مرزوق بن تنباك

حتى لا تخسر الجامعة وطلابها

الثلاثاء - 08 يونيو 2021

Tue - 08 Jun 2021

التعليم حركة دائمة لا تتوقف ولا تنتظر المناسبات والإمكانات، ولا تقدر الظروف والأحوال التي قد تأتي عرضا وطارئة في غير تقدير ولا موعد ولا حساب، ولعل العام الماضي كان مثالا صالحا حيا لما حدث في العالم وعطل حراكه ليس في دولة واحدة ولا في منطقة واحدة، ولكن في محيط الكرة الأرضية نتيجة انتشار الوباء، حيث توقف البشر أو كاد عاجزا عن التحرك وواجه التعليم أخطر مرحلة مرت في تاريخه القريب حين توقفت المدارس والجامعات ومؤسسات التعليم العامة والخاصة، وبحث المسؤولون عن وسائل وطرائق مختلفة لمواصلة التعليم.

ولا شك أن المسؤولين عن التعليم كانوا في حركة دائبة وبحث عن الأفضل في كل الأحوال ومواكبة المتغيرات والتطور الذي هو ناموس الحياة وقانون الطبيعة الحية، ولأن أخطر ما يواجه العملية التعليمية الجمود على حال أو موضوع أو منهج ولهذا السبب كانت مراحل التعليم تتطلب النظر والمراجعة الدائمة والمستمرة ولا بد أن تكون العملية التعليمية حية يقظة للمتغيرات وتقدير الحاجات حتى تؤدي وظيفتها الذي يجب أن تقوم بها على أكمل وجه.

ولعل من ضرورات التطوير وعدم الاستمرار على حال ما أعلنت عنه وزارة التعليم منذ أيام في مبادرة جديدة هي تحول الدراسة في التعليم إلى ثلاثة فصول دراسية بدل الفصلين الدراسيين في الماضي، وهو تحول لابد أن المسؤولين عن الخطط التعليمية قدروا الحاجة إلى هذا التغيير وما قد يصاحبه بالضرورة من تعديل في المناهج وطرق التدريس وما يرجى منه من تحول من الطريقة السابقة التي مضى عليها وقت من التجربة كاف لتقويمها مما أوجب التحول عنها إلى غيرها، ولا شك أن لدى التربويين في التعليم العام والعالي تصورات سيملؤون بها هذا الزمن الممتد لثلاثة فصول بدل الفصلين في الخطة الماضية، والمأمول أن تكون الشحنة التي تحملها المناهج الجديدة تأتي وقد أدركت سلبيات الماضي وعقباته ومهدت طريقا جديدا مستجيبا لمتطلبات الحاضر ومتطلعا للمستقبل التعليمي ومدركة للمتغيرات والثوابت.

أما ما ستقوله هذه الكلمة وترجو أن ينال عناية التربويين والمسؤولين عن العملية التعليمية فهو التمييز جيدا بين منح الشهادات وزف الأعداد الكثيرة إلى منصات التخرج ولا سيما في التعليم العالي وبين الجودة والتحصيل المعرفي في كل تخصص تقدمه الجامعات وتحاول تعليمه للطلاب. إن المستوى التحصيلي الذي حققه التعليم العالي في مرحلته الماضية تنازعته رغبتان، رغبة الطلاب بالتخرج بتقديرات عالية أو ومعقولة وهو أمر طبيعي أن يبحث الطلاب عن ما يساعدهم على التخرج والعمل بعد ذلك، ورغبة الهيئة التعليمية أن يحصل الطلاب على المستوى الصحيح الذي يعبر عن مكتسباتهم المعرفية ومستواهم الحقيقي الذي تشير إليه تقديراتهم في الواقع.

وقد تغلبت الرغبة الجماعية للطلاب على قدرة التمنع لدى الأساتذة فأصبح الكيل للدرجات ظاهرة للعيان وما يحصل عليه بعضهم قد لا يعبر عن حقيقة تحصيله العلمي وكفاءته، والحل الممكن لإخراج الأساتذة من الحرج أمام طلابهم هو العمل على إعادة التصحيح الجماعي أي أن يوكل التصحيح إلى لجنة من عدد من الأساتذة في الاختصاص نفسه في كل قسم وتخصص ولا يترك التقدير لأستاذ المادة، وهذا ما تعمل به الجامعات التي تسعى للمحافظة على المستوى المناسب لسمعتها وسمعة خريجيها.

أما ترك الأمر للأفراد وكيل الدرجات والتساهل بمنحها واسترضاء الطلاب بدرجات عالية لا تعبر عن واقع التحصيل لديهم فسيكشفه سوق العمل وتخسر الجامعة عندئذ سمعتها ومكانتها ويخسر طلابها تميزهم. هل سينظر المسؤولون في الأمر ويدرسون إمكانية الأخذ به وتطبيقه؟

Mtenback@