محامون: الأمانات تتحمل خسائر أصحاب المحلات نتيجة مشاريع تطوير الطرق

طالبوا المتضررين بتقديم دعاوى للمحاكم الإدارية إذا لم تنفع التسويات الودية
طالبوا المتضررين بتقديم دعاوى للمحاكم الإدارية إذا لم تنفع التسويات الودية

السبت - 20 نوفمبر 2021

Sat - 20 Nov 2021

أكد محامون وقانونيون أن الخسائر التي يتكبدها التجار والمستثمرون على الطرق التي تقام عليها مشاريع خدمية يجب أن تحمل للجهات القائمة على المشاريع، سواء كانت الأمانات والبلديات أو غيرها، خاصة إذا كانت فترة الإبلاغ قبل بدء المشروع غير كافية، ولم يتم الالتزام بالمدة المحددة للانتهاء من المشروع، مشيرين إلى أن أي تبرير من الجهة لا مكان له إذا وقع الضرر دون الإبلاغ عن المشروع بوقت كاف، مطالبين جميع المتضررين بتقديم دعاوى للمحاكم الإدارية إذا لم تنفع التسويات الودية مع الجهة صاحبة المشروع، مبينين أن المحاكم تبت فورا في الدعاوى بحسب المستندات والإثباتات التي تحويها، وتحكم لصالح المتضرر.

وطالب عدد من المتضررين من إقامة بعض مشاريع الأمانات أخيرا، ومنهم مبتدئون في عالم الأعمال، بإنصافهم بعد أن تبخرت أموالهم التي اقترضوها في مشاريع أقيمت على شوارع تعطلت لاحقا بسبب أعمال تطوير، متسائلين عن جدوى إغلاق شوارع لكيلومترات عدة بالكامل، مع ما يلحق أصحاب المحلات التي تقع عليها من أضرار، ومن بين ذلك ما رصدته «مكة» من إزالة الأرصفة على جانبي أحد أكبر الشرايين الرئيسية في جدة لمسافات طويلة، من أجل إعادة تطويرها بدل تجزئتها إلى مسافات قصيرة، واستمرت معانات المستاجرين على جانبي هذا الطريق لأشهر عدة ولا تزال معاناة بعضهم مستمرة حتى نشر التقرير.

تجنب التضرر

من جانبها أوضحت إدارة الاتصال المؤسسي والإعلام الرقمي في أمانة جدة، أن الأمانة تسعى لتوفير كل سبل الراحة والسلامة للسكان وعابري الطرق وأصحاب المباني والمحلات، وتجنب تضرر أي منشأة بقدر المستطاع، مع الأخذ في الاعتبار جميع الخدمات القائمة، والسعي لأعمال التطوير بما يتوافق مع خطط الأمانة لأنسنة المدن التي تعد ضمن مستهدفات رؤية 2030.

وأشارت إلى أن المشاريع الممتدة لفترة طويلة تجري تجزئة أعمال التطوير بها، خاصة التي تتطلب أعمالا عدة من زراعية وكهربائية وإنشائية لقطاعات أخرى، مع توفير تحويلات سلامة ومداخل موقتة لتحميل وتنزيل بضائع المحلات لتفادي تضرر هذه المحلات، وبما يخدم مصلحة المشروع، والسعي لتسريع وتيرة العمل وفق الجدول الزمني لكل موقع تطوير.

لا رد من أمانة الشرقية

ولم ترد أمانة المنطقة الشرقية على استفسارات الصحيفة حتى إعداد هذا التقرير، حيث تم التواصل مع المشرف على الإعلام بالأمانة محمد الصفيان، ومسؤولين آخرين بأكثر من وسيلة.

أين التخطيط

وتساءل المحامي وعضو لجنة المحامين السابق بغرفة الشرقية حسين الحسن، عن دور إدارات التخطيط بالمدن، إذا لم توجد حلول للخسائر الباهظة التي يتكبدها القطاع الخاص، والتي تحسب على القطاع العام أيضا، حيث إن عمليات الحفر المتكررة خلال فترة قصيرة للطرق نفسها تتطلب أموالا طائلة تذهب في مشاريع مقاولات عدة، وهذا لا يحدث في دول متقدمة، فمثلا في بريطانيا يتم تنسيق كل جهود الإدارات الحكومية مقدمة الخدمة في بدء مشاريعها دفعة واحدة، حتى لا يضطر لا حقا إلى إغلاق شارع معين مجددا، كما أنه يتم تقسيم المشروع الذي يصل إلى كيلومترات عدة إلى مئات عدة من الأمتار في كل مرحلة، مما يجعل الخسائر بشكل عام أقل ويسهل تعويض المتضررين.

المتسبب يتحمل

وأشار المحامي والمستشار القانوني بخيت المدرع، إلى أن القاعدة القانونية تؤكد أن المتسبب في الضرر عليه أن يعوض المتضرر بما يتوافق مع حجم الضرر الذي وقع على المتضرر، وبالنسبة للمتضررين من مشاريع الأمانة أو غيرها يجب أن يتم التأكد أولا أنهم حصلوا على تراخيص نظامية لإقامة مشاريعهم، وأن الجهة القائمة على المشروع لم تعط فترة كافية لأخذ الاحتياط قبل إقامة المشروع قبل التقدم للجهة أولا بطلب التعويض عن الأضرار، لافتا إلى أنه إذا لم تستجب الجهة لمطلب صاحب المشروع بتعويضه عن الأضرار، عندها يرفع أمره للمحكمة الإدارية التي تدرس القضية، وإذا تم التأكد أن صاحب المشروع لم يبلغ أو لم يعط الوقت الكافي قبل بدء المشروع فإن المحكمة الإدارية تحكم لصالح صاحب المشروع.

ولفت المدرع إلى أن المحاكم الإدارية أنشئت لهذا الغرض، وهناك من لا يطالب بحقه عبر دعاوى قانونية، أو لا يستطيع إثبات حقه في إقامة الدعوى، مشيرا إلى أن ما يقال على أصحاب المحلات التجارية يقال على أصحاب العمارات التجارية أيضا، التي تحوي هذه المحلات والتي يتضرر أصحابها أيضا.

الحكم لمتضررين

ودعا المحامي والمستشار القانوني الدكتور سعيد الدخيل، أي متضرر من مشاريع الأمانات والبلديات إلى التقدم بما يثبت أحقيته في طلب التعويض، سواء خلال فترة القرار أو فترة الإبلاغ قبل بدء المشروع، مشيرا إلى أن بعض المشاريع بدأت بعد 3 أسابيع أو شهر على الإبلاغ، وهذه فترة غير كافية، خاصة لمن تعاقد مجددا وبالتالي فإن المستثمر سيضطر للبقاء في الموقع مع تكبده الخسائر.

وأشار إلى أن تخوف البعض من أن المحاكم الإدارية لا تحكم لصالح المستثمرين غير صحيح، والمهم هو ما يحضر من مستندات تثبت أحقيته، لافتا إلى المحكمة الإدارية بالخبر حكمت الأسبوع الماضي لعدد من المستثمرين من تنفيذ أحد الشوارع بالمدينة استنادا على تاريخ الإبلاغ المتأخر، وكان التعويض مجزيا.

التعثر يراكم الخسائر

وذكر عضو لجنة المحامين السابق بغرفة الشرقية صالح الغامدي، أن إغلاق الشوارع داخل المدن لكيلومترات عدة أحيانا خطأ فادح، والمفروض على الأقل تقسيم المشروع وتفتيته إلى مساحات أصغر، بحيث تكون الأضرار أقل بكثير، نظرا إلى أن كل مرحلة صغيرة يتم الانتهاء منها بسرعة، ويمكن لأصحاب المشاريع أن يتحملوا الخسائر ويعوضوها في الفترات المقبلة، أما إغلاق شارع لمدد طويلة، خاصة في حالات التعثر لدى المقاول، فتكون أضراره بالغة على التجار وتتحمل تبعاته الجهة صاحبة المشروع بلا شك.

وأكد الغامدي أن على كل متضرر أن يتقدم أولا للجهة صاحبة المشروع مصطحبا عقود الإيجار والأرقام الموثقة عن الخسائر التي يتكبدها مدعومة بالإيرادات التي كان يحققها قبل بدء المشروع للوصول إلى تسوية ودية، وإذا لم تستجب الجهة فعليه الرفع للمحكمة الإدارية، مشيرا إلى أن المحكمة الإدارية حكمت للكثير من أصحاب المشاريع بالتعويض.

عدم تنسيق الجهات

من جانبه أفاد المحامي سالم آل فاضل، بأن أهم ما يلاحظ على إقامة المشاريع هو عدم وجود تنسيق بين مختلف الجهات الحكومية، وهذا يكلف الدولة فضلا عن المواطنين والمستثمرين خسائر هائلة، فخلال فترة أشهر محدودة يمكن فتح وإغلاق شارع، ويتم حفر الأرض أكثر من مرة لمشاريع مختلفة، وكان يمكن تدارك ذلك بالتنسيق، فمثلا ما إن يتنفس أصحاب محلات تجارية الصعداء لانتهاء مشروع لجهة خدمية، حتى يبدأ مشروع آخر ودون سابق إنذار، وهذا يشعر بأضراره المستثمرون الصغار، خاصة الذين بدأوا في وضع اللمسات الأولى على مشاريعهم، وهو يمثل وضعا كارثيا إذا كان مبلغ الإيجار كبيرا، ولا يمكن الاستمرار في ظل صعوبة وصول الزبائن إلى المحل، وبالطبع فإن هؤلاء قد أنفقوا مبالغ كبيرة يمكن أن يكونوا اقترضوها على الديكور وغيره.

وأكد آل فاضل أهمية وجود جهة تخطط لإقامة المشاريع لمختلف الجهات مجتمعة لإقامتها في وقت واحد، لافتا إلى أن عمليات الحفر تكاد تكون واحدة لمشاريع المياه والكهرباء والاتصالات وغيرها، محملا الجهات صاحبة المشاريع المسؤولية كاملة عن أي خسائر تلحق بالمستثمرين سواء كانوا صغارا أو كبارا.