أحمد محمد الألمعي

جودة الحياة النفسية.. واقع أم خيال؟

الأربعاء - 13 يناير 2021

Wed - 13 Jan 2021

أصبحت نوعية الحياة عنصرا مهما في الصحة النفسية، ونظرا لصعوبة علاج عدد من الاضطرابات النفسية المزمنة، يجري التركيز الآن على تحسين نوعية حياة المرضى. بصرف النظر عن الطب النفسي، يستخدم مفهوم جودة الحياة على نطاق واسع لتقييم فعالية علاج الاضطرابات المزمنة.

وتعد دراسة جودة الحياة والرفاهية الشخصية للمريض ظاهرة حديثة، خاصه في العقدين الماضيين. تم تسليط القليل من الاهتمام لعلاج الضعف طويل الأمد والأمراض المزمنة. وعلى العكس من ذلك تم التركيز على العلاج بصورة أكبر. ومع ذلك، فقد تغير هذا الاتجاه، وتحول إلى مفهوم جودة الحياة. الهدف من العلاج الآن هو إعطاء المريض نوعية حياة جيدة، وهذا العنصر يصبح أكثر أهمية في الحالات التي يكون فيها العلاج مستحيلا أو في حالة وجود إعاقات طويلة الأمد بسبب المرض.

في الطب النفسي، عد مفهوم جودة الحياة جانبا مهما ومحوريا من جوانب الصحة العقلية. ومع ذلك، فإن طريقة تقييم الأطباء النفسيين للتجربة الذاتية للفرد قد تغيرت مع صعود وهبوط التحليل النفسي. مع ظهور الأساليب السلوكية المعرفية، أكد الأطباء تأثير بيئة المريض والتقييمات الذاتية للأعراض ومشاكل الحياة، وأصبحت مفاهيم التكيف الاجتماعي ومستوى نشاط الفرد مهمة. ومع زيادة الوعي بالأبعاد المتعددة لنتائج العلاج وأهمية إرضاء المريض في الرعاية الصحية، أصبح بناء «جوده الحياه QOL» مجالا مهما للبحث و الدراسة، وقد تطور المجال أخيرا بشكل كبير، واكتسب مفهوم جودة الحياة (QOL) أهمية خاصة في المجال الطبي في أعقاب الاتجاه التدريجي نحو إضفاء الطابع الإنساني على الأدوية عالية التقنية.

«جودة الحياة» تعنى درجة الرفاهية التي يشعر بها الفرد أو مجموعة من الناس. وعلى العكس من مفهوم مستوى المعيشة، فإن جودة الحياة ليست شيئا ملموسا، ومن ثم لا يمكن قياسها بشكل مباشر وصريح. يتكون المفهوم من مكونين هما: الجسدي والنفسي. تشتمل الجوانب الجسدية على أمور وعناصر مثل الصحة والنظام الغذائي والحماية من الألم والأمراض، يشمل الجانب النفسي التوتر والقلق والمتعة وغيرها من الحالات العاطفية الإيجابية والسلبية.

كانت نوعية حياة المرضى النفسيين مصدر قلق لعدة قرون، الأساس المنطقي الرئيس لتطبيق مفهوم «جودة الحياة» في المجال الطبي هو فهم ما إذا كان علاج معين يخفف الأعراض فقط، أو أنه يحسن الرفاهية الذاتية أيضا.

اقترح العالم Calman كالمان أن جودة الحياه تتأثر بالفرق بين توقعات الفرد والإنجازات الفعلية، بينما اقترح Wood وآخرون أن العودة إلى المستوى السابق من الأداء عامل حاسم، ويشمل ذلك المجالات التالية: الحركة، والرعاية الذاتية، والأنشطة اليومية، والترفيه، والتنشئة الاجتماعية، والنشاط الأسري، وقدرات التأقلم. شيبر Schipper وباحثون آخرون يتفقون على المجالات الأربعة التالية باعتبارها بالغة الأهمية لنوعية الحياة: الوظيفة الجسدية، الحالة النفسية، التفاعل الاجتماعي، الإحساس الجسدي (مثل الألم والغثيان).

وهناك عديد من مؤشرات جودة الحياة الذاتية، مثال على ذلك ارتباط انخفاض القدرة على الأداء اليومي، وزيادة شدة الأعراض الإيجابية والسلبية والاكتئابية بسوء جودة الحياة. إن انخفاض الأعراض وحده غالبا لا يؤدي إلى تحسن واضح محسوس في جودة الحياة، لأن المشكلات الأخرى تظل موجودة، مثل صعوبة إتمام الواجبات والأنشطة اليومية، ومشاكل في التواصل الاجتماعي، والبطالة، وغيرها.

العلم والأبحاث النفسية تتجه إلى تحسين حياة الفرد حتى مع وجود المرض النفسي.

AlmaiAhmad@