علي أحمد القاسم

التسرب الاقتصادي خطر على الوجهات السياحية

الاحد - 05 ديسمبر 2021

Sun - 05 Dec 2021

على الرغم من أهمية صناعة السياحة على اقتصاد الكثير من الدول إلا أن كثيرا من تلك الدول لا تعرف حجم التسرب الاقتصادي من السياحة، بل وليس لديها مؤشرات قياس التسرب ولا تستطيع تحديد مصادر تسرب مداخيلها للخارج.

التسرب الاقتصادي في السياحة بشكل مبسط هو خسارة النقد الأجنبي الوارد من خلال الشركات المشغلة والعمالة الأجنبية ونفقات السياح الناشئة عن الأنشطة المتعلقة بالسياحة والمدفوعات على شراء السلع والخدمات.

يحدث التسرب نتيجة اقتصاد ضعيف أو الافتقار إلى السيطرة أو مراقبة أداء قطاع السياحة، وكل منهما قد يجعل جزءا كبيرا من الإيرادات التي يتم الحصول عليها من خلال السياحة «يتسرب» بعيدا عن الاقتصاد المحلي بطريقة مرئية أو غير مرئية.

يختلف حجم التسرب الاقتصادي من وجهة إلى أخرى؛ فمثلا الدول الأقل نموا يرتفع نسبة التسرب ليصل إلى 85% كالدول الأفريقية، و80% في منطقة البحر الكاريبي، و70% في تايلاند، و40% في الهند، بل إن 80% من الإيرادات لا تصل إلى الوجهة من الأساس أو تعود إلى أسواق المصدر عبر الشركات المزودة للخدمات السياحية.

من الطبيعي في الاقتصاد المفتوح أن يتم استيراد بعض عوامل الإنتاج والتشغيل (كالسلع والخدمات والعمالة ورأس المال والأفكار والخبرات وغيرها) وأن هذه العوامل بما في ذلك تلك المستخدمة في الأنشطة السياحية قد تكون واردات أساسية للاستفادة من موارد الوجهة السياحية أو لتطوير الأنشطة السياحية فيها. إن الحد من التسربات أمر ضروري للحفاظ على التنمية الاقتصادية المحلية وللاستدامة الشاملة للوجهات السياحية الأمر الذي يتطلب وضع سياسات واستراتيجيات للحد من التسرب الاقتصادي الذي قد يؤدي في نهاية المطاف إلى انهيار الوجهة السياحية نظرا للاقتصاد الهش فيها.

يوجد نوعان من التسربات، خارجية وداخلية، فالتسربات الخارجية تتمثل في الأرباح التي تعود على المستثمرين الأجانب الذين يمولون البنية التحتية والمرافق السياحية في الدولة المستضيفة من خلال الأرباح المعادة إلى أوطانهم الأم، والأموال التي تتدفق على الوسطاء الخارجيين كشركات الحجوزات وشركات الطيران الأجنبية وشركات النقل الأخرى المملوكة للشركات الأجنبية وشركات التأمين والشحن وشركات السياحة والسفر ومنظمي الرحلات السياحية في بلد السائح. لذلك جزء كبير من ميزانية السائح ينفق في بلده وليس في الوجهة السياحية والتي يقدرها البعض بأنها تصل إلى أكثر من 80% من إجمالي النفقات، وتزداد المشكلة سوءا عندما ينفق السائح بقية ميزانية الرحلة على شركات عالمية في الوجهة السياحية.

أما التسربات الداخلية من السياحة فتنشأ بشكل أساسي من خلال الواردات التي يتم دفعها وحسابها محليا. يمكن تتبع هذه التسريبات من خلال حسابات ومنهجيات محددة ومعروفة علميا والتي تقيس مدفوعات النقد الأجنبي على طول سلسلة القيمة السياحية بأكملها للسلع والخدمات المستوردة.

يعتمد مدى التسرب الداخلي في أي وجهة إلى حد كبير على مستوى وجودة الخدمات الترفيهية والسلع المتعلقة بالترفيه والتجزئة التي يحتاجها السائح؛ فكلما كانت توقعات السياح مرتفعة كان الاعتماد على السلع والخدمات الأجنبية كبير، كالحاجة للسلع ذات العلامات التجارية العالمية المشهورة كستاربكس وماكدونالدز وصولا إلى البياضات والمراتب في الفنادق ذات الجودة العالية.

فضلا عن تدهور الاقتصاد المحلي يمكن أن يحدث التسرب أضرارا اجتماعية وبيئية على المدى الطويل بسبب استهلاك السياح والشركات والعمال الأجانب للموارد الطبيعية في الوجهة السياحية (مثل المياه والطاقة) التي عادة ما تكون مدعومة من الدولة. لذلك لابد من وضع حلول عند تطوير الوجهات السياحية ومن ضمن الحلول الناجعة لمشكلة التسرب الاقتصادي، تأهيل ودعم الكوادر المحلية لإدارة القطاع السياحي، دعم الشركات المشغلة للمنشآت السياحية المحلية وأخيرا دعم شركات التصنيع وإنتاج السلع والخدمات المحلية.

alialgassim@