بندر عبدالعزيز المنقور

الأبحاث والمجتمع

السبت - 17 أبريل 2021

Sat - 17 Apr 2021

ليس مفاجئا أن البحث العلمي في عالمنا العربي غالبا ما يكون هدفه الصعود في السلم الوظيفي أو الحصول على الترقية الأكاديمية، أو لرفع التصنيف المحلي والدولي للجامعات، وليس لهدف الابتكار والإبداع أو تحسين مستقبل المجتمع، هناك أيضا ندرة في ترجمة الأبحاث ومشاركتها باللغة العربية؛ فمثلا لا يهتم الباحثون بالوصول إلى كافة أطياف المجتمع من الشركات أو الهيئات أو الوزارات للاستفادة من أبحاثهم وترجمتها بشكل عملي في أرض الواقع، وهذا يوضح مدى ضعف العلاقة بين الجامعات والمجتمع رغم وجود النداءات المتواصلة لربط الجامعات بالمجتمع بشكل أوسع وتغيير هذه الثقافة البائسة -لاسيما بعد استقلال بعض الجامعات وسعيها للتخلص من أوثان الإجراءات البيروقراطية-؛ ليكون لها دور مجتمعي فعّال في صناعة وتنمية رأس المال البشري وتقديم الاستشارات والمتوافق مع التغيرات الاقتصادية المتسارعة.

أقول: هناك حلقة مكسورة بين الجامعات وباحثيها من جهة، وبين المجتمع وصانعي القرار في الشركات والمؤسسات الحكومية من جهة أخرى، حيث لا يثق الكثير من أصحاب الشركات بأن الباحثين الأكاديميين يمكن أن يقدموا ما يفيد المجتمع عبر تقديم التوصيات والاستشارات وعرض الحلول للمشكلات، كما أن بعض الباحثين الأكاديميين لا يعتقدون بأنهم بحاجة إلى التعريف بأنفسهم وأبحاثهم لمجتمع آخر خارج مجتمعهم الأكاديمي؛ وهكذا يعيش باحثو الجامعات عزلة تراكمت تدريجيا عبر السنين، مما أفضى إلى تقليل إنتاجهم البحثي، والتركيز فقط على واجب التدريس، والانعزال التام عن التأثير في الحياة العملية وخدمة المجتمع، وهذا مما لاشك فيه خطأ تاريخي متراكم يعرفه الكثيرون من أطياف المجتمع سواء أكاديميين أو غيرهم ممن اعترفوا فعلا بأن هذه المعضلة بحاجة إلى تصحيح، ومن هذا المنطلق دعونا نتذكر أن الباحثين في الغرب كان لهم دور فعال في مجتمعاتهم؛ بل كان لأبحاثهم تأثير كبير على قراراتها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والفكرية.

وفي الختام: حان الوقت لجعل الأبحاث أكثر صلة بالمجتمع، وإلى تعزيز الثقة المتبادلة بين المجتمع الأكاديمي من جهة، والقطاع الخاص والعام من جهة أخرى؛ وذلك من أجل تقديم حلول وتوصيات فعالة للشركات والهيئات الحكومية؛ وبالتالي جعل الجامعات منصات علمية حقيقية لا يقتصر دورها على التدريس وحسب؛ بل تخرج من عزلتها التاريخية وتكون منابر ذات صلة حقيقية بالمجتمع وصروح علم تسهم اقتصاديا ومجتمعيا في عملية البناء والتنمية.

[email protected]