ما وراء تصعيد الملالي وأمريكا
الأربعاء - 07 يوليو 2021
Wed - 07 Jul 2021
لماذا عاد التصعيد العسكري بين الميليشيات الموالية لإيران والولايات المتحدة إلى الواجهة هذه الفترة؟ ولماذا أمر الرئيس جو بايدن بتوجيه ضربات عسكرية قوية ردا على هجمات فصائل الحشد الشعبي؟ وهل يعكس التصعيد أجواء الفشل في مفاوضات فيينا، أم إنه يعد اختبار قوة جديدا بين إدارة الرئيس بايدن ونظام الملالي الإيراني في ثوبه الجديد إثر انتخاب رئيسي خلفا لحسن روحاني؟
هذه التساؤلات وغيرها باتت تطرح في أذهان مراقبي الشأن الإيراني بعد أن شنت المقاتلات الأمريكية غارات عدة على نقاط تمركز فصائل الحشد الشعبي العراقي على الحدود السورية ـ العراقية، ردا على هجمات نفذتها مسيرات إيرانية على منشآت أمريكية بالعراق.
البعض يرى أن الهجمات الأمريكية تنتهك سيادة العراق وتضع الحكومة العراقية في موقف بالغ الحرج داخليا، وتعرضها لضغوط التيارات والميليشيات الموالية لإيران من أجل تنفيذ قرار البرلمان العراقي بشأن طرد القوات الأمريكية من العراق، ولكن الحقيقة أن القراءة الموضوعية لما حدث تشير إلى أن نظام الملالي بادر باستفزاز إدارة الرئيس بايدن واختبار حدود قوتها حين أوحى لأحد أذرعه المسلحة في العراق بتنفيذ هجمة استهدفت مباني تخضع لسيطرة القوات الأمريكية بالعراق.
والأرجح أن الملالي قد خططوا للهجوم على القوات الأمريكية واستدراج رد أمريكي يضفي المزيد من الإرباك على الساحة العراقية لتحقيق أهداف عدة، أولها محاولة إرسال رسالة لواشنطن لإثبات أن مرحلة جديدة قد بدأت في إيران بانتخاب إبراهيم رئيسي خلفا لحسن روحاني حتى من قبل أن يتولى الأول منصبه رسميا، وثانيها إجهاض محاولات الحكومة العراقية التقارب مع محيطها العربي، وذلك بعد زيارة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لبغداد لحضور قمة عراقية أردنية مصرية، من خلال إشغالها داخليا.
أما الجانب الأمريكي فيبدو هو الآخر متحفزا لاستفزازات إيرانية متوقعة، لذلك جاء قرار الرد العسكري سريعا لاستعادة زمام المبادرة وتأكيد قوة الردع الأمريكية لدرجة أن بعض نواب الكونجرس بدؤوا في إبداء القلق من تورط القوات الأمريكية في خوض حرب جديدة بالعراق من دون موافقة الكونجرس، ما يعني أن الرئيس بايدن الذي وضع ضمن أولوياته إنهاء التورط الأمريكي في مناطق الصراعات بات يواجه أزمة جديدة في العراق، بحيث بات يتعين عليه إقناع الرأي العام الأمريكي بأن ما يحدث ليس حربا بالمعنى المتعارف عليه، بل أعمال قتالية منفصلة أو متقطعة لردع الميليشيات الموالية لإيران عن شن هجمات جديدة، لا سيما أن الخبراء الأمريكيين يحذرون من أن التباطؤ في استعادة زمام المبادرة والقدرة على الردع قد يتسبب في وقوع ضحايا من بين الجنود الأمريكيين بالعراق.
المعضلة التي تواجهها إدارة الرئيس بايدن بالعراق وسوريا تكمن في أن الميليشيات الموالية لإيران باتت تستخدم الطائرات المسيرة في عملياتها، ما يعد نوعا من استعراض القوة والنيل من هيبة الولايات المتحدة، وفي الوقت ذاته فإن بعض أعضاء الكونجرس يرفضون التصدي لهذه الميليشيات خشية توسيع نطاق القتال، والانشغال عن قتال تنظيم «داعش».
وفي جميع الأحوال؛ يمكن القول إن تبادل الضربات بين الميليشيات الموالية لإيران والقوات الأمريكية لا ينفصل عن أجواء مفاوضات فيينا، بل يمكن القول إنه انعكاس لها، أو على أقل التقديرات له صلة وثيقة بما يدور في هذه المفاوضات؛ فالشواهد تقول إن الجولة السادسة قد انتهت بالتوصل إلى بعض التفاهمات حول قضايا تقنية ثانوية وأن نقاط الخلاف الرئيسية الكبرى تنتظر قرارات سياسية من القيادتين الإيرانية والأمريكية، وهذا ما أكده المفاوض الإيراني عباس عراقجي حين قال إن المفاوضات جرت بما فيه الكفاية حول بعض القضايا العالقة، و«حان وقت اتخاذ القرارات».
وفي هذا الإطار يبدو موقف البيت الأبيض في غاية الصعوبة والحساسية، لأن اتخاذ قرار برفع العقوبات المفروضة على نظام الملالي بشكل كامل يضع الإدارة الأمريكية في مواجهة صعبة مع معارضيها بالداخل، وأيضا مع الحليف الإسرائيلي، لأن هذا القرار يعد هدية مجانية للملالي الذين سيخرجون ـ وقتذاك ـ بإعلان الانتصار ونجاح استراتيجيات الضغط التي اتبعوها لإجبار الولايات المتحدة على رفع العقوبات الصارمة التي فرضها الرئيس السابق دونالد ترمب.
الخلاصة أن ما يحدث في سوريا والعراق بين إيران والولايات المتحدة هو ـ على الأرجح ـ صدى لما يدور في فيينا، وأن التصعيد العسكري ليس سوى تجسيد لرغبة ملالي إيران في تعظيم الضغوط على واشنطن، التي تدرك تماما أن الخضوع لهذه الضغوط يضع إدارة الرئيس بايدن في موقف صعب ومعقد، ويجعل فكرة التفاوض مع الملالي حول قضايا إضافية أخرى بخلاف البرنامج النووي، مثل البرنامج الصاروخي والنفوذ الإيراني الإقليمي، مسألة مستبعدة تماما.
drsalemalketbi@
هذه التساؤلات وغيرها باتت تطرح في أذهان مراقبي الشأن الإيراني بعد أن شنت المقاتلات الأمريكية غارات عدة على نقاط تمركز فصائل الحشد الشعبي العراقي على الحدود السورية ـ العراقية، ردا على هجمات نفذتها مسيرات إيرانية على منشآت أمريكية بالعراق.
البعض يرى أن الهجمات الأمريكية تنتهك سيادة العراق وتضع الحكومة العراقية في موقف بالغ الحرج داخليا، وتعرضها لضغوط التيارات والميليشيات الموالية لإيران من أجل تنفيذ قرار البرلمان العراقي بشأن طرد القوات الأمريكية من العراق، ولكن الحقيقة أن القراءة الموضوعية لما حدث تشير إلى أن نظام الملالي بادر باستفزاز إدارة الرئيس بايدن واختبار حدود قوتها حين أوحى لأحد أذرعه المسلحة في العراق بتنفيذ هجمة استهدفت مباني تخضع لسيطرة القوات الأمريكية بالعراق.
والأرجح أن الملالي قد خططوا للهجوم على القوات الأمريكية واستدراج رد أمريكي يضفي المزيد من الإرباك على الساحة العراقية لتحقيق أهداف عدة، أولها محاولة إرسال رسالة لواشنطن لإثبات أن مرحلة جديدة قد بدأت في إيران بانتخاب إبراهيم رئيسي خلفا لحسن روحاني حتى من قبل أن يتولى الأول منصبه رسميا، وثانيها إجهاض محاولات الحكومة العراقية التقارب مع محيطها العربي، وذلك بعد زيارة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لبغداد لحضور قمة عراقية أردنية مصرية، من خلال إشغالها داخليا.
أما الجانب الأمريكي فيبدو هو الآخر متحفزا لاستفزازات إيرانية متوقعة، لذلك جاء قرار الرد العسكري سريعا لاستعادة زمام المبادرة وتأكيد قوة الردع الأمريكية لدرجة أن بعض نواب الكونجرس بدؤوا في إبداء القلق من تورط القوات الأمريكية في خوض حرب جديدة بالعراق من دون موافقة الكونجرس، ما يعني أن الرئيس بايدن الذي وضع ضمن أولوياته إنهاء التورط الأمريكي في مناطق الصراعات بات يواجه أزمة جديدة في العراق، بحيث بات يتعين عليه إقناع الرأي العام الأمريكي بأن ما يحدث ليس حربا بالمعنى المتعارف عليه، بل أعمال قتالية منفصلة أو متقطعة لردع الميليشيات الموالية لإيران عن شن هجمات جديدة، لا سيما أن الخبراء الأمريكيين يحذرون من أن التباطؤ في استعادة زمام المبادرة والقدرة على الردع قد يتسبب في وقوع ضحايا من بين الجنود الأمريكيين بالعراق.
المعضلة التي تواجهها إدارة الرئيس بايدن بالعراق وسوريا تكمن في أن الميليشيات الموالية لإيران باتت تستخدم الطائرات المسيرة في عملياتها، ما يعد نوعا من استعراض القوة والنيل من هيبة الولايات المتحدة، وفي الوقت ذاته فإن بعض أعضاء الكونجرس يرفضون التصدي لهذه الميليشيات خشية توسيع نطاق القتال، والانشغال عن قتال تنظيم «داعش».
وفي جميع الأحوال؛ يمكن القول إن تبادل الضربات بين الميليشيات الموالية لإيران والقوات الأمريكية لا ينفصل عن أجواء مفاوضات فيينا، بل يمكن القول إنه انعكاس لها، أو على أقل التقديرات له صلة وثيقة بما يدور في هذه المفاوضات؛ فالشواهد تقول إن الجولة السادسة قد انتهت بالتوصل إلى بعض التفاهمات حول قضايا تقنية ثانوية وأن نقاط الخلاف الرئيسية الكبرى تنتظر قرارات سياسية من القيادتين الإيرانية والأمريكية، وهذا ما أكده المفاوض الإيراني عباس عراقجي حين قال إن المفاوضات جرت بما فيه الكفاية حول بعض القضايا العالقة، و«حان وقت اتخاذ القرارات».
وفي هذا الإطار يبدو موقف البيت الأبيض في غاية الصعوبة والحساسية، لأن اتخاذ قرار برفع العقوبات المفروضة على نظام الملالي بشكل كامل يضع الإدارة الأمريكية في مواجهة صعبة مع معارضيها بالداخل، وأيضا مع الحليف الإسرائيلي، لأن هذا القرار يعد هدية مجانية للملالي الذين سيخرجون ـ وقتذاك ـ بإعلان الانتصار ونجاح استراتيجيات الضغط التي اتبعوها لإجبار الولايات المتحدة على رفع العقوبات الصارمة التي فرضها الرئيس السابق دونالد ترمب.
الخلاصة أن ما يحدث في سوريا والعراق بين إيران والولايات المتحدة هو ـ على الأرجح ـ صدى لما يدور في فيينا، وأن التصعيد العسكري ليس سوى تجسيد لرغبة ملالي إيران في تعظيم الضغوط على واشنطن، التي تدرك تماما أن الخضوع لهذه الضغوط يضع إدارة الرئيس بايدن في موقف صعب ومعقد، ويجعل فكرة التفاوض مع الملالي حول قضايا إضافية أخرى بخلاف البرنامج النووي، مثل البرنامج الصاروخي والنفوذ الإيراني الإقليمي، مسألة مستبعدة تماما.
drsalemalketbi@