واقع استراتيجي جديد في الشرق الأوسط
الأحد - 01 نوفمبر 2020
Sun - 01 Nov 2020
تشهد منطقة الشرق الأوسط في الآونة الراهنة تحولات وتغيرات استراتيجية متسارعة، لم تصل إلى منتهاها بعد، ويمكن القول إنها تعيد رسم الخارطة الجيوستراتيجية للمنطقة ككل، حيث أنتجت التطورات الأخيرة التي شهدتها المنطقة، وفي مقدمتها تطبيع العلاقات بين دول عربية - إلى جانب مصر والأردن ـ من جهة وإسرائيل من جهة ثانية، وهناك شواهد وتصريحات رسمية أمريكية تحديدا تؤكد وجود اتفاقات أخرى قادمة، هذه التطورات النوعية الكبرى لا تقتصر على السياسة فحسب، بل إن أكثر ما يميزها أنها انتقلت سريعا إلى شق التعاون الاقتصادي والتكنولوجي والعلمي، وهذا بدوره يشير إلى شبكة علاقات استراتيجية جديدة ستؤثر حتما في خارطة المنطقة بأوجهها وأبعادها وملامحها كافة.
الواضح، بحسب تصريحات رسمية أمريكية صدرت على لسان الرئيس ترمب، أن هناك دولا عربية عدة ستطبع علاقاتها مع إسرائيل خلال الفترة المقبلة، مما يعني أننا بصدد شرق أوسط جديد بالفعل، وأن هناك خارطة تحالفات استراتيجية جديدة بحكم حجم ومستويات وأوجه التعاون الاقتصادي المعلن عنه والمتوقع بين الدول العربية وإسرائيل.
هذا الواقع الذي لا يزال قيد التشكل ينتج بدوره معطيات استراتيجية جديدة، ستسهم من دون شك في إعادة رسم خارطة المنطقة، حيث ستتلاشى مفاهيم وأطر تقليدية وتظهر مفاهيم وأطر جديدة تعبر عن الواقع الاستراتيجي الجديد، وترتيبا على ذلك فإن هناك تحديات جديدة يفرضها هذا الواقع على الدول الإقليمية المعنية، وفي مقدمتها إيران وتركيا، اللتان تعملان بشكل حثيث لفرض مشروعات استعمارية واستغلال لحظة التفكك والاضطراب السائد في النظام الإقليمي العربي، من أجل تكريس شكل جديد من أشكال الهيمنة الاستعمارية في بعض الدول العربية التي كانت فريسة لمخطط الفوضى الذي تفشى في عالمنا العربي منذ عام 2011.
إذا كنا - المراقبين - لا نستطيع التكهن بأن هناك تحالفات عربية إسرائيلية ستنشأ في قادم الأيام، فيمكننا التأكيد أن هناك واقعا استراتيجيا إقليميا جديدا لا يمكن تجاهله من جانب بقية القوى الإقليمية، فإيران على سبيل المثال، التي ظلت تعربد وتصول وتجول في المنطقة العربية منذ توقيع الاتفاق النووي المشؤوم عام 2015، وكذلك تركيا التي استعادت ذاكرة الاستعمار والتدخلات غير المشروعة، لا يمكنهما مواصلة مشروعهما بالحماسة والوتيرة المتسارعة نفسيهما، ليس خوفا من تحالف عربي - إسرائيلي يتصدى لهما، ولكن لأن حسابات الأمن القومي للدولتين لم تعد كما كانت في السابق، حيث كانتا تعمدان إلى نقل الصراعات لأراضي الغير واستخدام الأذرع الطائفية والميليشياوية في تنفيذ المخططات التدخلية، اعتمادا على بيئة إقليمية منقسمة ومفككة، تسهم بشكل قوي في تغذية ميولهما العدائية حيال الجوار العربي.
المؤكد أن ملالي إيران يشعرون بالقلق الشديد الذي تعكسه ردود الأفعال والتصريحات المنفلتة التي تصدر عن قادة النظام والحرس الثوري، بشأن مسألة تطبيع العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل، فلم تكن خطوات الدول العربية الجريئة بشأن كسر حاجز العلاقات مع إسرائيل واردة في التفكير الاستراتيجي الإيراني، فالملالي ظلوا ينظرون لهكذا خطوة باعتبارها مسألة مستبعدة على الأقل خلال المدى المنظور، ولكن مقاربة الإمارات الاستراتيجية وخطوتها الجريئة بالالتفاف على الواقع الإقليمي المأزوم الذي يريد الملالي حشر دول مجلس التعاون فيه، أربكت النظام الإيراني، فقد شكّلت هذه المقاربة واقعا استراتيجيا جديدا، وأسهمت في خلط الأوراق التقليدية التي كان يعتمد عليها النظامان الإيراني والتركي في اختراق دول المنطقة وتحقيق طموحاتهما الاستعمارية
وحطمت تلك المقاربة كذلك كل الأفكار والخطط التقليدية السائدة عن توازنات القوى وأنماط التحالفات القائمة والمحتملة في منطقة الشرق الأوسط، فإسرائيل لم تعد عدوا لكثير من الدول العربية، كما هو الواقع الجديد، وشعارات الملالي والسلطان لم تعد تلقى الرواج الذي ظلت تتمتع به طيلة سنوات فائتة.
البعض يتحدث عن محاور وتحالفات استراتيجية جديدة ستنشأ في ظل هذا الواقع الجديد، ولكني أرى أن الصدام الأساسي سينشأ بين الأهداف والمصالح بل والنوايا، بين قوى الخير والتنمية والسلام في المنطقة من ناحية وقوى الشر والعنف والتدمير والفتن من ناحية أخرى، وهو صدام قد لا ينتج بالضرورة أحلافا أو محاور، ولكنه بالتأكيد يخلق بيئة استراتيجية مواتية للتعاون بين الساعين إلى السلام والاستقرار والأمن، وهو تعاون ربما يفوق في قوته وحتميته أي أطر رسمية للتحالف والتمحور حول صيغ تقليدية، فشعوب المنطقة التي عانت الصراعات والتوترات والتهديدات والتدخلات ستقف حتما إلى جانب السلام والبحث عن الاستقرار وخلق فرص العمل لملايين الشباب العربي المتطلعين إلى غد أفضل.
salemalketbiar@
الواضح، بحسب تصريحات رسمية أمريكية صدرت على لسان الرئيس ترمب، أن هناك دولا عربية عدة ستطبع علاقاتها مع إسرائيل خلال الفترة المقبلة، مما يعني أننا بصدد شرق أوسط جديد بالفعل، وأن هناك خارطة تحالفات استراتيجية جديدة بحكم حجم ومستويات وأوجه التعاون الاقتصادي المعلن عنه والمتوقع بين الدول العربية وإسرائيل.
هذا الواقع الذي لا يزال قيد التشكل ينتج بدوره معطيات استراتيجية جديدة، ستسهم من دون شك في إعادة رسم خارطة المنطقة، حيث ستتلاشى مفاهيم وأطر تقليدية وتظهر مفاهيم وأطر جديدة تعبر عن الواقع الاستراتيجي الجديد، وترتيبا على ذلك فإن هناك تحديات جديدة يفرضها هذا الواقع على الدول الإقليمية المعنية، وفي مقدمتها إيران وتركيا، اللتان تعملان بشكل حثيث لفرض مشروعات استعمارية واستغلال لحظة التفكك والاضطراب السائد في النظام الإقليمي العربي، من أجل تكريس شكل جديد من أشكال الهيمنة الاستعمارية في بعض الدول العربية التي كانت فريسة لمخطط الفوضى الذي تفشى في عالمنا العربي منذ عام 2011.
إذا كنا - المراقبين - لا نستطيع التكهن بأن هناك تحالفات عربية إسرائيلية ستنشأ في قادم الأيام، فيمكننا التأكيد أن هناك واقعا استراتيجيا إقليميا جديدا لا يمكن تجاهله من جانب بقية القوى الإقليمية، فإيران على سبيل المثال، التي ظلت تعربد وتصول وتجول في المنطقة العربية منذ توقيع الاتفاق النووي المشؤوم عام 2015، وكذلك تركيا التي استعادت ذاكرة الاستعمار والتدخلات غير المشروعة، لا يمكنهما مواصلة مشروعهما بالحماسة والوتيرة المتسارعة نفسيهما، ليس خوفا من تحالف عربي - إسرائيلي يتصدى لهما، ولكن لأن حسابات الأمن القومي للدولتين لم تعد كما كانت في السابق، حيث كانتا تعمدان إلى نقل الصراعات لأراضي الغير واستخدام الأذرع الطائفية والميليشياوية في تنفيذ المخططات التدخلية، اعتمادا على بيئة إقليمية منقسمة ومفككة، تسهم بشكل قوي في تغذية ميولهما العدائية حيال الجوار العربي.
المؤكد أن ملالي إيران يشعرون بالقلق الشديد الذي تعكسه ردود الأفعال والتصريحات المنفلتة التي تصدر عن قادة النظام والحرس الثوري، بشأن مسألة تطبيع العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل، فلم تكن خطوات الدول العربية الجريئة بشأن كسر حاجز العلاقات مع إسرائيل واردة في التفكير الاستراتيجي الإيراني، فالملالي ظلوا ينظرون لهكذا خطوة باعتبارها مسألة مستبعدة على الأقل خلال المدى المنظور، ولكن مقاربة الإمارات الاستراتيجية وخطوتها الجريئة بالالتفاف على الواقع الإقليمي المأزوم الذي يريد الملالي حشر دول مجلس التعاون فيه، أربكت النظام الإيراني، فقد شكّلت هذه المقاربة واقعا استراتيجيا جديدا، وأسهمت في خلط الأوراق التقليدية التي كان يعتمد عليها النظامان الإيراني والتركي في اختراق دول المنطقة وتحقيق طموحاتهما الاستعمارية
وحطمت تلك المقاربة كذلك كل الأفكار والخطط التقليدية السائدة عن توازنات القوى وأنماط التحالفات القائمة والمحتملة في منطقة الشرق الأوسط، فإسرائيل لم تعد عدوا لكثير من الدول العربية، كما هو الواقع الجديد، وشعارات الملالي والسلطان لم تعد تلقى الرواج الذي ظلت تتمتع به طيلة سنوات فائتة.
البعض يتحدث عن محاور وتحالفات استراتيجية جديدة ستنشأ في ظل هذا الواقع الجديد، ولكني أرى أن الصدام الأساسي سينشأ بين الأهداف والمصالح بل والنوايا، بين قوى الخير والتنمية والسلام في المنطقة من ناحية وقوى الشر والعنف والتدمير والفتن من ناحية أخرى، وهو صدام قد لا ينتج بالضرورة أحلافا أو محاور، ولكنه بالتأكيد يخلق بيئة استراتيجية مواتية للتعاون بين الساعين إلى السلام والاستقرار والأمن، وهو تعاون ربما يفوق في قوته وحتميته أي أطر رسمية للتحالف والتمحور حول صيغ تقليدية، فشعوب المنطقة التي عانت الصراعات والتوترات والتهديدات والتدخلات ستقف حتما إلى جانب السلام والبحث عن الاستقرار وخلق فرص العمل لملايين الشباب العربي المتطلعين إلى غد أفضل.
salemalketbiar@