وليد الزامل

التخطيط في مواجهة الكوارث

السبت - 06 فبراير 2021

Sat - 06 Feb 2021

في ظل الارتفاع الطفيف في منحنى الإصابات بفيروس كورونا المستجد «COVID-19»، واصلت الجهات المعنية اتخاذ كافة التدابير الاحترازية للحفاظ على المكتسبات التي تحققت في التصدي لهذه الجائحة. اشتملت هذه التدابير على مجموعة من الإجراءات أو الخطط الاستباقية، التي يمكن أن تمنع تفشي الإصابات على نطاق واسع أو تؤدي إلى كارثة انهيار النظام الصحي.

يصف مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث (UNISDR) الكارثة بأنها «اضطراب خطير في أداء المجتمع يؤدي إلى الخسائر والآثار البشرية والمادية والاقتصادية والبيئية». وغالبا ما يكون هذا التأثير واسع الانتشار ويستمر لفترات زمنية طويلة. فالكارثة خطر طبيعي أو من صنع الإنسان يساهم في التدمير الكلي أو الجزئي للاقتصاد والموارد المادية والبيئة. وتتنوع الكوارث لتشمل الزلازل، والفيضانات، والمجاعات، والأمراض والأوبئة، والحروب. وغالبا ما يتجاوز حجم الكارثة قدرة المجتمعات المحلية على التعامل معها باستخدام مواردها الذاتية، وهو ما يعني الحاجة إلى مساعدة من مصادر خارجية أو التعاون والتنسيق الدولي المشترك.

هناك عديد من العوامل التي تفاقم من حجم الكوارث التي يتعرض لها مجتمع ما، وتتمثل بالآثار السلبية للأنشطة البشرية على البيئة المحيطة، وطرق التعامل مع الأخطار من حيث درجة فهمها ومدى التقيد بإجراءات الوقاية، وأساليب التخطيط والإدارة واتخاذ القرار لمواجهة الكارثة. في الحقيقة، لا يمكن منع الكوارث أو السيطرة عليها بالمطلق، ولكن من الممكن التخفيف من آثارها السلبية باستخدام إدارة الكوارث، والمراقبة البيئية، والتنبؤات المستقبلية بالأخطار، وتحليل المخاطر المحتملة. ويمكن أن يساهم التخطيط في الوقاية من الكوارث وحماية الإنسان من الأخطار عندما تكون هناك إدارة فاعلة للكوارث.

لقد أشار Mark Pelling في كتابه «الكوارث الطبيعية والتنمية في عالم يتحول إلى العولمة» إلى أن الكوارث الطبيعية في العالم تتزايد باطراد منذ عام 1960، نتيجة لزيادة وتيرة التصنيع، والتدهور البيئي، واستهلاك الموارد الطبيعية، وعدم التنبؤ بالكوارث المستقبلية. وعليه، فإن أهم التحديات التي تواجه إدارة الكوارث تتمثل في عدم إدراك العلاقة بين الكوارث والتنمية، كالتغيرات التي صاحبت تكنولوجيا التصنيع وأثرها على البيئة المحيطة، أو استهلاك الموارد بطريقة يمكن أن تساهم في تدمير البيئة الطبيعية.

إن بناء استراتيجيات فعالة لإدارة المخاطر لا يمكن أن يتحقق دون فهم الواقع والموارد المحلية، وتحليل مصادر الضعف، فالتنمية العمرانية يمكن أن تقود إلى تحسين مستويات المعيشة والاقتصاد، ومع ذلك، فإن عدم التوازن في التنمية، والاستهلاك المفرط للموارد الطبيعية رغبة في تحقيق مكاسب اقتصادية سريعة، يمكن أن يؤثرا سلبا على المجتمع والبيئة. نتيجة لذلك، قد تقودنا التنمية في النهاية إلى كارثة في ظل غياب التخطيط لاستدامة الموارد.

إن تخطيط المستوطنات البشرية في مسارات الأودية يمكن أن يؤدي إلى خطر يهدد حياة السكان، وبالمثل فإن القرارات الارتجالية في التخطيط قد تقود إلى كوارث مستقبلية، حيث تضع بعض الجهات مجموعة من القرارات السريعة، وقد تكون (مدرعمة)، عفوا أقصد (مدعمة)، بمجموعة من الأفكار والسياسات الخاطئة أو المبنية على رؤى أحادية. يمكن منع مثل هذه الكوارث في المستقبل عندما تكون هناك إدارة فعالة وحوكمة تستند إلى استقراء المستقبل بشمولية وتتنبأ بالمخاطر.

@waleed_zm