ياسر عمر سندي

سمعنا وعقلنا.. وتوكلنا

الأربعاء - 14 أبريل 2021

Wed - 14 Apr 2021

كل عام وأنتم بخير.. عاد والعود أحمد وهذا هو الشهر الكريم يهل علينا ويطل بفضل الله تعالى ونحن بأحسن حال، وهذه هي الذكرى الثانية لرمضان الذي نعيشه مع وباء كورونا، ومن حسن الطالع أيضا أنه العام الثاني الذي بدأ فيه الفيروس بالانحسار اكثر من ذي قبل ولله الحمد، ونكاد نذكر جميعا تلك الفترة الماضية من الحجر والحظر التام والتي تم تطبيقها بتوجيه كريم للمحافظة على البلاد والعباد.

من المفترض أن المجتمع الدولي قد استفاد من هذه الخبرة الممتدة لأكثر من اثني عشر شهرا، خصوصا العاملين في المجال الصحي والتقني ومراكز الأبحاث التي لم تأل جهدا في إنتاج المضادات والتطعيمات المختلفة من منتجات الشركات العالمية مثل: (فايزر) و(استرازينيكا) وكذلك التطبيقات المستحدثة مثل (توكلنا) للتصدي لهذا التعدي الحاصل من فيروس كورونا ومحاولة تقليص انتشاره للقضاء عليه بإذن الله.

أتحدث عن هذا الشهر الكريم من منطلق معرفتنا بخصوصيته، وأيضا ثقافتنا الخاصة في استقباله، والتي لا تختلف كثيرا عن باقي الدول العربية من حيث التجمعات الأسرية والعائلية وتبادل الزيارات لما لهذه الفترة من روحانية تفيض بالخير والصلات التراحمية للأقارب والأحباب والصلوات التعبدية الجماعية للتراويح والتهجد.

قد يعتري النفس البشرية الاطمئنان وأحيانا اللامبلاة وعدم الاكتراث تجاه العواقب، وخصوصا حينما ينسى البعض أو يتناسى الآخرون بأن الوضع لا يزال في دائرة الخطر ويستلزم منا جميعا الحذر والانضباط في هذه الفترة الموسمية تحديدا والتي تتزامن مع العادات والتقاليد برمضان إلى ما بعد عيد الفطر والتي قد تمتد إلى ما بعد عيد الأضحى المبارك، وتكلفنا الثمن في تعرضنا لانتقال العدوى -لا سمح الله- والتي هي مسؤوليتنا في المقام الأول والأخير في الوقاية والحرص.

قال رجُلٌ لِلنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم «أُرسِلُ ناقتي وأتوكَّلُ؟ قال: اعقِلْها وتوكَّلْ» هذا الحديث الشريف له دلالة واضحة وبرهان قاطع على وجوب الأخذ بالأسباب، والشاهد منه هو الأمر بممارسة السلوك الفعلي بربط الناقة من أرجلها وهو ما كان يفعله رعاة الإبل قديما ويسمى بـ(الإعقال) وهو مصدر اعقل كي لا تهيم الناقة في الأرض الفلاء بسبب تهاون صاحبها الذي أدى إلى هروبها، ولم يستخدم عقله المجازي في تقييدها والفعلي في التحليل والتفكير في العواقب والنتائج المترتبة على ذلك.

وسمي العقل بذلك؛ لأنه الجزء المعنوي الخفي الذي يمتلك أحقية الفهم والإدراك والاستيعاب الذي يتضمن الوعي بالعلم والمعرفة والحكم والتحليل والذاكرة والتصور، وهو غالبا ما يعرف بملكات الإنسان الفكرية.

لذا فإن العقل البشري يملك القدرة على التخيل والتمييز والتقدير وهو المسؤول أيضا عن معالجة المشاعر والانفعالات المؤدية إلى المواقف والسلوكيات وردات الفعل التي نشاهدها بشكل واقعي وملموس.

لا يكفي في تقديرنا للأمور الدينية والدنيوية أن نستخدم فقط إسقاطاتنا الإيمانية بلا عمل يعكس ما نبطنه، وهو بلا شك ضرورة وأولوية وجانب قوي في تعزيز العلاقة بين العبد وربه؛ ولكن ممارسة الإيمان كعقيدة يتطلب أيضا الممارسة الفعلية والسلوكية لترجمة ذلك، بل قد يأتي الجانب العملي قبل المعنوي في الإثبات.

كذلك هو التعامل مع فيروس كورونا الذي يتطلب من الجميع العمل الفعلي بسلوكيات الحذر والتباعد بتطبيق الإجراءات الاحترازية والالتزام بالأعداد التي نصت عليها الجهات المسؤولة عن الصحة والسلامة بتأجيل اللقاءات والاجتماعات والمناسبات في الفطور والسحور وأعمال الخير التي تؤدي إلى التكدس العددي ونتوكل على الحفيظ قولا وعملا ويقينا.

فهلا سمعنا وعقلنا وتوكلنا.

@Yos123Omar