجز عن مواكبة التغيرات من حولها.
جرثومة الجدري والطاعون والحمى الصفراء وغيرها قتلت الملايين، وتمكن الإنسان من محاصرتها، وتقييدها، وتهجينها، ورفع مقاومة الجسد البشري ضدها، فلا تعود لها خطورة تُذكر، مع أنها ما تزال موجودة بيننا، وأنها قد تعود يوما بقوة، بعد أن تكتسب قدرة المقاومة للأدوية والتطعيمات والتلوث المصنوع بأيدي البشر.
كل ما على الكوكب يعيش حربا للتطور، أو التدهور، وكم من أجناس كائنات تستمر، وكم منها يضمحل ويضعف، وكم يستعيد قوته كما حدث لفيروس كورونا، الذي تمرد على حاضنه الحيواني، وبدأ يهدد جينات الإنسان بتحوراته الجديدة.
هل من العقل أن نقف رافضين للتطعيمات والعلاجات، أم أننا مثل غيرنا من المخلوقات، لا بد أن نتسلح بالجديد، ونحن مدركون بأن الزمن لا يقف، وأن الإنسان جزء من لعبة كونية، لا بد له من التأقلم معها ولو بالخوف.
الرفض التام للتطعيمات يضعفنا ولا يحقق التطور لأجهزتنا المناعية.
shaheralnahari@
الثقة منعدمة بين الشعوب والحكومات، وليس فقط في طرق التعامل مع الجوائح، ولكن وتبعا لتراكم تاريخ الشك والخبث السياسي، الذي تدار به دول العالم، والحروب الخفية والظاهرة والتي لا تستثني شيئا لبلوغ الهيمنة من الدول العظمى، ومحاولات حفظ التوازن من قبل دول خاضعة لأنظمة منظمة الصحة العالمية، والتي ظهرت في هذه الجائحة بشكل متردد غير واثق تغير كلامها بين الصبح والمساء.
نظريا فربما وصلت بعض الدول إلى تصنيع الفيروسات، كسلاح جرثومي، وربما ستظهر تسريبات ذلك بعد عشرات السنين، مثبتة أن الشر قد حدث، وقتل الملايين، وهيمن وعدل جميع ظروف الحياة اقتصاديا وصناعيا وسياسيا واجتماعيا، فلا يمكن لخبث البشر أن يتوقف عند حدود إنسانية أو حتى كونية، وربما يتم جلب بعض الجراثيم من خارج الكوكب الأرضي.
ولو رجعنا للجوائح العالمية، فقد مر على البشرية ملايين منها ضمن طفرات جرثومية وفيروسية، وتم رصد بعضها، ومرت أخريات دون اكتشاف، وما فناء الديناصورات ومخلوقات عديدة، وأمم بشرية، إلا جزءا من تلك التطورات الجرثومية، التي تظل بدورها تحاول التواجد، والتطور، وكسب المناعة كما يفعل عشيرها الإنسان.
إنسان الزمن السحيق لم يكن يحمل نفس مميزات شفرتنا الوراثية اليوم الأقوى، تبعا للتعرض للسموم والأدوية والمضادات الحيوية، ومئات التطعيمات في جميع مراحل حياتنا.
ذبابة الفاكهة القديمة ليست مثل الماثلة بيننا، متأقلمة مع أنواع عديدة من المبيدات، والتلوث الجوي، والتصحر، وارتفاع درجات الحرارة، ولا شك أن شفرتها الوراثية مختلفة عن سلفها، وقدرتها على التأقلم وذكاؤها يختلف ويسمح لها بأن تظل فاعلة، تضر بعض المخلوقات المحيطة بها، وتفيد البعض الآخر.
والفيروسات كذلك، لا تقف بغباء لمواجهة الموت، ولكنها تكتشف وتميز وتجرب وتتعلم، وتتطور، وتمزج كيانها بالجديد من حولها، حتى تتمكن من العيش بقدرة أقوى، وربما تفنى في مرحلة عجز عن مواكبة التغيرات من حولها.
جرثومة الجدري والطاعون والحمى الصفراء وغيرها قتلت الملايين، وتمكن الإنسان من محاصرتها، وتقييدها، وتهجينها، ورفع مقاومة الجسد البشري ضدها، فلا تعود لها خطورة تُذكر، مع أنها ما تزال موجودة بيننا، وأنها قد تعود يوما بقوة، بعد أن تكتسب قدرة المقاومة للأدوية والتطعيمات والتلوث المصنوع بأيدي البشر.
كل ما على الكوكب يعيش حربا للتطور، أو التدهور، وكم من أجناس كائنات تستمر، وكم منها يضمحل ويضعف، وكم يستعيد قوته كما حدث لفيروس كورونا، الذي تمرد على حاضنه الحيواني، وبدأ يهدد جينات الإنسان بتحوراته الجديدة.
هل من العقل أن نقف رافضين للتطعيمات والعلاجات، أم أننا مثل غيرنا من المخلوقات، لا بد أن نتسلح بالجديد، ونحن مدركون بأن الزمن لا يقف، وأن الإنسان جزء من لعبة كونية، لا بد له من التأقلم معها ولو بالخوف.
الرفض التام للتطعيمات يضعفنا ولا يحقق التطور لأجهزتنا المناعية.
shaheralnahari@