عبدالله قاسم العنزي

البينات بوصفها وسائل إثبات

الاحد - 24 يناير 2021

Sun - 24 Jan 2021

إن اسم كل ما يبين الحق ويظهره يطلق عليه في المصطلح القضائي «البينات» جمع بينة، بمعنى الحجة والدليل الذي يقام أمام القضاء بالطرق التي حددها القانون لإثبات حق أو واقعة ترتب عليها أثر قانوني.

وتحتل البينات كوسائل للإثبات أهمية كبيرة من حيث إنه يتوقف عليها الفصل في الخصومات، ويقع عبء الإثبات في الأصل على عاتق المدعي، ويكتفي المدعى عليه بالإنكار واليمين، تطبيقا لحديث «البينة على من ادعى واليمين على من أنكر».

وقد ينقلب عبء الإثبات فيصير على المدعى عليه، وإذا تقدم المدعى عليه بدفع لدعوى المدعي فعليه إثبات الوقائع التي تؤيد هذا الدفع! مثل: إذا ادعى المدعي دينه عند المدعى عليه فادعى الأخير سداد المبلغ أو جزء منه فعليه البينة على ذلك لأنه صار - في الواقع - مدعيا للبراءة.

وقد حدد نظام المرافعات الشرعية وسائل الإثبات، مثل: الإقرار والكتابة والشهادة والخبرة واليمين والمعاينة والقرائن واستجواب الخصوم، وحتى يتعرف القارئ الكريم على البينات بصورة أكثر تفصيلا، نذكر بعضها في هذا المقال:

أولا: الإثبات بالكتابة، التي تعد أهم وسيلة وأقواها وأكثرها استعمالا، ومتى ثبتت الكتابة وجب الحق لصاحبها، وتأخذ شكل العقد أو الوثيقة أو الصك أو الخطاب، وتسمى في القانون بالأسانيد جمع سند، كما أن الثابت بالكتابة لا يجوز إثبات ما يخالفه إلا بالكتابة.

ثانيا: الإثبات بالشهادة، ويقصد بها إخبار عن ثبوت الحق للغير على الغير في مجلس القضاء، ويشترط في الشاهد أن يكون بالغا عاقلا، وأن لا يكون متهما في شهادته بما يجرُّ بها نفعا لنفسه، لذلك لا تقبل شهادة القريب ولا الشهادة عند وجود خصومة أو عداوة بين الشاهد والمشهود عليه.

ثالثا: الإثبات بالإقرار، وهو سيد الأدلة، ويؤخذ به ويعمل بمقتضاه، ومتى صدر الإقرار مستوفيا شروطه ظهر الحق المتنازع فيه، وألزم المُقر ما أقر به ووجب على القاضي الحكم بموجبه لأن المرء مؤاخذ بإقراره، وتنتهي بعده الدعوى والخصومة بين الطرفين.

رابعا: الإثبات باليمين، وهي تأكيد ثبوت الحق أو نفيه بالحلف أمام القاضي، ويشترط في اليمين أن يكون الحالف بالغا عاقلا مختارا، وأن يكون المدعى عليه منكرا لحق المدعي أو أن يطلب الخصم اليمين من القاضي، فيوجهها القاضي إلى الخصم المنكر وتكون اليمين شخصية تتصل بشخص الحالف مباشرة، ولا تجوز من وكيله أو من ينوب عنه في مجلس القضاء، ويقسمها الفقهاء إلى ثلاث: يمين حاسمة ومتممة واستظهار.

خامسا: الإثبات بالقرائن، وتعد دليلا مستقلا إذا كانت قوية، وتسمى القرينة القاطعة، وقد نصت المادة الـ157 من نظام المرافعات على أنه «لكل من الخصوم أن يثبت ما يخالف القرينة التي استنتجها القاضي..»، وحينئذ تفقد القرينة قيمتها في الإثبات، وتكون دليلا مرجوحا، فلا تقوى على الاستدلال بها، وتعد مجرد شك واحتمال لا يعول عليه، لأنه أثبت خلافها إما بقرينة مساوية لها أو أقوى منها، والمرجع في كل ذلك إلى اقتناع القاضي بالقرينة واستنباط ما يراه أجدر بالاهتمام والتقديم كدليل.

expert_55@