معراج الندوي

النوموفوبيا.. رهاب جديد

الأربعاء - 18 نوفمبر 2020

Wed - 18 Nov 2020

ظهرت التكنولوجيا الحديثة في حياتنا اليومية بشكل واسع، وأخذت حيزا كبيرا من أوقاتنا وأثرت بشكل مباشر على الصغير منا والكبير. فلا يكاد بيت من وجود وسائل الاتصالات الحديثة من هاتف أو حاسوب أو محمول، لقد أصبحت التكنولوجية الحديثة وسيلة هامة للعمل والدراسة والاتصال واللهو واللعب، وسد أوقات الفراغ بما، تحويه من وسائل حديثة كالاتصال عبر الانترنت والألعاب الاكترونية والوسائل التعلمية، وأصبح الاستغناء عنها أمرا في غاية الصعوبة.

انتشر في الآونة الأخيرة استخدام الهواتف الذكية بسبب سهولة حملها والتطبيقات الحديثة التي أضيفت لها، والتي لم تكن توجد إلا في الحاسوب الشخصي، فأصبحت تستخدم لتصفح الانترنت وتخزين ونقل البيانات والدخول للبريد الالكتروني، والقيام بالأعمال التجارية واستخدامات أخرى لا يمكن حصرها.

تعد الهواتف الذكية إحدى أدوات العصر التكنولوجي التي دخلت بيوتنا وأثرت في أساليب حياتنا. الهواتف الذكية هي أهم وسائل الاتصالات الحديثة وأكثرها تطورا لما تتمتع به من مزايا كأحجامها المختلفة وتطبيقاتها المتنوعة، على الرغم من مزايا الهواتف الذكية وشعبيتها، إلا أنها يمكن أن توثر سلبا على أنماط حياة الأفراد عندما يصبح الاستخدام مفرطا، ويمكن أن تكون التأثيرات جسدية ونفسية وسلوكية واجتماعية.

برز في السنوات الأخيرة مصطلح جديد يصف حال الإنسان الذي لا يستطيع التخلي عن هاتفه، بل تتشكل لديه حالة من الرهاب تدخله بنوبة من الخوف المفرط بمجرد الانفصال عنه. وهذا المصطلح الجديد يدعى «نوموفوبيا» أي رهاب الانفصال عن الهاتف الذكي.

النوموفوبيا هو اختصار بكلمات (No Mobile Phone Phobia) تعني هذه العبارة الشعور بالخوف من عدم وجود الهاتف الذكي أو الابتعاد عنه لأكثر من يوم واحد، ومن ثم عدم القدرة على الاتصال أو عدم استقبال الاتصالات، كما يصيب هذا الرهاب مدمني استخدام شبكات التواصل الاجتماعي. النوموفوبيا مصطلح جديد يعبر حالة الشخص الذي لا يستطيع الاستغناء عن هاتفه المحمول، ويشعر بخوف مفرط عند الانفصال عنه، ومن الذي أدمن بالهاتف الذكي لا يتحمل انقطاع اتصاله بشبكة الانترنت، وإذا انقطع فقد شعوره واضطرب كالسمك خارج الماء.

ترتبط النوموفوبيا بإدمان استخدام الهواتف، وتخلق مخاوف جديدة عند المستخدمين مثل القلق على نسبة شحن البطارية والخوف من نفادها، أو الخوف من فقدان الشبكة أو انقطاعها. وهذه المخاوف الجديدة التي يتم تطويرها داخل دماغ الإنسان تساهم في زيادة ميله للقلق وتطوير رهاب جديد.

ومن أعراض النوموفوبيا الشعور بالقلق وعدم الراحة والتوتر والعصبية والألم عند الشخص، عندما لا يكون بحوزته هاتفه الذكي أو عندما يكون غير قادر على استخدامه. ومن أعراض الإدمان:

• أن يتفقد الإنسان هاتفه أكثر من ثلاثين مرة يوميا، لأنه يشعر باستحالة الاستغناء عن هاتفه والعيش بدونه.

• يتأكد من شحن البطارية باستمرار ويشعر بالخوف من أن تفوته رسالة أو مكالمة.

• يشعر بالخوف من عدم القدرة على التخلي عن الهاتف حتى في الحمام.

• لا يخرج من البيت ويحب العزلة.

• وضع الهاتف تحت الوسادة أثناء النوم.

• لا يبادر في إقامة العلاقات الطبيعية مع الآخرين.

• يستعجل استقبال المكالمة ولا يصبر على عدم النظر للرسالة الالكترونية.

• يضطرب بلا جدوى إذا رن الهاتف في جيبه.

• يفقد الشعور بما حوله إذا استقبل المكالمة الهاتفية.

إن الأشخاص الذين يعانون من هذا الرهاب يتعاملون مع الهاتف الذكي باعتباره عضوا في جسم الإنسان، وهم الذين يعانون من العزلة الاجتماعية والفشل في إقامة علاقات إنسانية طبيعية مع الآخرين، وذلك لأن العالم الالكتروني يقدم لهم مجالا واسعا لتفريغ مخاوفهم وقلقهم وإقامة علاقات افتراضية، فيصبح هذا العالم الجديد الملاذ الآمن لهم، وهم يهربون من قسوة العالم الواقعي حتى يتجول عالمهم إلى كابوس يهدد حياتهم الاجتماعية والشخصية للخطر.

إن هذا الإدمان على الهواتف الذكية هو مثل الإدمان على المخدرات أو التدخين أو الكحول، لا يشكّل خطرا جسديا فحسب، وإنما يقتل الروابط الاجتماعية بين الأفراد، وإن فقدان الروابط والصلات مع الناس يقود الإنسان إلى الاكتئاب، والاكتئاب مرض نفسي ربما يدفع الإنسان إلى الانتحار.