علي المطوع

المنظومات الإدارية الفاعلة

الاحد - 06 ديسمبر 2020

Sun - 06 Dec 2020

التجارب تقول إن كل مدير حازم قوي الشخصية يناصبه العداء ضعاف النفوس، ومن سوء التجربة فإن هؤلاء يكونون بالقرب منه، كونهم يستطيعون التلون وفق ما يطلبه المشاهدون، هؤلاء المتلونون يتموضعون ويوضعون في أماكن قريبة جدا من صانع القرار في تلك المنظومة، والقرب عادة يحرم المسؤول تلك الرؤية البانورامية التي تساعده على فهم هؤلاء الأقربين سيرة ومسيرة، قبل غيرهم.

المنظومات الإدارية الكبيرة تحتاج إلى مراجعات إدارية كثيرة، لعل أهمها تحديث الهياكل التنظيمية وتعاهدها بما يتواءم ويتلاءم وسياسات المدير الإدارية وأولوياته في الإصلاح والتغير والتغيير، فالهيكل التنظيمي للمنظومة هو الأساس والإطار الذي يحدد مجال الخدمة، هو بمثابة الهيكل العظمي للمنظومة الإدارية، الذي يكتسي لاحقا كل المهام وروابط الاتصال التي يفترض أن تكون فاعلة بما يخدم المؤسسة ونهجها الخدمي.

بعد تحديث الهيكل التنظيمي، وتعاهد جدواه بين كل فترة وأخرى تأتي خطوة لا تقل أهمية، وهي تحديد طرائق الاتصال وتسهيلها بين أفراد المنظومة وجعلها بعيدة عن البروتوكولات الشكلية التي تستهلك الوقت، وتقتل المبادرات الفاعلة التي يتطلب نجاحها زمنا يسيرا من بداية تكوينها كفكرة حتى تشكلها كأسلوب عمل يفضي إلى إنجاز نوعي كبير، وفي مدة زمنية وجيزة جدا.

في بعض المنظومات تم إدخال وسائل التواصل الاجتماعي، ولعل أهمها خدمة Whats App لتكون بديلة للاجتماعات الشكلية، ويجري من خلالها التواصل بين أفراد المنظومة ورئيسهم لتسريع التوجيهات وضبط التوجهات والبعد عن البيروقراطية وأشكالها العتيقة، التي تستهلك الوقت والجهد دون فائدة تذكر، وهنا يكون التواصل مباشرا وسريعا، يؤتي أكله في صور من الإنجازات المثمرة التي تثبت مدى كفاءة المنظومة وعامليها.

أما المؤشرات التي تقيس الأداء فهي سلاح ذو حدين، كونها قد تأخذ المسؤول إلى اتجاهات خاطئة وصور غير صحيحة، لأنها تعتمد على لعبة الأرقام، وهذه الأرقام تظل أسيرة لمعادلات رياضية يتحكم فيها البعض، وهؤلاء البعض قد يخرجون الأرقام عن مساراتها الطبيعية لتبدو في صورة زاهية تعجب الآخرين وتصل بهم إلى حالة من الرضى الشكلي البعيدة عن الواقع وصوره الحقيقية التي قد تكون مأزومة، لكنها في المقابل -المؤشرات - إن أُحسن توظيفها وعدها وحصرها تصبح آلية مهمة لقياس المنظومة أداء وإنتاجية، مما يسهم في تحسين جوانب القصور وتلافيها مستقبلا.

الإدارة نزاهة قبل أن تكون كفاءة، وكاريزما قبل أن تكون شهادة، ‏وقناعة قبل أن تكون طاعة، الإداري الفذ قبل أن يكون استعدادا وحماسا، يظل صنيعة تجربة المؤسسة الكبرى ومنسوبيها، والإداري السيئ يظل أحد مخرجات تلك التجربة وامتدادا لسلسلة من الإخفاقات لشخصيات سادت ثم بادت، من هنا يجب على كل مدير التعاطي مع واقعه بحرص أكثر وحذر أكبر، وعدم ترك الفرصة لهواة التدليس الذين يأنسون بالقرب وينهلون من مميزاته، ويحملون الآخرين وزر أخطائهم وأخطارهم التي تتجاوز التقصير في أعمالهم، لتحاول النيل من المخلصين وتضخيم زلاتهم عبر الرسائل السلبية التي يجيدون صياغتها وتشكيلها، لتصل إلى صاحب الصلاحية في صور من الوشايات التي توغر صدره، وتجعله أسيرا لقناعات زائفة شكلتها تلك الشلليات التي تؤمن أيمانا لا ينازعه شك ولا ريبة بأن الناجحين في تلك المنظومات مصدر خطر، وأن إقصاءهم مطلب تحتمه مصالحهم الشخصية، التي تكون عادة على حساب المنظومة وأفرادها وخططها وأهدافها.

@alaseery2